صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الهلال الكبير… في جيب صغير!

47

العمود الحر
عبدالعزيز المازري
الهلال الكبير… في جيب صغير!

في الوقت الذي يتأهب فيه الهلال لخوض تحديات دوري النخبة، لا تزال أسرار ملف الإعارات الداخلية والخارجية محجوبة عن الأنظار، وكأنها أسرار دولة لا يجوز الاقتراب منها. كشف الهلال بات لغزًا لا يعرفه جمهور، ولا يطّلع عليه إعلام، بل إن بعض أعضاء المجلس أنفسهم لا يملكون إجابة دقيقة حين يُسألون: من بقي؟ من خرج؟ من أُعير؟ من شُطب؟ ومن الذي يتحكم في كل هذه التفاصيل من وراء ستار؟
حسب لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، بدءًا من 1 يوليو 2024، لا يجوز لأي نادٍ إعارة أو استقدام أكثر من 6 لاعبين في الموسم الواحد، وذلك بهدف الحد من فوضى التنقلات وحماية تطور اللاعب. لكن واقع الهلال اليوم يشير إلى تجاوزات صريحة لهذا الحد، دون مساءلة أو ضبط. والأدهى من ذلك، أن لوائح الاتحاد السوداني نفسه باتت مجرد حبر على ورق، لا يُعتمد عليها، ولا يُحتكم لها، لأن من يطبقها – إن وُجد – غارق في صمته أو شريك في فوضاها.
الهلال الآن يخوض بطولة النخبة بعدد لا يتجاوز ثلاثة عشر لاعبًا فقط، بلا دكة مكتملة، بلا بدائل، بلا شباب، في ظل استغناء جماعي عن المواهب وإعارات بالجملة، وشطب غير مبرر، واستبقاء لعناصر انتهت صلاحيتها. وإن حدثت إصابة واحدة فقط لا قدّر الله، فسينكشف ظهر الفريق تمامًا، لأن من يدير الملف يتعامل مع الكشف كأنما يملك الفريق وحده، يفعل به ما يشاء، دون شفافية، ولا تنسيق، ولا خطة واضحة.
لا عجب أن يتحول نائب الرئيس إلى مدير كرة فعلي، بل إلى الحاكم الأعلى لشؤون الهلال، وسط غياب كامل للرئيس، وصمت عجيب من المجلس، كأنما لا يملكون قرارًا، أو لا يجرؤون على المساءلة. هذا التسلط، وهذه الهيمنة التي أدت إلى اختطاف الفريق، باتت أمرًا لا يُطاق، وصار معها المشروع كارثي.
في المقابل، تصاعدت في المجتمع الهلالي موجة غريبة من “التمجيد الإجباري”، تمامًا كأننا نعيش نسخة من برنامج “ما يطلبه الجمهور”، حيث يُكتب الإعلام حسب الطلب، وتُصنع الأعمدة خصيصًا لترضي جمهورًا مغيبًا لا يريد أن يرى الحقيقة. يطلبون نفخة، فيحصلون عليها. يرفعون شخصًا، فيتحول إلى إمبراطور، بينما الواقع عارٍ من كل زيف. شخص يُقدّم كهبة السماء، وآخر يُباع كموهبة القرن، وفريق يُوصف بريال مدريد، وكل هذا في ظل تدهور نتائج، وتراجع أداء، وانهيار مشروع.
الحقيقة أن مشروع العليقي فشل. فشل في إدارة الفريق، فشل في احترام اللاعب الوطني، فشل في بناء هوية واضحة، وفشل لأنه بنى كل شيء على الفرد لا على المؤسسة. وحتى الآن لا يزال المجلس خائفًا من المواجهة، ومترددًا في التصحيح، رغم أن الوضع لا يحتمل.
إن أراد هشام السوباط أن يثبت أنه رئيس الهلال فعلاً، فعليه أولاً أن يتحرر من ظل صديقه، وأن يبدأ الإصلاح من رأس الخلل، لا من أطرافه. عليه أن يعيد بناء الفريق من جديد، ويمنح الفرصة للشباب، ويستعيد المعارين الذين انتهت فترتهم، ويوقف مسلسل التلاعب بالكشف، ويكسر احتكار القرار داخل غرفة واحدة.
لقد وصلتني رسائل من لاعبين قدامى، ومن إداريين مرموقين، ومن مشجعين مخلصين، كلهم أجمعوا على أن صوت الحق يجب أن يُسمع، وأنه لا مفر من المواجهة. الهلال بحاجة لأبنائه الشجعان، لا للمنبطحين، وبحاجة لإعلام صادق، لا لمن يزين الفشل ويبارك الخراب.
**… كلمات حرة:**
– تأليه الأشخاص الذين لم يقدّموا شيئًا للهلال هو أول مظاهر الخراب، وأكبر أبواب الضياع.
– فشل المشروع واضح كالشمس، والتصحيح الحقيقي يبدأ من رأسه: العليقي، لا من ضحايا يُرمون في وجه الجماهير.
– المشروع كان استثماريًا بحتًا، لا فنيًا، ولا وطنياً… لكن لا أحد تجرأ وقالها!
– الهلال شُطب منه لاعبون، وبِيع نجوم، وضاعت الشفافية المالية… فمتى نرى الحساب والمحاسبة لا التطبيل والتغبيش؟
**كلمة حرة أخيرة:**
حين تتحول الأعمدة إلى مرايا مشروخة والمشجع لمطبل ومزقزق ، يرى فيها المطبلون أبطالهم، بينما يرى الجمهور فريقًا بلا روح… فاعلم أن الزقزقة كَثُرَت، وأن الوقت قد حان ليصمت الطير عن التغريد.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد