النفس الطويل والاهتمام بالتفاصيل

خارطة الطريق
ناصر بابكر

* يحتاج فريق كرة القدم الذي يرغب في الظفر بالألقاب والبطولات لامتلاك ميزة (النفس الطويل) التي تعتبر من السمات المهمة والرئيسية التي يجب أن تتوفر في فريق البطولات باعتبارها الميزة التي تصنع الفارق في نهاية المطاف بين الأندية.
* وبطبيعة الحال، فإن النفس الطويل يبقي مطلوباً أكثر من قبل إدارات الأندية ونخص الرئيس في الأندية السودانية باعتبار أنه من يتحمل نصيب الأسد من المسئولية خصوصاً في الجانب المالي إلى جانب إدارته للملفات الكبيرة على غرار تعاقدات الأجانب والأجهزة الفنية والمعسكرات الخارجية.. والمعروف أن حجم الإنفاق على الأندية يكون كبيراً ومستمراً طوال العام مع وجود فترات يكون فيها الإنفاق أكبر وهما الفترة التي تسبق بداية الموسم والتي تصادف التسجيلات الرئيسية وفترة الإعداد الرئيسية وربما التعاقد مع طاقم فني كفء، والفترة الثانية هي فترة منتصف الموسم التي تتجدد فيها نفس التحديات مع مراعاة نقطة مهمة وهي أن النشاط يكون متوقفاً في كلا الفترتين ما يعني أن النادي لا يكون فيه أي مصدر دخل في تلك الفترات.
* لكن حتى في فترات استمرار النشاط، فإن التحديات والمهام الجسيمة التي تنتظر الإدارة بشكل عام والرئيس على وجه الخصوص تكون متواصلة من رواتب شهرية وحوافز ونثريات وتذاكر طيران عند السفر الخارجي ونفقات إقامة في الفنادق وغيرها من أوجه الصرف، لذا يبقي من الضروري والمهم أن يتمتع الرئيس تحديداً بـ(النفس الطويل) ليكون قادراً على إنجاز مهامه ومسئولياته بأفضل طريقة ممكنة وبالشكل الذي يقود لصناعة فريق البطولات.
* فالتعاقد مع اللاعبين المميزين لن يكون كافياً لصناعة فريق بطولات أو حتى امتلاك فريق قوي لموسم واحد لو لم يصاحبه التعاقد مع طاقم فني كفء، ولو تم التعاقد مع عناصر مميزة وطاقم فني كفء فإن ذلك لن يقود للنجاح حال لم يكن الإعداد مثالياً كماً (من ناحية عدد أيام التحضيرات) أو كيفاً (من ناحية الترتيب لها بشكل دقيق)، وبعد إنجاز تلك المطلوبات جميعها يكون الفريق قد وضع قدما في الطريق الصحيح لكنه يحتاج ليواصل المسير بخطي واثقة نحو هدفه لاستقرار مالي عبر الانتظام في سداد مستحقات اللاعبين والجهاز الفني مع ضرورة إدارة فريق الكرة بدرجة عالية من الاحترافية بحيث يحصل اللاعبين علي حقوقهم وتتشدد الإدارة في ضرورة قيامهم بواجباتهم تجاه النادي بالشكل الأمثل وبالصورة التي تحفظ حقوق النادي لأن حقوق اللاعبين تبقي على الدوام محفوظة بعقوداتهم وبالقوانين التي تضمن لهم الحصول على مستحقاتهم عاجلاً أم أجلاً.
* وبعد إنجاز كل تلك الخطوات، يبقي المطلوب الصبر على التجربة ومنحها الوقت الكافي الذي تحتاجه لتنضج وتكتسب الخبرة والتمرس والثبات والذي يمكن أن يمتد لعامين أو ثلاثة أو حتى خمسة إن كان الهدف صناعة (فريق بطولات) وليس (منافسة آنية) لموسم واحد فقط، مع الإشارة لأن الصبر على عناصر الفريق من لاعبين وجهاز فني كفء يسهم في تقليل النفقات التي تدفع مستقبلاً باعتبار أن الفريق وقتها لن يكون بحاجة لتسجيل عدد كبير من العناصر في كل فترة تسجيلات وإنما لإضافات محدودة ولن يكون بحاجة للبحث عن طاقم فني كل فترة وأخري وهو ما يريح الرئيس مستقبلاً ويقربه من حصد ثمار زرعه وهو امتلاك فريق قوي ينافس بصورة منتظمة على الألقاب.
* الشاهد في المريخ أن سوداكال تأخر كثيراً في الاضطلاع بمسئولياته وفيما يبدو أن الملابسات التي أعقبت ترشحه والطعون التي قدمت ضده ثم قبولها بعد عدة أشهر من المفوضية جعله يتردد ويفكر ألف مرة قبل أن ينفق بسخاء لتحقيق طموحات القاعدة الحمراء، لكن فيما يبدو أن تطورات الأحداث وقبول المحكمة الإدارية لطعنه والذي جعله قاب قوسين أو أدني من إعلانه رئيسا بصورة رسمية، والاستقالات التي حدثت وجعلت المجلس على شفا حفرة من الانهيار، وازدياد الأعداد الغاضبة عليه من الجماهير، كل تلك النقاط جعلت سوداكال يغير من قناعاته وطريقة تعاطيه مع الأمور ويبدو أنه تعلم الدرس أو هكذا نتمنى وأهتدي أخيرا للطريق الصحيح الذي يقوده لقلوب الأنصار ويحمي مجلسه ويقربه أكثر وأكثر من الرئاسة وهو الإنفاق بالسخاء والعمل على تحقيق تطلعات وطموحات الجماهير وتلبية رغباتها وأشواقها لامتلاك فريق قوي، ليقوم أخيراً وأن تأتي متأخراً بطبيعة الحال خير من أن لا تأتي بإنجاز صفقات اللاعبين الأجانب والطاقم الفني وللأمانة فإن سوداكال أدار هذا الملف باحترافية أكبر وأعلي بكثير من تجربته شبه المعدومة في العمل الرياضي وبكفاءة تفوق من عملوا لسنوات طويلة في إدارات الأندية المختلفة، حيث اتسمت إدارته للملف بالسرية والتخطيط المبكر بحسب إفادات اللاعبين والعلمية بترك مهمة الاختيار للمدرب والاهتمام بالتفاصيل بالصورة التي تقود لتفادي التعقيدات الشديدة التي تصاحب تسجيلات الأجانب في فترة الانتقالات النصفية وهو مؤشر جيد وإيجابي.
* لكن يبقي من الضروري كما ذكرت أن يمتلك سوداكال (النفس الطويل)، وأن (يهتم بالتفاصيل)، فمثلاً ما زال بالفريق نواقص يحتاج لتغطيتها من السوق المحلي وخصوصا في وسط الدفاع مع الإشارة لأن تسجيلات الوطنيين تبدأ في الرابع من يونيو، والأهم من تسجيلات الوطنيين من وجهة نظري هو ترتيب أمر الإعداد اليوم قبل الغد لأن كل المجهود الذي بذل في صفقات الأجانب والتعاقد مع الطاقم الفني يمكن أن يضيع سدي ويذهب لأدراج الرياح حال لم تكن فترة التحضيرات مثالية كما وكيفا خصوصا وأن فترة التحضيرات التي سبقت بداية الموسم كانت فاشلة، وشخصياً، أشعر بقدر كبير من القلق والخوف من جزئية الإعداد لأن هنالك نقطة في تصريحات المدرب والأخبار بشأنه لا تطمئن وهي أن عقده مع نيس الفرنسي يمتد حتى نهاية يونيو مع الإشارة لأن دور النخبة ينطلق يوم (الأول من يوليو) والمريخ يحتاج لإعداد لمدة شهر على الأقل وبالتالي من الضروري أن يتواجد المدير الفني الجديد وبرفقته المعد البدني في الخرطوم قبل نهاية الشهر الحالي ليباشر مهامه منذ الأول من يونيو وغداً بإذن الله أواصل تناول هذا الملف المهم والذي يساعد المريخ على جني ثمار الاحترافية التي أدير بها ملف الأجانب.