* من يسلط الضوء على كل اللوائح والقوانين التي يضعها الاتحاد الدولي لكرة القدم، والتعديلات التي يجريها بين كل فينة وأخرى، والمقترحات التي تقدم لفرض ضوابط جديدة، يجد فيها تركيزاً كبيراً على مسألة (الضبط المالي) بحيث تكون (منصرفات) كل نادٍ متوافقة مع (موارده)، مع الإشارة لأن هنالك مقترحاً يتوقع أن يتم إجازته مطلع العام القادم يقضي بمنح أي لاعب كرة قدم محترف حق فسخ عقده من ناديه من طرف واحد حال لم يحصل على راتبه لمدة شهرين.
* وعندما اتجه الاتحاد الدولي لسن تلك القوانين ووضع تلك الضوابط، فإنه لم يرغب بكل تأكيد في تقزيم طموحات الأندية أو قتل روح ورغبة الظفر بالبطولات فيها، بل أراد حماية الأندية من غول (الديون) الذي قذف بعدد ليس بالقليل منها لمزبلة التاريخ ومن بينها أندية عريقة وكبيرة، وتسبب في متاعب ومعاناة شديدة لأندية أخري عريقة، وبات بمثابة خطر حقيقي يهدد كرة القدم بسبب سياسة الصرف غير المحسوب الذي لا يتناسب مع واقع الأندية ومواردها ومصادر دخلها وتمويلها، كما أن الاتحاد الدولي عندما منح اللاعبين المحترفين حق فسخ تعاقداتهم مع أنديتهم حال تأخر رواتبهم لم يرغب بلا شك في تقزيم طموحات الأندية ووضعها تحت رحمة اللاعبين بل أراد أن يصل بالأندية لقدر متقدم من النظام والقدرة على التخطيط والاستقرار الذي يتطلب دراسة أي خطوة جيداً قبل الإقدام عليها.
* والمؤكد أن تلك الضوابط والتشريعات وضعت لتساعد على تطوير كرة القدم ولم توضع لتدميرها، ووضعت كذلك لمساعدة الأندية على التقدم والتطور وبلوغ أعلي مراتب النجاح وليس لالحاق الضرر بها أو تقزيم طموحاتها، ما يعني أن وضع تلك الضوابط واللوائح كان بمثابة منهاج للسير عليه ومرجعية لمعرفة الفعل الصحيح من الخاطئ في كل خطوة نرغب في أن نخطوها، ولتحديد معالم الطريق السليم والأنسب الذي ينبغي السير فيه إن أردنا بلوغ النجاح.
* فالنجاح يحتاج إلى استقرار مالي، والاستقرار المالي يتحقق بضبط الصرف بما يتناسب مع موارد النادي ومداخيله ووضعه الاقتصادي الذي يرتبط عادة بالوضع الاقتصادي للبلد بصورة عامة، فعندما يقدم نادي بلا موارد وفي بلد اقتصادها منهار للحد البعيد، وسعر الصرف فيها يصل لأرقام فلكية ويصعد بسرعة الصاروخ يوماً تلو الآخر، عندما يندفع وراء التعاقد مع الأجانب من لاعبين ومدربين دون أن تكون له مصادر دخل ثابتة، فإن النتيجة (المستقبلية) ستكون (ديون تهدد النادي بالفناء أو الهبوط لدرجات دنيا)، وحتى النتيجة (الآنية) تكون تهديداً للاستقرار لأن المدرب الأجنبي يمكن أن يرحل في أي وقت وقبل إكمال فترته حال لم يحصل على مستحقاته بصورة منتظمة، واللاعب يمكن أن يفعل الأمر نفسه بالإصرار على فسخ عقده أو الهروب والبقاء في بلاده لفترة طويلة، وعلى أفضل الفروض يبقى مع تدهور مستواه حال لم يحصل على مستحقاته بصورة منتظمة، ما يعني أن الاستقرار في كل الأحوال لن يكون متوفراً وبالتالي تبقى فرص النجاح وتحقيق (الطموحات) منعدمة في ظل عدم توفر الاستقرار، مع الإشارة لأن الإداري نفسه الذي يندفع في الصرف متجاهلاً أزمة الموارد والواقع الاقتصادي المنهار سيبتعد عاجلاً أم أجلاً لأنه لن يستطيع تحمل مسئولية الصرف لفترة طويلة في ظل الأوضاع الحالية التي وصل فيها الدولار لأرقام فلكية ما يعني أن تلك السياسة تهدم الاستقرار الإداري نفسه وبالتالي تهدم استقرار النادي على كافة الأصعدة.
* خلال الفترة الفائتة كتبت عدة مقالات توضح رؤيتي بشأن تعاقد المريخ مع لاعبين أجانب، وأشرت لأن أولوية الأحمر (في الفترة الحالية) ينبغي أن تكون تسوية كافة ديونه سواء التي وصلت للفيفا وصدرت فيها أحكام أو التي وصلت وما زالت في طور التقاضي أو التي يمكن أن تصل في الفترة القادمة، ولإنجاز هذا الأمر؛ ولأننا نتابع حالياً نتائج وحصاد سياسة الاندفاع في تعاقدات الأجانب، فإننا مطالبون كما أشرت من قبل بالتعلم من التجارب والاستفادة من الدروس لعدم تكرار الأخطاء، وبالتالي الأفضل من وجهة نظري عدم التعاقد مع أي لاعب أجنبي جديد في الموسم الحالي على الأقل والإكتفاء فقط بتجديد تعاقد الحارس جمال سالم لتأمين مركز حساس للغاية وهو حراسة المرمي، وحديثي هذا لا يعني بأي حال من الأحوال تقزيم للطموحات، لأن تلك الطموحات لا تتحقق كما أشرت بالإندفاع غير المحسوب في مسألة التعاقدات بقدر ما تحتاج إلى استقرار مالي يبدأ من نقطة حل الديون، وتحتاج إلى استقرار فني واستقرار إداري وكلاهما يقومان على الاستقرار المالي، ولكي يستقر النادي مالياً ينبغي أن يتخلص من الديون ويضبط مسألة الصرف بحيث يكون قادراً علي صرف مستحقات جهازه الفني ولاعبيه بانتظام ودون تأخير ليتفادي المشاكل التي تؤدي لرحيل المدربين واللاعبين الأجانب وتمرد الوطنيين واستقالات الإدارات وبالتالي يتوفر البند الأول والأهم في رحلة البحث على النجاح وهو (الاستقرار).