صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

اقرأ قبل الحذف!!

138

صَـابِنَّهَا
محمد عبد الماجد

اقرأ قبل الحذف!!

للإمام الصادق المهدي رحمة الله عليه كتاب اسمه (الفكاهة ليست عبثاً)، ملئٌ بالمواعظ والطرائف والنوادر السياسية، جاء فيه (الرئيس الأمريكي فورد كان مشهوراً بأنه لا يستطيع معالجة أمرين في الوقت نفسه حتى إنه مرة زلت قدماه في سلم الطائرة لأنه كان يجب عليه نزول الطائرة وتحية المُستقبلين في ذات الوقت. وكان الناس في أمريكا يقولون تندراً من هذه الخاصية إنه لا يستطيع أن يمشي ويمضغ لبانة في الوقت ذاته).
يبدو أن التعثر في سلم الطائرة عند رؤساء أمريكا، تقاليد وعادات وجينات.
كان بايدن الرئيس الأمريكي السابق يفعل نفس الشئ، فهو عنده قُـدرة فَـائقة على التعثر، إذ يستطيع بايدن أن يتعثر في اللحظة الواحدة عشر مرات، فهو يتعثر في تعثره، وكان الشئ الوحيد الذي يجيده هو تعثره فيسهر الخلق من جراء ذلك ويختصموا.
ونقيض هذا تماماً، كتب الأديب السوداني معاوية محمد نور في ثلاثينيات القرن الماضي: (يحكى عن نابليون أنه كان آية في القدرة على حصر عقله وانتباهه فهو حيناً يتكلم عن الفن الحربي، حتى إذا ما سألته عن موضوع آخر ترك هذا وابتدأ كالسيل الجارف في الحديث الجديد، فلقد كانت عنده (أدراج عقلية) يسحب منها ما يريد ويترك ما يريد).
الرئيس الأمريكي الحالي رونالد ترمب هو مثال لسائق الركشة الذي يتفق معك على أجرة معينة لمشوار محدد ونقطة معلومة البداية والنهاية، حتى إذا وصل بك إلى مبتغاك، بدت عليه علامات التضجُّر والغضب وهو يفصح عن ذلك ويبيِّن ويقول لك إنّ المشوار بعيد وإنّه لم يكن يتوقّـع أن يكون بهذا البُعد، وإنّه اضطر مُجبراً لأن يمشي في شوارع كعبة وأن يدخل الطين فتضطر أنت مُجبراً أيضاً على أن تزيده في الأجرة فوق الاتفاق الذي كان بينكما قبل بداية المشوار. وهذه زيادة تحدث مع كل مشوار.
عندما أشاهد بعض الرؤساء وترمب في مقدمتهم، أقول إنّ مواصفات الرئيس في هذا العهد ليست صعبة، لا تحتاج إلى أكثر من صبغة شعر وديوان شعر لا تقرأ منه بيتاً وعلبة فازلين.
علبة الفازلين دخلها شنو؟
يمكن بهذه المؤهلات أن تصبح رئيساً، وقد تكون رئيساً لأقوى دولة في العالم الآن (الولايات المتحدة الأمريكية)، فتدير العالم كله من نافذة مكتبك الخلفي، وعندما تنفخ دخان غليونك تنفخ أمريكا اللاتينية بمحيطاتها، وعندما تضرب بيدك على تربيزة مكتبك تضرب أفريقيا كلها، وعندما تشعر بوجع رأس تتوجّـع آسيا بأكملها.
ترمب إذا دخل في حرب عاوز حقه، وإذا دعا للسلام عاوز حقه، وإذا تحدث عاوز حقه، وإذا سكت عاوز حقه، وإذا ضحك عاوز حقه، وإذا كشّر عاوز حقه (مضاعف).
ترمب إذا شرب قهوة على الريح عاوز حقه، وإذا كانت قهوة مظبوطة عاوز حقه، وإذا شربها بزيادة سكر عاوز حقه، وإذا لم يشربها بسكر أيضاً عاوز حقه.. هذا الرئيس يبدو أنه (كاشير) متطور.
