صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الحَمْلَة عَلَى فلورَان.. خالد عزالدين نُموذجاً!!

51

صَـابِنَّهَـا
محمد عبد الماجد

الحَمْلَة عَلَى فلورَان.. خالد عزالدين نُموذجاً!!

الإعلام أحياناً يُشوِّه الإنجازات، ويُظهر المكاسب على أنّها خسائر، يمتلكون قُدرة هائلة في فعل ذلك (ما بترمش ليهم عين).. بعد تعادل الهلال أمام نواذيبو وأنا أبحث عن العشم والأمل، لأنه يؤدي إلى الهدف والغاية، تتبّعت بعض الصفحات والكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي، كنت أتخيّلهم يتحدّثون عن صدارة الهلال، وله مباراتان إضافيتان أكثر من المُنافسين، تخيّلتهم يُشيدون ويتغزّلون في الهلال، فوجدتهم يقلبون الصورة ويُوجِّهون سهامهم على فلوران.
في هذه الحياة إذا أُتيحت لك فرصة للفرح أفرح، لأنّ القادم يمكن أن يكون أسوأ.
الدخول للفرح لا يتم إلّا عبر بوّابة الفرح، ما في فرح بدخلوا ليه من نافذة الحزن.
ناس تبحث عن الغم حتى مع الإنجازات والانتصارات.. ديل إنتوا كدا، طيِّب ناس المريخ يعملوا شنو؟
صابرين.. وساكتين.. وفرحانين!!
إذا أخطأ الحكم وطرد فلوران (الهادئ)، يتركون الحكم ويُهاجمون فلوران، بل ويُهلِّلون لذلك ويفرحون.
اللعنة عليك!!
إذا شارك إيمي، أين روفا يا فلوران؟
روفا وين؟
إذا شارك روفا، لماذا لا يشرك فلوران إيمي؟
أين إيمي يا فلوران؟
تَبّـاً لك!!
وهكذا دواليك.
ثكلتك أمّـك!!
والناس تشيل وتصدِّق.. أنا ما عارف دي مسكنة واللا الناس بقت بتحب تمشي بالتنويم المغنطيسي؟ ليه في ناس تُساق هكذا، لا بتهش ولا بتنش.
الكلام دا ما في الرياضة بس ـ الكلام في السياسة أيضاً.
بالمُناسبة أنا لا أكتب في السِّياسة هذه الأيام، احتراماً للمنابر الرياضية التي أكتب فيها.
لكن والله في ناس بقولوا في كلام أو بعملوا في حاجات تضحك. والله في صحفيين عاوزين رش بس.
نواذيبو الذي يلعب في بلاده ودوريه والذي يبحث عن الفوز بالدوري الموريتاني للمرة الثامنة على التوالي، كان انتصاره على الهلال يمنحه اللقب، لقب عديل ما شرفي زي لقب الهلال، بكل هذه الدوافع والرغبة، فشل نواذيبو في الفوز على الهلال، وحافظ الأخير على صدارته للدوري الذي يلعب فيه غَــريباً.
الغريبة ناس علي عصام ديل بقلِّلوا من قيمة فوز الهلال بالدوري الموريتاني السوداني، وفي نفس الوقت عندما يتعادل الهلال بزعلوا وما برضوا وبشوفوا التعادل جريمة!!
قبل أيّـام، سمعت محمد رمضان لاعب الأهلي السابق والمدير الرياضي للأهلي الذي استقال أخيراً في حوار تلفزيوني مع إبراهيم فائق يحكي عن تأثير الإعلام، فقال إنه عندما كان يلعب للترسانة كان فريقه يخوض مباراة مصيرية في الدوري المصري وكان الفوز في المباراة هو السّـبيل الوحيد لبقاء الفريق في الدوري الممتاز، فقد كانت الترسانة مُهدّدة بالهبوط وهو أمرٌ حتميٌّ في حَـال عدم الفوز.
الترسانة فازت في المباراة بهدفين مقابل هدف ومحمد رمضان سجّل الهدفين وتألق بصورة كبيرة في المباراة، حتى إنّ جمهور الترسانة انتظره إلى أن يخرج من غرفة الملابس ليحمله على الأكتاف، وقد كان شقيق محمد رمضان شاهداً على تألق شقيقه من مدرجات الملعب وكان مع الجمهور يحمل شقيقه على أكتافه، ويهتف باسمه.. في اليوم التالي صدرت الصُّحـف وذهب شقيق محمد رمضان لإحضارها وعاد وهو يحملها مكفهر الوجـه، ليلقي الصَّحيفة في وجه أخيه ويقول له: دي كورة تلعبها أمس، وحسبته قال ليه (مـرض)، أمس كنت أسوأ لاعب في الملعب.. فاستفسر محمد رمضان شقيقه عن رأيه هذا الذي لم يكن على ذلك النحو قبل الاطلاع على الصحيفة، فقال له شقيقه الجرائد كاتبة عنك إنك كنت سيئ في المباراة وإنك لم تفعل شيئاً غير أنك سجّلت هدفين!! وأظنه قال له عاوزني أكذب الجرائد وأصدِّق نفسي؟
هذا ما يحدث مع فلوران الآن، لم يفعل شيئاً غير أنه تأهّـل لدور الثمانية في دوري أبطال أفريقيا، وفاز بالدوري الموريتاني وهو غريبٌ فيه.
إذا كنت مُتابعاً لكتاباتي عن صدفة أو قصد، عندما تظهر هنالك اعتراضاتٌ أو انتقاداتٌ للمدرب تصل لمرحلة المُطالبة بإقالته، سوف تجدني في كل الأحوال أعلن عن مُساندتي للمدرب وأرفض الإطاحة به، دور الصحفي هنا يتمثل في دعم الاستقرار، خاصةً إنّنا نُعاني من عدم الاستقرار، ونُعاني كذلك من تدخُّل الإعلام في أمور فنية وأشياء لا يجب أن يتدخّل فيها، هذا مبدأٌ أعمل به، لا ادّعي ذلك ولكن أنادي به، فعلت ذلك مع كل الذين تمّت إقالتهم من الهلال، حتى الذين لم أكن مُقتنعاً بهم، لذلك دفاعي عن فلوران هنا لا ينتج عن عاطفة أو هوى، ولا هو نتاج علاقة صداقة أو مصلحة أو معرفة شخصية به أو محبّة في الله أو حتى ثقة فيه، غير أنّي من بين كل الذين عرفتهم عن قُـرب وشهدت تدريباتهم وتصرُّفاتهم، أشهد لفلوران بالأفضلية عليهم جميعاً، وهذا نتاج تجارب مختلفة، حيث سبق لي أن رافقت الهلال في رحلة شهيرة إلى نيالا وكان وقتها مدرب الهلال هو البرازيلي ريكاردو، أذكر أنّي حاورته تحت إحدى أشجار التبلدي الضخمة هنالك، سألت ريكاردو وأنا أحسب في نفسي الجَـرأة، وقلت له في الهلال مشكلة سوف تُواجهك وهي تتمثل في أنّ إحدى الخانات يلعب فيها أكثر من نجم ـ لا أعرف وقتها إن كُنت أتحدّث عن مركز رأس الحربة أم الطرف الشمال، غير أني أذكر أنّ ريكاردو قال لي هذه مشكلتكم أنتم الصحفيون، هذا الأمر بالنسبة لي ليس مشكلة وإنما ميزة.. شعرت بالإحراج من إجابة ريكاردو، مع إنني كنت أقصد أنّ جلوس لاعب كبير في الكنبة ليلعب غيره يُمكن أن يسبب مشكلة وأزمة في الفريق، لكن الذي أعرفه إنّني بعد هذا اللقاء زادت قناعتي بالمدرب البرازيلي ريكاردو، واحترمت فلسفته وإجابته، والمدرب الشاطر في ظني هو الذي يستطيع أن يقنعك خارج الملعب قبل أن يقنعك داخله.. أفضّل دائماً المدرب الفيلسوف، المدرب في نظري (شخصية)، وقرارٌ حتى لو كان خاطئاً، إذا لم يكن المدرب صاحب شخصية قوية وقرار وكان يُحظى بالاحترام من الإدارة واللاعبين، فلن يُحقِّق شيئاً حتى لو كان يمتلك أعظم الشهادات، علماً بأن اللاعبين لا يحترمون مدرباً يفتقد للقدرة الفنية، المدرب عند اللاعبين يكتسب احترامه من إدهاشه لهم، لذلك عندما تجد لاعبين يحترمون مدربهم، أعرف أنّ هذا المدرب قديرٌ ومُقنعٌ ، هذا ما وجده فلوران من لاعبي الهلال.. ثم رافقت الهلال لمعسكر في قطر، فتضاعفت قناعتي بريكاردو، كذلك سبق أن حاورته تلفزيونياً وهو مدربٌ للأهلي شندي، فكان بعد كل حوار يدهشني.
الدهشة مهمة في مثل هذا التقييم.
بعد ذلك، تابعت معسكراً للهلال في القاهرة ووقتها على قيادته الفنية الصربي ميشو، خرجت من ذلك المعسكر أن ميشو مدرب مجتهد، ولكن ليس مبدعاً، أذكر أنّه قال إنّه لا ينوم الليلة التي تسبق المباراة، احترمت اجتهاده ولكن لم يسرّني عدم نومه، فقد أقلقني منه ذلك، حتى أصبحت بسببه لا أنوم الليل قبل أن يلعب الهلال.. أزعجني في ميشو، قوله عن مشاركة هيثم مصطفى أو مشاورته له عند اختيار التشكيلة باعتباره قائد الفريق، وربما ميشو كان يشاور ويجلس مع أكثر من لاعب.
كذلك كنت في عشاء عمل رتّب له الأستاذ عادل الباز في أحد مطاعم العمارات الفاخرة مع المدرب التونسي نبيل الكوكي.. عندما تجلس مع مدرب تعرف كيف يفكر وتكتشف فلسفته وطريقته ونظرته للكرة السودانية، ما أحفظه للكوكي أنه قال إنّ الكرة السودانية تفتقد للخُبث الكروي، لذا من الصعب أن تحقق بطولات قارية في منافسات يتحكّم ويسيطر عليها الخُبث، وأظنه ليس مجرد خُبث كروي فقط، كما يقول الكوكي، إنه أكثر من مجرد خُبث كروي كما يسمونه. إنه خُبث عديل كدا.
إلى كمبالا، رافقت الهلال وهو تحت قيادة المدرب الصربي زوران، وهو أيضاً مدرب حُظيت بمحاورته، قيل عنه إنّه مدربٌ يوتِّـر الأجواء قبل المباريات الكبيرة، ولمست ذلك، وكذا الحال بالنسبة للبرتغالي ايمانويل ريكاردو فورموسيني، الذي كان في المواجهات الكبيرة يضطرب، رغم اسمه الكبير.
ورافقت الهلال إلى جنوب أفريقيا وفي القيادة الفنية للهلال جواو موتا، وهو مدرب نشط وفعّال، سعدت برفقة هذا المدرب وبرؤيته رغم أنه لم يكن يُحظى بكل التقدير من اللاعبين، ويشعرون بالملل من تدريباته.
وغير أولئك كثرٌ ـ من الأجانب والوطنيين بما في ذلك مدربون للمريخ مثل الزلفاني ومحسن سيد.
مع فلوران، رافقت الهلال إلى معسكر تنزانيا، وقد أتاح لي المعسكر أن أرى كيف يعمل فلوران، بل وكيف يفكر وهو من بين كل الأسماء التي ذكرتها أدهشني أكثر بشخصيته وفلسفته.
أعتقد أنّ الهلال استفاد من كل المدربين الذين أشرفوا عليه وجميعهم أحدث إضافةً أو وضع بصمةً، حتى الذين كانوا دون المستوى، والدليل على ذلك أنّ بعض الذين تمّت الإطاحة بهم بسبب ضغط الجمهور والإعلام، عادوا مرةً أخرى للهلال بسبب ضغط الجمهور والإعلام أيضاً، مثل العراقي أنور جسام والبرازيلي كامبوس ونبيل الكوكي، وهنالك مطالباتٌ بعودة جواو موتا رغم أنّه لم يحقِّق إنجازات.
أكبر دليل على أنّ أيِّ مدرب يمكن أن يضع بصمة، خاصةً إذا وجد المناخ الملائم والدعم المطلوب هو المدرب المصري مصطفى يونس الذي يرد له الكثيرون الفضل في بناء هلال 2007 وفي تسجيل لاعبين أفادوا الهلال كثيراً، رغم أنّ مصطفى يونس لا إنجاز ولا اسم له كمدرب حتى في مصر وهو بعيدٌ عن التدريب لعدم قناعة المصريين به، ولم يُكتب له الاستمرار مع نادٍ في الدوري الممتاز أكثر من موسم أو نصف موسم، مع ذلك فإنّ جمهور الهلال يذكرون مصطفى يونس بالخير.
ومصطفى يونس تفرّغ في السنوات الأخيرة لمهاجمة الأهلي، وهذا تأكيدٌ على فشله في التدريب، لكنه نجح في الهلال لأنه وجد الدعم والمساندة.
هذا دليلٌ على أنّ أيِّ مدرب إذا وجد العون والدعم والمناخ الجيد، يمكن لك أن تستفيد منه، ويمكن أن يُحقِّق الكثير من النجاحات.
المُشكلة فينا نحن وليس في المدرب، لا تضعوا مشاكلكم كلها في المدرب. دا حنك يؤكد أننا مازلنا في سنة أولى روضة رياضياً.
أيِّ إخفاق لفلوران يحدث الآن أو أيِّ تعادل، ردوه للإعلام، هو السبب في ذلك، لأنه سمّم الأجواء، يكاد الإعلام أن يُفقد الناس الثقة في فلوران، في ظل هذه الأجواء من العبط أن تسأل عن الأداء، إلا إذا كنت تنظر أن يطرح البطيخ عنباً.
شُكراً لفلوران، لأنه ينجح في ظل هذه الظروف.
المدربين ديل كلهم واحد ـ الاختلاف يحدث بسبب المناخ المحيط بهم.
العقلية التي أطحنا بها مدرباً في الستينيات أو السبعينيات لا يُعقل أن تسيطر علينا الآن بنفس المنطق والأسباب والحوار لنطيح بها بمدرب في 2025م.
غيِّروا في أسلوب الإطاحة، ابتكروا حاجات جديدة.
بعضهم يستعمل نفس الأسلوب، لا يجتهد حتى في شحن الجمهور ضد المدرب والضغط للإطاحة به، يستعمل نفس العبارات ويسأل بعد كل هذا عن جديد المدرب وإضافته.. وما هو جديدنا نحن في الإعلام؟
استغرب من الهجمة التي يتعرّض لها فلوران، لا أحب هذا الأسلوب الذي يستبق الإقالات وبقدم السبت شتماً وسباً حتى يلقى في الأحد إطاحة وإقالة.
إذا أطاح الهلال بفلوران بسبب هذه الضغوط لن أبكي على المدرب، سوف أبكي على مجلس الإدارة.
إذا افترضنا أنّ الهلال ليس لديه مدرب، فإن المجلس لو استجاب لضغوط الإعلام سوف يكون الهلال ليس له مجلس!!
منه العوض وعليه العوض، مجلس الهلال لو استجاب للضغوط.
ما هو الأخطر على الهلال؟ عدم وجود مدرب أم عدم وجود مجلس؟
لا تجعلوا الإعلام هو الذي يُدير الهلال، إذا حدث ذلك فهذا بداية الفشل والإخفاق والكوارث.
إنّهم يتربّصون بفلوران، وينتظرون أيِّ تعثُّر للهلال حتى وهو يتصدّر الدوري الموريتاني في وجود أندية قوية مثل نواذيبو والجمارك والشمال ـ يُخيّل لي لو عرقل فريق العباسية في أم درمان سوف يهاجمون فلوران، دعكم من الدوري الموريتاني الذي يريدون أن ينقصوا من قيمته فقط من أجل التقليل من إنجاز فلوران، مع إيماني أنّ الدوري الموريتاني لا يقل عن السوداني، بل هو أفضل منه، ولكم أن تنظروا إلى موقع المريخ في جدول الدوري الآن، والهلال يفوز بالبطولة الخاصة التي تجمعه مع المريخ في الدوري الموريتاني قبل خمس جولات.
المريخ خلال عام واحد تعاقد مع أكثر من 15 لاعباً أجنبياً، أو ربما 20 لاعباً، وأشرف عليه فنياً أكثر من خمسة مدربين، بينهم أربعة أجانب، وسجّل المريخ من اللاعبين المحليين عدداً كبيراَ من المواهب، مع ذلك فإنّ مركز المريخ في الدوري الموريتاني هو السادس، مع أنّهم عندما يذكرون صدارة الهلال للدوري الموريتاني يتحدّثون عن ضعفه، علماً بأنّ المريخ في تاريخه لم يحتل هذا المركز لا في الدوري المحلي (دوري الدرجة الأولى بالخرطوم)، ولا في الدوري الممتاز، مع التأكيد على أنّ المُستوى الفني الحالي للمريخ أفضل كثيراً من مستوياته في سنوات كان قد فاز بها بالدوري السوداني.
الظروف التي يلعب فيها المريخ لمن يجدون له المُبرّرات هي نفس الظروف التي يلعب فيها الهلال، بل إنّ ظروف الهلال أصعب بسبب الإرهاق وضغط المباريات.
أعجب من الذين ينتقدون أداء الهلال والفريق يلعب كل 48 ساعة مباراة في ملعب نجيل صناعي لا يمكن أن يكون فيه الأداء جيداً.
إذا لعبت برشلونة في هذه الظروف فلا تسألوا عن الأداء.
الهلال في ظرف 16 يوماً من تاريخ 2 مايو وحتى 18 من الشهر نفسه سوف يلعب 6 مباريات وهذه نسبة تقل عن كل ثلاثة أيام مباراة.
