من أسوار الملاعب
حسين جلال
واقعية ومنطقية حسام منحت الفراعنة نقاط البافانا كاملة
لم يكن أمام المدير الفني للمنتخب المصري حسام حسن خيارٌ أفضل من الاعتماد على دفاع المنطقة الكامل أمام منتخب جنوب إفريقيا، صاحب المهارات العالية والاعتماد على التمريرات القصيرة، واستغلال المساحات خلف المدافعين عبر الأطراف. تعامل حسام حسن بواقعية كبيرة، ولم يغامر كثيراً، فجاءت اختياراته دقيقة، خاصة في الخطوط الخلفية، لخلق التوازن والانضباط التكتيكي.
أقحم حسام حسن رامي ربيعة إلى جانب ياسر إبراهيم، وأبقى حسام عبد المجيد على دكة البدلاء، مستفيداً من الانسجام الكبير بين ربيعة وياسر إبراهيم خلال السنوات الخمس الماضية مع النادي الأهلي، على عكس ما حدث في مباراة زيمبابوي. وشكّل الخط الخلفي، المكوّن من رامي ربيعة وياسر إبراهيم، ترسانة دفاعية صلبة، بدعم من محمد حمدي في الجهة اليسرى، ومحمد هاني في الجهة اليمنى، إلى جانب الدور المحوري لحمدي فتحي ومروان عطية في مركزي الارتكاز (6 و7)، حيث أسهموا بوضوح في شلّ حركة لاعبي جنوب إفريقيا الذين يعتمدون على البناء من العمق والأطراف بالتمريرات القصيرة.
وضغط ثلاثي المقدمة، تريزيغيه، عمر مرموش، ومحمد صلاح، من أعلى نقطة، ما أربك عملية البناء من الخلف لدى منتخب البافانا، وأجبرهم على اللجوء للتمريرات الطويلة. واعتمد حسام حسن على التوازن الدفاعي والتحولات السريعة، مستفيداً من مهارات مرموش وتريزيغيه وتوغلات صلاح في العمق الهجومي.
كان لإغلاق المساحات وتقارب الخطوط والانسجام الكبير في المناطق الدفاعية ووسط الميدان دورٌ حاسم في تسجيل هدف التقدم، الذي جاء عن طريق محمد صلاح من علامة الجزاء، إثر الخطأ الجسيم الذي ارتكبه مادوا داخل المنطقة المحرمة.
وجاء الامتحان الأصعب لحسام حسن في الدقائق الأخيرة من الشوط الأول، بعد طرد الظهير الأيمن محمد هاني بالبطاقة الحمراء، ما أجبره على اللعب منقوصاً. وعلى الفور، غيّر المدرب التنظيم وأسلوب اللعب من 4-2-3-1 إلى 5-3-1، مع تعزيز الخط الخلفي بثلاثة قلوب دفاع، بوجود رامي ربيعة وياسر إبراهيم، وعودة حمدي فتحي من مركز الارتكاز لمساندة الدفاع، إلى جانب خروج عمر مرموش وإقحام إمام عاشور في الطرف الأيمن.
كما أجرى حسام حسن تغييرات تكتيكية إضافية بخروج تريزيغيه وصلاح، والدفع بمهند لاشين ومحمد شحاتة، لتعزيز النواحي الدفاعية. هذا النهج الدفاعي البحت منح منتخب جنوب إفريقيا مساحات كبيرة في العمق والأطراف، فشنّ لاعبوه هجمات متواصلة، تألق خلالها الخط الخلفي المصري بالكامل، وبرز الحارس محمد الشناوي في التقاط معظم الكرات الهوائية، إضافة إلى التصدي لمحاولات الاختراق عبر الجناحين موداو وموديبا.
ورغم الضغط المستمر من الأطراف وعمق الملعب، عجز منتخب جنوب إفريقيا عن الوصول إلى شباك الشناوي، بسبب الروح القتالية العالية، والتنظيم الدفاعي المحكم، وإغلاق المساحات بفعالية كبيرة، ما صعّب الوصول إلى مرمى الفراعنة بصورة حاسمة.
قد تصيب هذه الاستراتيجية الهدف الذي يسعى إليه حسام حسن بالوصول إلى مراحل متقدمة، وربما التتويج بالبطولة الإفريقية للمرة الثامنة في تاريخ الكرة المصرية. غير أن هذه المنظومة الدفاعية قد تُخيّب الآمال أمام منتخبات تمتلك حلولاً فردية متعددة، وقدرة على التسجيل من خارج المنطقة، وهنا سيكون لزاماً على المدير الفني المصري تعديل قناعاته الدفاعية، والتحول إلى الهجوم المنظم، حتى لا تنكشف المساحات خلف الخطوط.
الأيام القادمة وحدها ستكشف ما إذا كانت هذه الواقعية التكتيكية كافية، أم أن الأدوار الإقصائية في كأس الأمم الإفريقية بالمغرب 2025 ستفرض على حسام حسن تغيير النهج…
والسؤال الأهم: هل ستتوقف الانتقادات، أم ستتجدد مع تعقّد المنافسة؟