ترمب إذا لبس ربطة عنق حمراء عاوز حقه، لأن في ذلك اللون دلالات معينة، وإذا لبسها زرقاء برضو عاوز حقه، لأن في اللون كذلك إشارات ورسائل، الغريب أنه إذا لم يلبسها نهائياً فهو كذلك عاوز حقه من دول العالم الثالث تحديداً.
كل هذه الحقوق والفواتير يدفعها العرب تارةً بصورة مباشرة، وتارةً برفع أمريكا يدها عن الدعم الذي تقدمه لبعض الدول، فتجعلها بذلك الدعم ذليلة ومكسورة ولا قوة لها.
الدول العربية الغنية تدعم أمريكا بالنفط والغاز والذهب والودائع البنكية والتعاقد مع الشركات الأمريكية للعمل في المنطقة، بينما تدعم أمريكا تلك الدول بالرضاء منها أو السكوت عنها.. أمريكا تدعم تلك الدول بالسلاح والكيماويات والوعود.
حكومات الدول العربية وسلطاتها كلها دخلت بيت الطاعة الأمريكي ـ البيت الأبيض، فهي حكومات مطيعة جداً.
الله سبحانه وتعالى قال: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (60) الأنفال. لم يطالب سبحانه وتعالى وجلال قدره أكثر من أن تعدوا، يطلب الاستعداد وفي ذلك لا يكلفنا فوق (الاستطاعة) ـ (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم)، لنرهب عدو الله وعدونا وآخرين من دونهم لا نعلمهم.. نرهب كل هؤلاء الأعداء من نعلمهم ومن لا نعلمهم، فقط بما استطعنا والرهبة أقصى غاية الخوف.
ليس مطلوباً منّا أكثر من ما هو في استطاعتنا، فلا تتنازلوا وتسعوا إلى ما هو فوق ذلك.
نحن قوّتنا في إيماننا وفي أخلاقنا وفي إسلامنا وفي تقاليدنا وأدبنا، لذلك ذكر في الآية الكريمة (رباط الخيل)، وهي تشير إلى العتاد الحربي، المادي والمعنوي وفي ذلك إشارة إلى تاريخنا وتراثنا وأخلاقنا، لأن في الخيل عزة وشجاعة وقناعة وتراثاً، إلى جانب القوة والجبرة، لماذا نلهث وراء طائرات أمريكا وصواريخها وأسلحتها الكيماوية وهي كل أسلحتها تضعف الصفات الشخصية والأخلاق الرفيعة من شجاعة ومروءة ومعروف.. قوتنا في (رباط الخيل)، لأنّ تلك القوة مرتبطة بالشجاعة والرجولة والأخلاق.
قوّتنا في تسامحنا وفي عفونا وفي أن نجادل بالتي هي أحسن وفي أولئك الذين قال عنهم سبحانه وتعالى:
(أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54) وإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) القصص. قوتنا في إصلاحنا وفي ديننا الذي كلما ابتعدنا عنه زدنا ضعفاً.
أمريكا تصنع الأزمة لتكون هي الحل، وتصنع المرض لأن الدواء منها، وتوقد الحرب حتى تبتز بالسلام.. في الحرب تبيع أسلحتها وفي السلام توقع عقود شركاتها للبناء والتعمير كما فعلت في العراق.
الغريب أن أمريكا هي التي دمّرت العراق، وهي التي وقعت عقود بنائها من جديد، رغم أن الذي تدمر في العراق هو التراث والتاريخ، أشياء لا تستطيع الشركات الأمريكية إعادة تأهيلها.
أمريكا أو العالم الغربي أو الأول كما يقال حولنا إلى مستهلكين.. مجرد متفرجين تتربح الشركات الأمريكية حتى من تعليقاتنا التافهة على مواقع التواصل الاجتماعي، تتكسّب حتى من أي (لايك) ويعود لها ربحاً من ذلك ونحن نضيّع الوقت بل العمر في ذلك اللهو.
من المشاهد المتكررة، أنّ أحدهم كاد أن يموت بسبب طلق ناري أصابه في صدره.. الرصاصة التي أخرجت من صدره كانت رصاصة أمريكية، والأدوية والأجهزة التي أنقذت هذا المصاب أيضاً كانت أمريكية، المؤسف أن الطبيب الذي أجرى العملية كان سوداني الأصل، لكن كان أمريكي الجنسية. قال لهم بعد أن خرج من غرفة العمليات، أفضل أن تسفروه للخارج لأنّ فرصة علاجه وشفائه هنا ضعيفة.
