صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الهِـلال كَان في حَاجَـةٍ للهَـزيمَة أكثَـر من النّصـر

101

صَـابِنَّهَـا
محمد عبدالماجد

الهِـلال كَان في حَاجَـةٍ للهَـزيمَة أكثَـر من النّصـر

قد نختلف مع ريجيكامب في طريقة إدارته لمباراة الهلال وروتسيرو، وقد تكون حسبته خطأ، لكن بصورة عامة أفضِّل المدرب الشجاع من الجبان، وأرجِّح طريقة المدرب المغامر من طريقة المدرب المتحفظ.. أميل لمدرسة المدرب الذي يجرب، والمدرب المبتكر، من مدرسة المدرب التقليدي، وقد تكون في بعض المرات جرأة المدرب ثمنها باهظاً، ولكل شئ ثمنه، (الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ)، لكن يبقى من حق المدرب وهو يعد فريقه في الدوري الرواندي أن يختبر قدرات فريقه، وأن يُجرِّب ويخطط ويفكر، وهو طبيعي سوف يخطئ ويصيب.. يخسر وينتصر إذا فعل ذلك ـ هذا قد يكون مقبولاً منه في هذه المرحلة، لكن في المباريات الكبيرة لن يُقبل منه ذلك، وحتى في المراحل المتقدمة في الدوري الرواندي سوف يكون ذلك منه مرفوضاً وغير مقبول.
نحن ننظر إلى فريقنا في الوقت الحالي ـ لكن المدرب ينظر لي قدِّام.
هذا لا يعني إعفاء ريجيكامب من الأخطاء التي وقع فيها أثناء المباراة، كل يسأل عن قراراته ويحاسب عليها خاصةً إذا أدت إلى نتائج غير جيدة، وإذا كنا نحاسب المدرب على (جُبنه)، علينا أن نحاسبه على (شجاعته) طالما كانت النتيجة في حالة الجُبن وفي الحالة الشجاعة واحد.. لكن أن تخسر بسبب شجاعتك هذا أفضل ألف مرة من أن تخسر بسبب جبنك.
التهور دليل قوة وثقة، والتحفظ دليل ضعف وخوف.
الأكيد أنّ البطولات تتحقق بالمغامرة وليس بالتحفظ.. لكن يجب أن لا تكون مغامراتنا تهوراً غير مدروس. واضح أن المدير الفني للهلال الروماني ريجيكامب يعتمد على الأسلوب الهجومي بشكل كبير، وقد يكون بشكل مبالغ فيه، فهو قد خاض مباراته أمام روتسيرو بدون لاعب ارتكاز، حيث بدأ ريجيكامب في وسط الهلال بالثلاثي أحمد سالم وكابوري وكول وثلاثتهم أصحاب طابع هجومي، بل يُعتبر أحمد سالم وكول من العناصر الهجومية الصريحة، هذا التواجد الهجومي في الوسط قابله مشاركة ثلاثي هجومي صريح في المقدمة، لا دورٌ دفاعي لهم وهم كوليبالي وجان كلود وصنداي، وهذا يعني أن تشكيلة الهلال كانت 6 عناصر فيها هجومية، أي أن أكثر من 50% من تشكيلة الهلال كانت ذات نزعة هجومية، وتلعب بدون القيام بأدوار دفاعية.
هذه الوضعية إذا شاركت مع خط دفاع متجانس ومتفاهم وأساسي كان يمكن أن تكون مقبولة، لكن هذا السداسي شارك مع أبوعشرين البعيد عن المشاركة إلى جانب عثمان ديوف وفارس وسيمبو وبترويس وهو رباعي لا أعرف كيف جمع بينهم ريجيكامب، فهو يلعب بطرف يمين يساري وأحياناً يلعب بديوف، يمكن أن نضع له العذر في ذلك لأنه لا يملك خيارات في خط الدفاع ولا يملك بدائل كافية، لكن يبقى تثبيت خط الدفاع أمراً مهماً، ونقصد من ذلك أن مشاركة لوزولو وإيبولا كانت سوف تمنح دفاع الهلال شيئاً من التوازن.
غياب لاعب الارتكاز في تشكيلة بهذا الطابع الهجومي أمرٌ كان طبيعياً أن يحدث هزة وخلل، وأن يجعل الضغط على دفاع الهلال كبيراً.. بترويس كان بعيداً عن الوسط، لذلك لا يعتبر لاعب محور.
وزاد الطين بلّه، الطرد الذي تعرض له جان كلود في الدقيقة 31 من عمر المباراة وهذا أمرٌ غريبٌ أن يحدث (طرد) في الهلال للمرة الثانية على التوالي خلال ثلاث مباريات.
جرأة ريجيكامب ظهرت في أنه مع النقص العددي زاد من عناصره الهجومية، حيث أشرك فلمو وماديكي ومازن فضل واكيري وكبه وأخرج كول وكابوري وأحمد سالم وكوليبالي ومازن سيمبو وهذا يعني أن المدرب حتى عناصره التي كانت تلعب في الوسط أخرجها وأشرك عناصر هجومية.. واللاعب الدفاعي الوحيد المستثنى من ذلك هو ماديكي، والغريب هو من سجّل هدف الهلال الوحيد.
الأمر الغريب أن ريجيكامب أخرج سيمبو، وهو المدافع الصريح الوحيد في تشكيلة الهلال وأشرك المهاجم كبه.. كان يمكن أن يخرج ديوف ويترك سيمبو، لأنّ ديوف يلعب تحت ضغط النقد والثقة فيه ليست كبيرة، وأكيد هذا أمرٌ يؤثر على مستواه، لذلك خروجه كان أفضل.
كل هذه الأشياء يمكن أن نجد فيها العذر لمدرب الهلال لأنه يلعب الدوري الرواندي للتجريب ولتجهيز فريقه، وإن كنا نختلف معه في ذلك ونرفض التفريط أو التهاون في الدوري الرواندي.
نحن نلعب في الدوري الرواندي للفوز به ـ تحت كل الظروف وفي كل الأحوال.
يحسب لريجيكامب أنه لعب من أجل النصر وهو منقوص.. هذا شئ يُحسب له.
علينا أن نعلم أنّ مثل هذه العثرات سوف تحدث حتى في الظروف الطبيعية، لا بد أن تتعرّض لمثل هذه الهزيمة حتى وإن قمت بما يجب.. هكذا هي كرة القدم.. في الأوضاع المثالية يمكن أن تخسر.. يمكن أن تفقد لاعباً بسبب الطرد أو الإصابة ويمكن أن يظلمك الحكم فتخسر، يحدث ذلك في مباريات كرة القدم.. ويمكن أن تفعل كل شئ وتخسر.
المهم هو أن يتعلّم ريجيكامب من التجربة فهو محتاج إلى أن يتعلم من ذلك قبل اللاعبين، وإن كانت عناصر الهلال أغلبها صغيرة وتفتقد للخبرة وهي في حاجة أيضاً لمثل هذه التجارب ـ علينا أن نعلم أنهم لن يتعلّموا ولن يستوعبوا الدرس إلا من خلال الخسارة.
الذي يجب أن نتعلمه نحن هو أن نحترم الدوري الرواندي وأن لا نستخف به، فها هو الهلال يخسر فيه فماذا بعد ذلك؟ هذا أهم درس بالنسبة لمن شكّك في الدوري الرواندي وأكد ضعغه.
في مباراة الهلال أمام موكورا، تعرّض لنفس التجربة وطرد اللاعب بترويس من الدقيقة 15، لكن الهلال لم يستوعب الدرس ولم يتعلّم لأنه خرج منتصراً من المباراة.
لاعبو الهلال وجهازهم الفني في حاجة أن يتعلّموا، ولن يكون لهم ذلك إلا إذا تعرّضوا للخسارة.
الأمر الآخر الذي نريد أن نقف عنده هو أن الهلال على ما يبدو يفتقد الانضباط وهذا خللٌ يجب أن يُراجع.
أمام مولودية الجزائري في دوري أبطال أفريقيا فَقدَ الهلال صلاح عادل بسبب تعرُّضه للطرد، وافتقد لاعباً مهما ليس فقط في المباراة ولكن فقدناه كذلك أمام سانت لوبوبو.
وغياب الانضباط أيضاً يظهر في تصرف جان كلود بعد مباراة الهلال والمولودية، والذي بسببه تم إيقافه لثلاث مباريات، وحتى وإن كانت المخالفة التي حدثت من جان كلود لا تستحق ذلك العقاب إلا أن اللاعب قام بتصرف غير مقبول.
جان كلود كأنه لم يكتفِ بذلك، ولم يتعلّم فجاء لينال الكرت الاحمر في مباراة الهلال الأخيرة أمام روتسيرو ليخسر الهلال المباراة بسبب النقص، فقد لعب الهلال منقوصاً منذ الدقيقة 31 من عمر الشوط الأول.
قبل ذلك كان المحترف بترويس قد نال الكرت الأحمر بسبب مخالفة غريبة والهلال يلعب أمام موكورا، حيث لعب الهلال بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 15.
الهلال يلعب في الدوري الرواندي وهو لا يلعب في الدوري الإسباني أو البرازيلي ليتعرّض لكل هذه الكروت الحمراء ـ نادٍ كبير في حجم الهلال وهو يلعب في الدوري الرواندي يفترض أن لا يقع في مثل هذه الأخطاء.
لكن نقول لعل ذلك كله خير، حتى يتعلّم الهلال من هذه الأخطاء وحتى يستفيد من الخسارة.
أحياناً الاستهتار والاستخفاف بالمنافس والدوري كله يؤدي إلى ذلك.
أول شئ يفترض أن يتعلّمه مدرب الهلال الروماني ريجيكامب هو أن الكثرة بتغلب الشجاعة، وأنّ الجرأة الزائدة ثمنها غالٍ.
أما القطاع الرياضي ودائرة الكرة فعليهما أن يعيدا الانضباط للهلال ـ إذا غاب الانضباط والالتزام فلن يحقق الهلال شيئاً ـ حتى الدوري الرواندي سوف نفقده.
أرجو أن يستفيد الهلال من الدرس وأتوقع أن تحدث استفادة كبيرة ـ الحمد لله أن الخسارة حدثت في هذا الوقت ـ وللأمانة نحن في هذا الوقت في حاجة للخسارة أكثر من الانتصار.
حتى لغتنا نحن في الإعلام، جزءٌ من المشكلة، علينا أن لا ننسى أننا جميعاً شركاء في الخسارة، ونحنُ في حاجة للهزيمة حتى لا نرفع اللاعبين إلى عنان السماء، الهزيمة تبقى جميلة إذا كانت سوف تجعلنا نرى عيوبنا ونقلل من حالة الانتفاخ والغرور الذي عشناه.
دائماً أقول إن أي شئ سوف يجعلنا نتواضع ولا نغتر، ونراجع أنفسنا، سوف أرحب به ـ حتى لو كان هذا الشئ هو الهزيمة.
هنالك أمورٌ يجب مراجعتها، الوصول للكمال لن يتم إلا من خلال هذه التجارب، لا بد من أن نخسر ونخفق حتى نتعلّم.
لن تتعلم بالساهل ولن تصنع فريقاً دون أن تتعرّض لمثل هذه الخسائر.
في دوري النخبة الموسم الماضي، عشنا حالة من الزهو بعد الفوز بالدوري الموريتاني، ظننا أنه من السّهل للهلال الفوز بالدوري بكل يُسر، والهلال يلعب أمام أندية نشاطها متوقف، وقد سبق للهلال التأهل من مرحلة المجموعات في البطولة القارية، لذلك كنا نظن أن الهلال لن يعاني في دوري النخبة، لهذا شارك في الدوري بعناصره الوطنية.
فاز الهلال على الميرغني في أولى مبارياته في مرحلة النخبة، ثُـمّ حدث التعثر بعد ذلك فتعادل أمام الأهلي مدني، وجاء بعد ذلك وخسر أمام الأمل. وفقد الكثيرون الأمل في الفوز بالدوري السوداني، خاصة أنّ مباريات المنافسة محدودة ومجمعة ومن دورة واحدة، والمريخ يلعب بعناصره الأجنبية والأساسية.
بعد ذلك تعادل الهلال أمام حي الوادي وأصبح أمل الهلال بالفوز بالدوري ضعيفاً للغاية، فقد كان مهدداً بفقدان المشاركة في دوري أبطال أفريقيا، وتحدث المريخاب فيما بينهم وفي صفحاتهم أنهم سوف يُحوِّلون الهلال إلى بطولة الكونفدرالية، لكن الهلال لأنه فريقٌ كبيرٌ تدارك الموقف وصحّح الوضع، وفاز على المريخ الذي دخل المباراة بفرصتين، فاز بأربعة أهداف نظيفة، وتُوِّج بالدوري والكأس بعد هروب المريخ الذي كان يريد أن يدحرج الهلال إلى الكونفدرالية.
الهلال لا خوف عليه ـ في كثير من الأحيان أقول إنّني أخاف على الهلال من الانتصار، ولا أخاف عليه من الهزيمة.
أخاف على الهلال من أنصاره وليس من خصومه.
الكبار لا خوف عليهم.. هم قادرون للعودة ـ الحمد لله أنّ الهزيمة حدثت الآن.
ريجيكامب قبل غيره محتاج لهذه الهزيمة، ونحنُ في الإعلام الهلالي، والجمهور أيضاً كنا في حاجة لخسارة الهلال.
هذه الهزيمة جاءت في وقتها تماماً، لا أقول لكم مبرراً، ولكن أقول لكم ناقداً، هنالك أخطاءٌ يجب أن تُراجع، وعلينا دائماً أن نبدأ من أنفسنا.
الهزيمة مُــرّة، وهي يجب أن تكون كذلك، لا نريد أن نجمِّلها أو نبررها.
غير إني أعود وأكرر وأقول شخصياً أنا أحب المدرب الجرئ والمغامر، المدرب الذي لا يخاف ولا يخشى شيئاً وريجيكامب كذلك.
علينا أن لا ننسى أن الهلال يفتقد خط دفاعه بالكامل، وعلينا أن لا ننسى أن الهلال يفقد حارسيه الأول والثاني.
غياب عشرة عناصر دولية أمرٌ لا بد أن يؤثر على الهلال ولو كان ذلك من ناحية الانسجام والتفاهم.. لا يوجد فريقٌ في العالم يفقد كل هذا العدد من لاعبيه ولا يخسر أو يفقد أو يتأثر.
لا تنسوا أن الهلال يلعب بدون بدائل ـ هذه ليست أعذاراً، لأننا ندرك أن الهلال بالأسماء الحالية لو وجد التجانس ما بسأل في نادٍ وقادر على الانتصار والفوز، الكرة عندما تكون ليس في أفضل حال، تعاكسك وتعاقبك، وهي في النهاية تمنح من يعطي ويجتهد ويعمل، تعطي من يحترمها ومن تكون جاهزيته أعلى حتى ولو كان هو الأصغر والأضعف.
لن تنتصر مرتين وأنت تلعب بعشرة لاعبين وتفقد عشرة لاعبين من عناصرك الدولية.
لن تمشي معاك كل مرة ـ لا بد أن تعاقب على الأخطاء التي ترتكبها والتي تقع فيها.
في كرة القدم ومبارياتها، عليك أن لا تسقط الهزيمة من حساباتك، سوف تتعرض لها، وهي أمر لا بد منه، عليك أن ترتب أوضاعك على أن الهزيمة جزءٌ من اللعبة، عليك أن تعرف كيف تتعامل مع كل الظروف وكل النتائج.
ما بتمشي معاك انتصارات طوالي حتى لو كنت الأفضل والأقوى، لأن الأفضل والأقوى أيضاً يقع في الأخطاء وأيضاً يخسر.
القوي يخسر بالاستهتار والتهاون وعدم احترام المنافس ـ كل هذه الأشياء حدثت منّا فكيف لا يخسر الهلال؟
إذا لم نحترم المنافس علينا أن نحترم الكرة ومنطقها.
الهزيمة التي يمكن أن تتداركها هي تعتبر هدية من السماء، وهي أكثر نفعاً وفائدة من انتصار يزيد غرورنا.
نفقد ثلاث نقاط، أفضل من أن نفقد بطولة.
نعم عندما تخطئ يجب أن تُعاقب بالهزيمة، وعلينا أن نتقبّل ذلك.
ريجيكامب يستحق النقد وجان كلود، والهلال بصورة عامة يجب أن يُنتقد، لكن يجب أن يكون النقد بنّاءً، نقداً يقدم الدواء، ولا يقدم الداء.
كلكم بتحبوا الهلال، ليس في ذلك شك ـ نصيحة ليكم عندما يخسر الهلال حبوه أكثر، فهذا أفضل علاج وأحسن مبيد للهزيمة.

متاريس
صحِّحوا الأوضاع في المباريات القادمة.
إذا كنت بتلعب كل 72 ساعة مباراة، لا بد أن تقع.
لا بد أن تخسر.
المهم تقف سريعاً.
أنت تفتقد خط دفاعك بالكامل.. أنت تفقد عشرة عناصر دولية.
في كشف الهلال أربعون لاعباً، لا يُعقل أن يكون هذا العدد فيه ثلاثة لاعبين فقط يلعبون كأطراف وهم فارس وإيبولا ولوزولو.. جوباك أصلاً هو ليس طرفاً وكذلك بترويس.
الهلال محتاج إلى لاعبي أطراف ـ يمين وشمال، هذه هي حاجة الهلال الحقيقية.
عندما يغيب إيبولا ولوزولو بحدث خللٌ في الهلال، لذلك المدرب يخشى عليهم من الإرهاق والإصابات وهو لا يشركهما بصورة مستمرة للحفاظ عليهما.

ترس أخير: هزيمَـة في وقتها تمَـاماً.. وإن لم يكن الدّواء في موعِـده فلا ينفَـع.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.