الصحفيون عندنا في السودان عندما يريدون مهاجمة شخص يخفوا كل محاسنه ولا يقفوا عندها ولا يتحدّثوا إلّا عن الإخفاقات وهي إخفاقاتٌ يخلقونها وحدهم.
يمكن الإطاحة بفلوران.. يمكن أن يذهب اليوم قبل الغد، ولكن نطالب أن يحدث ذلك بأدب دون التقليل من إنجازاته مع الهلال!!
عقد فلوران مع الهلال سوف ينتهي بعد أيام، إذا لم يُجـدِّد الهلال عقده مع المدرب، ما عندنا مشكلة، شريطة أن يكون ذلك نتاج رؤية إدارية، وليس بسبب الضغوط الإعلامية.
فليرحل فلوران ولكن بأدب واحترام، وليس بهذا الإسفاف الذي نمارسه عليه.
سوف يبقى أعظم إنجازات هذا المجلس، إنّه أكمل فترة تعاقد المدرب مع الهلال دون الإطاحة بهذا. هذا الإنجاز يجب أن نقف عنده، لأنه تقدم إداري حدث في الهلال.. هذا أمرٌ علينا أن ندعمه ونحترمه ونجله.
لكننا نحاول أن نجعل إنجازاتنا كوارث!! الاستقرار عندنا مشكلة.
إكمال فترة تعاقد فلوران مع الهلال هو إنجازٌ عندي بغض النظر عن المكاسب التي تحقّقت في عهد هذا المدرب.
سوف أقف تحديداً عند الزميل الأستاذ خالد عزالدين والذي كنت أعتبره صحفياً مهنياً يكتب بعيداً عن العاطفة، فوجدته يكتب عن الهوى ويهاجم فلوران بأسلوب مشجع يفتقد حتى للأمانة الصحفية.. الكتابة بأسلوب المشجع ليس منقصة، فكلنا نكتب بهذا الأسلوب، لكنها من خالد بالذات وفي موضوع حسّاس بهذه الصورة تبقى مرفوضة وغير مقبولة، وهو يفتح موقعه أو صفحته للتقليل والسخرية من فلوران!!
هذا الأسلوب لا يشبه خالد عزالدين، لأننا اعتدنا أن نجده في القضايا الكبيرة وليس في ما يطلبه المشجعون.
قد تستعجبوا من هذا الأسلوب الذي أكتب به عن الزميل الذي أعــزّه كثيراً خالد عزالدين، والذي لا أهمل ولا أجهل تاريخه الإعلامي، باعتباره أكثر صحفي من وجهة نظري قدّم للصحافة الرياضية وخدم الإعلام بمهنية كبيرة، أحسبه بعيداً عنها الآن تماماً، ولا أجد الحرج كما ذكرت أن أكتب عنه بهذا الأسلوب، وهو يكتب عن فلوران بهذا الأسلوب المُمنهج والمُكرّر وكأنّ بينه وبين فلوران ثَـأرٌ قديمٌ.
إنت تكتب عن الزميل بنفس الأسلوب الذي يكتب به.
خالد عزالدين كتب عندما قام الحكم بطرد فلوران أنّ الحكم حقّق رغبة جمهور الهلال، هكذا اختزل خالد عزالدين جمهور الهلال في رغبته.
خالد عزالدين عندي يكتب عن الذين لا يروقون له بعنف لفظي مبالغ فيه لا أقول خبيث، ولكن أقول غير حميد.. فعل ذلك مع كل المدربين، لا بد أن نُـوقف هذا التجني ليس من أجل فلوران، ولكن من أجل المدرب القادم.. خالد دائماً يصدّر انطباعاته هو عن لاعبين أو مدربين ويظل ينتظر إخفاقهم ليثبت صحة وجهة نظره ـ الآراء الفنية يجب أن تُقَـال في ثوب قشيب خاصةً من صحفي في حجم خالد عزالدين له تأثيرٌ كبيرٌ على الجماهير ـ ولكن ليس لدرجة أن يختزل هواهم في انطباعاته الشخصية.
الرأي الفني هو رأيٌ تقديريٌّ، قابلٌ للخطأ والصواب،خاصةً منّا نحن أهل الإعلام، لذلك علينا أن لا نقطع بآرائنا الفنية.. قد أكون مُخطئاً في الرأي الفني حول فلوران، لكن في النهاية أنا لا أقصد أكثر من الاستقرار ولا أطلب غير التخلُّص من عيوبنا المتمثلة أو المُتحجِّرة في الإطاحة بالمدرب.
المدرب عندنا يبدو مثل اللُّعبة في يد الطفل يكون شغوفاً بها وحريصاً عليها، حتى إذا حصل عليها حطّمها أو استغنى عنها وطالب بغيرها.
إذا فشل فلوران مع الهلال، فإنّ سبب فشله هو الإعلام.
لا أريد أن أرجع لبعض الحالات لأثبت فيها هذا الاتهام، حتى لا أخرج من النص ونحن نكتب عن فلوران.
وحتى لا يخرج نقدي لخالد من السياق ويُفسّر بما لا يُليق، أشهد أنّ خالد عزالدين من أحب الصحفيين لنفسي، وهو كاتبٌ نجد حلاوة الهلال في قلمه، لكن دائماً أقول إنّنا لا نكتب من منطلق (الحب والكراهية)، ولا نضع تروساً أو حواجز مع من نختلف معهم بسبب علاقاتنا الشخصية معهم أو حبنا لهم، عندما اختلف مع خالد عزالدين في قضية أكتب عنها بنفس الأسلوب الذي أكتب به عن مزمل أبوالقاسم عندما أختلف معه، لا نضع حسبة ولا ميزاناً أو معياراً أو فضلاً في نقدنا لمن نختلف معهم.. كلهم عندنا سواسية.
وكثيراً أختلف مع الأصدقاء بالحِدّة نفسها أو أقوى من تلك التي أختلف بها مع الأعداء، وهذا للقياس لا أكثر، لأننا لا نؤمن بالعداء في اختلاف الآراء.
أحترم فلوران جداً، وتقديره بإنجازاته أمرٌ مفروغٌ عنه، فهو وصل بالهلال لدور الثمانية ـ طبعاً ممكن يقولوا ليك دا ما طموح (حنك قديم)، رغم أنّ آخر مرة وصل فيها الهلال لهذه المرحلة كانت قبل عشر سنوات والبلاد مستقرة، والهلال يلعب في أرضه ووسط جمهوره.
نحن نتحدّث عن وقائع، لا نتحدّث عن الطموحات، طموحاتنا لا يحدها حدودٌ، ولا كأس العالم، لكن واقعنا يقول إننا لم نصل لهذه المرحلة منذ عشر سنوات.
ما تقعدوا تشرعوا ساكت.
أما عن الذين يتحدّثون عن أنّ الهلال وُفِّـر له هذا الموسم ما لم يتوفّر له من قبل (حنك جديد)، فهم إما واهمون، وإما يضحكون على الناس، وهنا أسأل الدكتور علي عصام وما هو الذي وُفِّـر للهلال وهو يلعب غريباً في الدوري الموريتاني الذي تعتبره ضعيفاً ولا يرقى أن نحسبه إنجازاً لفلوران؟!
الملعب الجيد لم يُوفّـر للهلال.
المريخ في موريتانيا يشكو من سُـوء الطعام عندما يخسر.. ماذا يجد الهلال في موريتانيا ولا يجده المريخ؟
هل وُفِّـرت للهلال حربٌ طاحنة لم تسلم فيها البيوت ولا المصافي ولا الجسور ولا مَحطّات الكهرباء ولا الاستادات ولا السيارات، بل ولا المواطن نفسه؟ هل هذه ميزة يمكن أن تُحسب للهلال؟ أن يلعب خارج ملعبه، بل خارج وطنه.
إذا كنتم تتحدّثون عن المعسكرات الخارجية الطويلة، فقد سبق للهلال أن عسكر في العراق وهي في مجدها الكروي، وعسكر في أوروبا في معسكر أُقيم في منتصف الموسم بأنطاليا في تركيا، ولم يحقق الهلال أكثر مما يحققه الآن والبلاد في حالة حرب.
المريخ في فترة حازم كان في معسكر لمدة موسم كامل في مصر، ولم يُحقِّق شيئاً، عندما باع المريخ مبارياته للأهلي المصري مقابل الغذاء ولعب مرحلة المجموعات الأفريقية في ملعب الأهلي المصري.
الهلال كعادته كان يعسكر في مصر وتونس ولفترات تتجاوز الشهر، ما الجديد في معسكرات الهلال الأخيرة حتى تعتبروها ميزة مُنحت فقط لهلال فلوران.. وهي وإن كانت ميزة فقد انقلبت علينا بمساوئها بسبب ابتعاد اللاعبين عن وطنهم وبيوتهم وأسرهم لمدة تجاوزت العامين.