نحن مطلوبٌ منّا أن نتعلم اللغة الإنجليزية، وأن نتحدث بها دلالة على تحضرنا وتقدمنا، مطلوبٌ نكتنز (الدولار) عشان نعيش، ونغتني جوالاً أمريكياً حديثاً، ونلبس الجينز، ونأكل الكنتاكي، نحن بنحلم باللوتري وقمة طموحاتنا أن نحصل على الجواز الأمريكي ـ أقلاه نسافر الخليج (نفارق ضفة النيلين) ونضع صورة المقرن في (البروفايل) ونكتفي بهذا القدر من الوطنية.. ثم نقعد نحكي عن ذكرياتنا وكل ما يجيبوا لينا سيرة الوطن نقعد نبكي ونقول الغربة صعبة، الغربة مُـرّة، وأول ما ترجع للسودان تقول والله البلد دي لا بتتقعد ولا حاجة.. ممكن نحكي عن السودان ونعيش في ذكرياته وندفق حنين وغنا، لكن نعيش فيه ونحيا واقعه لا.
السودان جميل في الاغاني.. بديع في الذكريات والصور القديمة، لكنه في الواقع البعوض والذباب بسيطر على المشهد.. أغرب شئ أن النهار لم يعد يطرد البعوض، كما أن الليل لا يمنع الذباب من تطفله على الموائد والصحون والصواني.
إذا نظرت إلى أمريكا من جانب آخر، فإنّ هذا البعوض والذباب الذي نتضرر منه هم وحدهم المستفيدون منه لأنهم يصنعون مبيده.. ونحن نشتري ذلك المبيد بالعملة الصعبة.
هذه الأمراض التي تنتشر في بلادنا من سرطانات وحميات وضغط وسكري هم وحدهم الذين يتكسبون منها رغم أنها تميتنا لأنهم هم من يصنعون دواءها.
حتى هذه الحرب هم يصنعون أسلحتها، دمار أي مؤسسة أو مقتل أي مواطن هو دليل قاطع لنجاح أسلحتهم.
لا يهم أن نفشل نحن أو نموت.. المهم أن تنجح أسلحتهم ولو كان ذلك على حساب وطننا وأجسادنا وأرواحنا.
رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، منه يمكن أن تخرج بأعظم المكاسب في الدنيا والآخرة، فهو شهر الصيام وشهر القيام.. الشهر الذي أنزل فيه القرآن، والشهر الذي توجد فيه ليلة خير من ألف شهر. هذا الشهر العظيم بكل هذه الخصائص، تتحدث عنه الفضائيات العربية على أنه شهر (الفرجة)، الفرجة فيمَ؟ الفرجة في المسلسلات العربية وبرامج المقالب وملاهي الرقص والتعري.
قال لي صديقي المقرب إنه قرّر هذا العام أن لا يتابع المسلسلات العربية، أفرحني بقوله هذا، ولكن أضاف، قررت أن اكتفي بتسعة مسلسلات فقط، وهذا يعني أنه يضيِّع في كل ليلة مباركة من شهر رمضان تسع ساعات بما في ذلك ليلة هي أفضل من ألف شهر ـ انظروا لحساب الساعة، بل الدقيقة، بل اللحظة في هذه الليلة. ليلة بألف شهر يعني ليلة تساوي 30 ألف يوم وإذا اعتبرنا أن الليلة 12 ساعة فذلك يعني أن 12 ساعة في تلك الليلة تساوي 720000 ساعة، الساعة الواحدة تساوي في تلك الليلة 6000 ساعة، وبما أنّ صديقي يشاهد 9 مسلسلات في الليلة الواحدة فذلك يعني أنه يضيع على نفسه 54000 ساعة. أي يضيع على نفسه 2250 يوماً في ليلة واحدة، وهي الليلة التي قال عنها سبحانه وتعالى (خير من ألف شهر).
إذا كنت تلهو وتشاهد 9 ساعات في ليلة القدر فذلك يعني أنك تضيع من عمرك 75 شهراً، أي أكثر من 6 سنوات تهدرها في متابعة المسلسلات إن كان هذا دأبك في ليالي رمضان.
أتمنى أن أكون حسبتها صاح ـ لأنّ الأرقام كترت عليّ، كما أنّ المُفاجأة في إضاعة هذا الوقت الغالي صدمتني.. أضف إلى ذلك ما نضيِّعه في مواقع التواصل الاجتماعي وهذا يعني أننا نضيِّع العمر كله، بل قد نكون مطالبين ومدينين عمراً أضاف، إذا أضعنا الليلة التي هي أفضل من ألف شهر وهذا أكيد، لأنّ تلك الليلة تعادل 83 سنة و3 شهور و3 أيام و3 ساعات وهي أعلى من معدل اعمار أمة محمد بأكثر من عشرين سنة.. أتحدّث عن ليلة في رمضان واحد، كيف هو الحال إذا أضعنا تلك الليلة في 10 رمضانات، ذلك يعني أنّنا نضيع أكثر من 832 سنة و7 شهور ويوم واحد و6 ساعات.
يا للهول!! هل ندرك قيمة الوقت الذي نضيِّعه في مسلسلات رمضان والفيس والواتس.
سبحانك إني كنت من الظالمين.
ما عاوز أحسبها ليكم أكتر من كدا، عشان ما أعمل ليكم (نفسيات).. أنا بكتب وشريك معكم في الذنب. الحال من بعضه.
مؤسف والله والقرآن الكريم يحدثنا عن ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن، ويحدثنا عن ليلة أفضل من ألف شهر، ونتحدث نحن في رمضان عن أفضل مسلسل وأفضل برنامج وأفضل هدف وأفضل لاعب وأفضل ممثل وأفضل ممثلة.
يا للعار أن تتنزل الملائكة بالنور والرحمة والسلام على الأرض من فوق سبع سماوات فتجدنا نتابع في المسلسلات والواتس والفيس.
علماً بأنّ الذي يضيِّع تلك الساعات سهراً في الليل يعوضها في النهار بالنوم، وقد يساهر المرء من أجل أن ينعم بالنوم في النهار فيمضي نهار صومه نائماً.
في ناس بنوموا بعد أن تشرق وبصحوا قبل الإفطار بساعة أو ساعتين وبعتبروا ذلك فلاحة.
المعنى قدروا لرمضان وعرفوا ليه.
أمريكا صنعت لنا في دنيانا ما يلهينا عن آخرتنا.
كان الصحابة الكرام عندما يخرجوا من رمضان يسألوا الله أن يبلغهم رمضان القادم لأنهم يعرفون خيرات ذلك الشهر ومنافعه، التي نحسبها نحن للأسف مسلسلات عربية.
وكان الصحابة عندما يشتد عليهم الحَر في رمضان يجدوا في ذلك لذة لأنّ الأجر سوف يكون أعظم.
نحن لو في زول فتح باب الغرفة، بنقول الليلة المكيّف دا مالو سخّن كدا؟ ومرات نقول: إنتوا المكيّف دا الليلة ما شغّال؟
نحن مدمنو مسلسلات عربية وبرامج مقالب، مدمنو الدوري الإنجليزي والدوري الإسباني ومن لم يستطع إلى ذلك سبيلا، فالدوري السعودي يقدم لك الدوري الإنجليزي والإسباني من الأرشيف أو من الأمس مع كلمة (مباشر) التي توجد أعلى الشاشة، إنّهم يقدمون في السعودية الدوريات الأوروبية مع مراعاة فروق الوقت.. الدوري السعودي (جمع تأخير) للدوريين الإنجليزي والإسباني.
كنت أشاهد رونالدو يافعاً تحت العشرين في الدوري الإنجليزي، ثم شاهدته بعد ذلك فوق العشرين في الدوري الإسباني، والآن أشاهده في الدوري السعودي على مقربة من الأربعين بمقابل فلكي لم يأخذه في الدوريين الإنجليزي والإسباني مجتمعين.
على أن أتوقّف هنا ـ حتى لا أضيِّع عليكم وقتكم.
…..
متاريس
والله ما عاوز أقول حاجة تانية… كفاية كدا.
…..
ترس أخير: الهلال برجع ليكم ليه.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد