صابنها
محمد عبدالماجد
الشيخ (بدر) شيخ الطريقة (الهلالية)
· اختار ان يكون اخر اعماله في الهلال حراكه الكبير والمستمر من اجل (لم الشمل الهلالي) – كان رغم عناء المرض ووقار الشيوخ والتزامات الزعامة والمشيخة مهموم بالشأن الهلالي ، يتواجد في كل تفاصيل الهلال ، حتى وان كان ذلك في مقعد (المشجع) في مدرجات الهلال العظيم.
· لا عجب في ذلك فهو قد جاء (الهلال) من اسمه فهو الخليفة احمد حسب الرسول (بدر) – فقد خرج (الهلال) من اسمه.
· الشيخ احمد حسب الرسول (بدر) يمثل الهلال في اكتماله!!
· ارتضى بمنصب (شرفي) في الهلال رغم اسمه الكبير وترأس اللجنة الاستشارية للهلال واحتمل اختلافات الاهلة وتقبل نقدهم بصدر رحب ، لم يشهد له يوما ان شكى من احد او غضب منه وهو الذي شغل مناصب سياسية ورياضية كبرى بين عمله في مجالس الشورى سياسيا الى جانب عمله التنفيذي في وزارة الشباب والرياضة في ولاية الخرطوم كوزير للشباب والرياضة ، اضافة الى تدرجه الذي اوصله لذلك بين عمله في الاندية الرياضية واتحادات كرة القدم.
· كل ذلك يفعله رغم كل التزاماته الدينية ونشاطه الاجتماعي الذي كان ناشطا فيه حتى وهو في فراش المرض فقد كان الرجل (زعيم) قبيلة وشيخ طريقة يفتح داره لكل الناس وفي كل الاوقات ، حيث لا تطفأ نيران منزله.
· وهو في سكرات الموت كان يسأل عن احوال اهالي قريته – كان مهموما بحالهم وإسعادهم رغم ان المرض اللعين ينهش في جسده ويتوغل في الاحشاء.
· يسأل عن الناس ويستفسر عن اخبارهم وبينه وبين الموت (دقائق) محدودة – كان يعرف ذلك فقد ظلت معاناته مع المريض اللعين طويلة – دخل معه في عراك (طبي) وأجرأ عدد من العمليات لاستئصال المرض.
· ظل يقدم الدعم والعون للمحتاج حتى بعد ان اصبح عاجزا عن الكلام يتحدث عن ذلك بالإشارة ويقدم دعمه من تحت وسادته للناس وملك الموت يحلق فوق فراشه.
· اخر ما فعله قبل موته ودخوله لغيبوبة رحل بعدها مباشرة ان طلب (المصحف الكريم) لتكتحل عيناه بآيات من القرآن الكريم غاب بعدها لينتقل الى الرفيق الاعلي وهو اخر ما فعله في هذه الحياة قراءة القرآن الكريم.
· اخر ما طلبه في هذه الحياة هو ان يأتوا له بمصحف – فعل ذلك وهو في سكرات الموت.
· الحديث عن الخليفة احمد حسب الرسول بدر احد زعامات مناطق شرق النيل وكبير احدى المناطق التى عرفت بالتبروقة والابريق والمسبحة والقبب والبيوت المفتوحة التى لا تغلق ابوابها ، امر صعب لا يمكن ان تلم بكل تفاصيله او حتى جوانبه – اننا نتحدث عنه لماما…والرجل يعرف من غيره ، فقد كان احمد حسب الرسول بدر هو (كبير) الهلال – ونحن الآن نفقد (كبيرنا).
· الخليفة احمد حسب الرسول بدر كان (ضو) منطقة (ام ضوا بان) – فهو الذي (بان) بضوئه ونوره وعلمه ، وكان احد اشهر الناشطين اجتماعيا ، حيث عرف عنه قدرته على التواصل والتواجد والحوار في كل القضايا الوطنية والرياضية والاجتماعية التى تهم البلاد.
· كان مهموما بالآخرين لم يحمل هم لنفسه ، وهو الذي تعرض للكثير من الابتلاءات والمحن فكان فيها صابرا ومحتسبا.
· الخليفة احمد حسب الرسول بدر جسد (ام ضوا بان) بكل حراكها وتفاصيلها ، وقدم منطقته بتضاريسها وتاريخها وأعرافها ومثلها وقيمها في شخصه الكريم…الرجل كان (بقعة) ضو تمشي على الارض – شمل بضوئه هذا الجميع وتجاوز جغرافيا المنطقة ليصبح رجلا (قوميا) فيه فضائل (الشيوخ) ولطفهم وسماحتهم ورحمتهم…مع كل ذلك فقد كانت روحه ذات طابع (شبابي) يشارك الشباب في انشطتهم وحراكهم ويتواجد بينهم كأنه واحد منهم.
· يتحدث عن الدين والتاريخ والهلال في نفس الوقت.
· قيل لي ان الرجل كان في خطبه التى يلقيها على الناس في الجوامع يدعو للهلال – وكان لا ينسى المريخ احتراما للآخرين ، عندما يلتفت فيجد بين الناس من يعرف (مريخيته) فيدعو للمريخ ضاحكا ، بعد ان يسأل التوفيق والسداد والنصر والمقدمة للهلال.
· لم يقعده (المرض) ولم يفتره تقدم السن ، ولم يعرف الحزن طريقا لقلبه وهو الذي تعرض للكثير من المحن والاختبارات والتى ما كان لأحد ان يحتملها لولا يقين الخليفة احمد حسب الرسول بدر وإيمانه الكبير – وأظنه الآن وهو في علين بإذن الله ينعم بجزاء صبره واحتماله وعمله واحتسابه.
· عائش الشيخ احمد حسب الرسول بدر رحيل ثلاثة من ابنائه الشباب – رحلوا امام عينيه ، ما كانت (الجبال) تحتمل وجع ذلك الرحيل.
· فقد الخليفة احمد حسب الرسول ابنه الكبير بعد ان خرج من بيته سالما وذهب الى المستشفى ليستمله جثة هامدة ، بعد رحيل مفاجئ…فقد هبوا لنجدته في المستشفى ليجدوه قد غادر الحياة.
· فأحتسب ذلك.
· وفقد الخليفة ابنه (الطالب) وهو في احدى معسكرات التدريب الوطنية بعد ان اصابته (طلقة) بغير قصد فردته قتيل.
· فاحتسب ذلك.
· الحزن والامتحانات لم تتوقف عند ذلك فقد رحل ابنا ثالثا للخليفة احمد حسب الرسول بعد معاناة من المرض كان فيه الشيخ احمد حسب الرسول ملازما له فيها.
· فاحتسب ذلك.
· هذا كان بالنسبة للأبناء الذكور – الخليفة احمد حسب الرسول تعرض لامتحانات اخرى في (بناته) حيث فقد احداهن بعد ان عايشت معاناة طويلة مع المرض – شاهد وجعها وألمها وعذابها وهي تفقد بصرها حتى رحلت امام عينيه.
· فاحتسبها.
· ثم جاء وفقد الخليفة احمد حسب الرسول بنته الاخرى اثناء (الولادة) بعد ان تركت لهم اطفالها الصغار وغادرت الحياة وهي في زهو الشباب.
· فاحتسبها.
· كل هذه الابتلاءات قابلها الخليفة احمد حسب الرسول بثبات وقبول وصبر – بل تعدى ذلك الى (الحمد والشكر) ، وكان يعصر ألامه وأوجاعه ولا يشكو منها ولا حتى يبوح بها.
· احتمل ذلك – بعد ان فقد رفيقة دربه وزوجه ، ليحتمل ويلات ذلك الوجع والحزن وحده.
· كان الخليفة احمد حسب الرسول مع كل هذه (المصائب) التى تعرض لها باشا وهاشا ، يوقر الصغير والكبير – يضحك معهم ويتواصل ، ولا ترى منه إلّا الصمود والكبرياء.
· عندما تجده في رحاب الهلال – تشعر به كأنه لا يحمل هم غير هم الهلال وهو الذي يمتلئ بالهموم والأحزان والوجع.
· الرجل ذو ملامح (دقيقة) بتفاصيل (صغيرة) و (رحبة) تحكي سودانيتنا ذاتها – ملامحه هكذا تنضح بالعزة والكبرياء والشموخ والسودانية.
· فيه (هيبة) كبيرة ، و (جدية) ظاهرة – فيه (وقار) الشيوخ وطيب (الخلفاء) مع كل تواضعه وتواصله ، واهتمامه بالغير.
· لم تمنعه (المشيخة) ولا (الزعامة) ان يكون متواضعا ينزل مع الصغير في الارض ليجلس معه على (الواطة).
· اتذكره الآن بالعمة والجلابية وأتذكر (ابي) الذي لا اجده سعيدا إلّا عندما يخرج من اجل قضاء حاجة شخص اخر وهو يلبس جلبابه وعمامته.
· الخليفة احمد حسب الرسول بدر فيه تلك (الابوة) الجامعة – كان اب للجميع – رأينا ذلك في عزاء الرجل في ام ضوا بان ..الكل كان يبكيه بكاء من فقد (الاب) حتى اصحابه الذين يقاربونه في العمر.
· لا بد ان الخليفة احمد حسب الرسول اكتسب تلك (الخبرات) التى اضحى بسببها (معلما) في الحياة والمجتمع من كونه كان (معلما) ، يدرس الطلاب والتلاميذ ويشرح لهم الدروس.
· هذه الهيبة وذلك الجلاء – لا اشك لحظة في انه هيبة وبهاء اساتذة – والخليفة احمد حسب الرسول بدر كان (استاذا) في كل شيء – بل كان (طبيبا) وهو يعلاج كل الازمات – كان (حكيما) وهو يحلحل كل المشاكل.
· لقد فقدنا رجل (امة) – كان يوصلنا بذلك التاريخ العظيم الذي نجد فيه سماحة اهلنا وطيبة معشرهم وجمال محياهم.
· كان احمد حسب الرسول بدر كذلك – رجل جاء من عصر بعيد ليعيش بيننا محتفظا بالتقاليد والأعراف رغم حداثة العصر وتغلب التكنولوجيا وغزوها.
· اللهم نسألك له الرحمة والمغفرة.
· نعلم انه سوف يجد عندك جزاء ما كان يصنعه الرجل في الحياة فقد كان الرجل سمحا ومتواصلا وعارفا وعالما.
· كان يسعى بين الناس بالخير.
· …………..
متاريس
· ولا حول ولا قوة إلّا بالله.
· يستحق الرجل ان يكون هناك صرح باسمه في الهلال او شارع يخلد ذكراه مثل الزعيم الطيب عبدالله والراحل عبدالمجيد منصور.
· هؤلاء الرجال خدموا الهلال بدمهم وحياتهم.
· ليت لجنة تطبيع الهلال (تطبع) صورة الرجل على قمصان لاعبي الهلال في المباراة القادمة ليلبسوها اثناء عملية التسخين وقبل بداية المباراة.
· هذا الرجل يستحق ان يرد له الهلال فضل ما كان يفعله من اجل الهلال ومن اجل السودان.
· ولا نقول ولا نعمل إلّا ما يرضي الله.
· ……….
· ترس اخير : الخليفة احمد حسب الرسول بدر هو شيخ الطريقة (الهلالية) بخلقه وإنسانيته وحبه الكبير للهلال.