ما هو الشئ الذي وُفِّـر للهلال هذا الموسم وسبق له أن تعاقد مع نجم المنتخب النيجيري يوسف محمد ولعب له في نفس الموسم كلتشي هداف الكونفدرالية، وجاء من بعده سادومبا الذي كان أبرز مهاجم في القارة الأفريقية.
الهلال سجّل باري ديمبا أفضل مدافع كان يلعب في شمال أفريقيا، وسجّل الكونغولي إمبيلي وهو قادمٌ من الهلال السعودي.
ما في حاجة جديدة في الهلال أضيفت له حتى تحاسبوا عليها فلوران، ما تغشُّوا نفسكم، المشكلة إنّكم مُصدِّقين روحكم!!
في الهلال الآن محترفون أنتم أنفسكم تهاجمونهم مثل ديوف وجونيور وماديكي وخادم وإيبولا. وهنالك لاعبون وطنيون تعرّضوا لأعنف حملة اغتيال مثل أبوعشرين والطيب عبد الرازق وفارس وياسر مزمل وصلاح عادل وبوغبا، حتى الوافد الجديد علي عبد الله كبه لم يسلم من السخرية والتهكُّم!!
هؤلاء هم الذين يلعب بهم فلوران ـ فلوران لا يلعب بمحترفين سُجِّلوا بمليون دولار كما حدث في صفقة أتوبونغ وقبله إمبيلي الذي كلّف خزينة الهلال أو خزينة صلاح إدريس أكثر من مليون دولار.
ولا يملك فلوران هيثم ولا بشه ولا ريتشارد ولا مهند الطاهر ولا مساوي ولا حمودة بشير ولا فييرا الذين كانوا يمكن أن يلعبوا جميعا في تشكيلة واحدة.
خالد عزالدين كان قريباً من هذه الملفات وهو يعرف ذلك جيداً.
الهلال تعاقد مع مواهب صغيرة تفتقد الخبرة مثل جان كلود وكوليبالي وعيسى فوفانا وأحمد سالم وإيمي، كل هذه الأسماء مغمورة أظهرها فلوران وجعل القارة الأفريقية كلها تتحدث عنها، ولكنها مازالت تفتقد للخبرة، كما أن بعضها تعرض لإصابات في أوقات حرجة مثل كوليبالي وقبله إيمي، والذي تعجّبت فيه من الدكتور الحبيب للنفس علي عصام الذي انتقد فلوران لاستبعاده في الفترة السابقة، والكل يعرف أن هذا اللاعب كان مصاباً وخُضع لتدخل طبي فترة طويلة في تونس، حتى إنّ هنالك من انتقد فلوران على إشراكه له أمام المريخ وخروجه مصاباً، وكان فلوران يصر على إشراكه وهو مصاب حتى إنّه كان لا يستطيع أن يكمل المباراة وكانوا ينتقدونه على ذلك، الآن ينتقدونه لأنه لم يكن يشركه في السابق.
فلوران وصل لمرحلة متقدمة في البطولة الأفريقية، وتصدّر الدوري الموريتاني بعد أن فشل مجلس الإدارة في أن يوفر له (مهاجم سوبر) أو حتى (مهاجم بديل) للغربال الذي أُصيب في وقت حرج ـ مسؤولية الخروج “لو في إعلام حقيقي”، يتحمّلها المجلس وليس الجهاز الفني.
المجلس وليس فلوران هو الذي جعل الهلال يلعب في موريتانيا وليس ليبيا!!
حتى في عهد السوباط هذا وفي فترة رئاسة المستشار تركي آل الشيخ الفخرية، تعاقد الهلال مع أسماء كبيرة وتجاوز عدد المحترفين عشرة أجانب، فماذا فعل الهلال، لم ينجح الهلال، ولم تنجح حتى الأسماء الكبيرة التي تعاقد معها الهلال عكس الآن تماماً، فقد نجح الهلال، ونجح عدد كبير من المحترفين، وهنالك أسماءٌ مطلوبة في الدوريات الأوروبية ويمكن أن يدخل اللاعب منهم ثلاثة ملايين دولار. كما ذكر العليقي.. كل هذا يُحسب لفلوران.
تجربة الهلال الحالية هي تستنسخ في المريخ وما استنسخوها إلا لنجاحها، وقد كتب عنها الإعلام الموريتاني مشيداً ومطالباً بالاستفادة منها.
لفلوران نحسب تألق جان كلود الذي سجله الهلال قبل الموسم الماضي وأظهره فلوران بهذا الشكل في هذا الموسم.
ولفلوران يُحسب تألق كوليبالي وتألق إيمي الذي يبدع الآن. وقبلهم تألق ليليبو وجارجو اللذين غادرا من الهلال لفرنسا.
كلنا انتقدنا الهلال عندما سجل محترفاً مغموراً هو أحمد سالم مبارك، انظروا ماذا يفعل مبارك الآن، دا شغل مدربين ما شغل وداعيات، على الأقل فلوران منحه الثقة والفرصة الكافية كما منحها لعيسى فوفانا.
دعكم من أحمد سالم مبارك، انظروا إلى علي عبد الله كبه وقد رفضه كثيرون من صورته وبنيته الجسمانية الضعيفة ليسجل كبه 7 أهداف في الدوري الموريتاني وهو الذي انضم للهلال في التسجيلات الأخيرة.
تفتكروا كبه دا سجل الأهداف صدفة أو من رأسه، من غير اجتهاد من مدربه؟
لماذا لا تتحدثوا عن ياسر جوباك الذي أصرّ عليه فلوران وظل منذ قدومه للهلال يطالب بضمه لمعسكرات الهلال حتى اكتملت صورة جوباك ونحن على موعد مع نجم سوف يكون الأول في السودان.
انتظروا كنن وخيري سليمان وكردمان وسيمبو .. وأرجو أن يستمر فلوران حتى لا نفقد مثل هذه المواهب.
هذا هو شغل المدرب الذي أعرف، فمالكم كيف تحكمون؟
مدرب يمنح الفرصة لمحمد مدني وسيمبو وكبه وخيري وجوباك وسالم، مدرب شجاعٌ يجب أن تُرفع له القُبعات.
سوف اعتبر فوز الهلال بالبطولة المحلية في موريتانيا عندما يتحقق إن شاء الله للهلال من الإنجازات التي سوف أقف عندها كثيراً احتراماً وتقديراً، والتاريخ من بعد سوف يعرف قيمة هذا الإنجاز إن حاول البعض التقليل منه الآن، وهو إنجازٌ يُحسب لفلوران.
هذا الإنجاز لن يتكرّر، لذلك هو إنجازٌ غالٍ يحدث في فترة فقد فيها المواطن منزله وخرج منه مطروداً.
بالمناسبة أتحدّاكم إذا أطاح الهلال بفلوران أن يجد مدرباً محترماً يغامر ويسافر مع الهلال للسودان ليلعب دوري النخبة في كسلا والقضارف..!
….
متاريس
كان الله في عون الهلال، فقد تعرّض لاعبوه لعملية سهك ودهس وسحل من كثرة المشاركات. غير عمليات السخرية والإستهزاء والتريقة الذي كانوا يتعرضون له من الإعلام ومن كثير من الجماهير.
المنتخب وحده شارك في ثلاث تصفيات في هذا الموسم.
غير المعسكرات الجانبية والمباريات الودية.
الهلال شارك في سيكافا وفي السوبر السوداني، وفي دوري أبطال أفريقيا، وفي الدوري الموريتاني وسوف يشارك كذلك مرةً أخرى في السوبر السوداني.
كل هذه البطولات بدون فواصل أو راحة، بطولات ومنافسات متواصلة.
وسوف يشارك المنتخب مُباشرةً في الموسم الجديد في تصفيات بطولة العرب ، وربما نهائياتها الي جانب نهائيات الكاف في الكان والشان و تصفيات كأس العالم.
ويقولوا ليك الهلال لم يقدم الأداء.
أداء مع المفرمة دي؟
في نهاية الموسم في ظل هذا الضغط لا تطالب بالأداء.
الهلال تنتظره ملاحم أخرى، سيلعب الهلال في دوري النخبة السوداني سبع مباريات في 25 يوماً.. وديل بهاجموا في المدرب في هذا التوقيت.
طيِّب انتظروا الموسم ينتهي، الهلال لسه عنده منافسات.
عموماً، يمكن أن يرحل فلوران.. لكن من هسع بقول ليكم إتحمّلوا المسؤولية كاملةً ـ الهلال لن يقدم في الموسم الجديد أفضل مما قدم الآن، إلا إذا استمر فلوران.
أراهنكم على ذلك ولو تعاقد الهلال مع مدرب برشلونة الطالع الأيامات دي في الكفر هانزي فليك.
ما تقعدوا تغشغشوا الناس ساكت، عشان كل مرة نقوم نشيل المدرب.
دا حنك سمعناه كثيراً.
حنك بيش!!!
دواء كرّرناه ألف مرة والحال في حالـه.
غايتو لو شالوا فلوران بقنع من خيراً فيها!!!
….
ترس أخير: والله فترنا عديل من كترة الكلام والإطَـاحة بالمدربين.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد