العمود الحر
عبدالعزيز المازري
الهلال يتصدّر… ولكن!
صدارة على الورق… وهشاشة في الواقع
* برباعية جميلة تناوب على تسجيلها سالم، كُبّة، كلود، والغربال، تصدّر الهلال الدوري الموريتاني متفوقًا على نواذيبو، رغم عدم إكمال مبارياته المؤجلة. مشهد يبعث على الفخر في ظاهره، لكن الواقع يؤكد أن هذا الانتصار لا يكفي لطمس الجراح الفنية أو التغطية على أوجه القصور المتكررة. \*
* الفوز تحقق على فريق متواضع يُصارع الهبوط، ما يجعل النتيجة متوقعة بحكم الفوارق الفنية. لكن الأداء كشف أن العلة لا تزال قائمة داخل الجهاز الفني، تحديدًا في قرارات المدرب الذي يكرر أخطاءه بطريقة مملة وبنسخ متجددة. \*
* الدفاع لم يتحسّن بالشكل المطلوب، بل لم يخضع لاختبار حقيقي. ورغم تواضع خصم مثل كهيدي، تمكّن من الوصول إلى مرمى الهلال مرتين، ما يدل على هشاشة تنظيمنا الدفاعي. استقبال هدفين من فريق ضعيف لا يمر مرور الكرام، بل يؤكد استمرار الأخطاء الفنية وعدم معالجة مكامن الخلل. \*
* تشكيلة الهلال ما زالت تفتقر للثبات، والتجريب المستمر أضرّ بالانسجام العام للفريق. لا ملامح واضحة، ولا منظومة تكتيكية تحفظ ماء الوجه. المدرب لم ينجح في تثبيت أسلوب لعب أو بناء فريق متماسك، بل ظل الفريق يعتمد على اجتهادات فردية في غياب النهج الجماعي. \*
* حراسة المرمى تمثل نقطة ضعف بارزة. أبو عشرين ارتكب أخطاء جسيمة، تسبب في ركلة جزاء، واهتزت شباكه بهدف ساذج من مسافة بعيدة. هذه ليست زلة فردية، بل تكرار مقلق لسلوك يفرض المراجعة الحاسمة في مركز حساس. \*
* مباراة نواذيبو المقبلة تمثل اختبارًا فعليًا لمدى جاهزية الهلال ذهنيًا وفنيًا، كما أنها فرصة لحسم اللقب إذا ما وُظفت أدوات الفريق بالشكل الصحيح. المطلوب في هذه المواجهة الثبات والهدوء والابتعاد عن الارتجال الفني. \*
* الانتصار لا يُرفض، والصدارة تُفرح، لكن المطلوب أكثر من ذلك. الانتصارات التي لا تُخفي العيوب ولا تجمّل الواقع هي ما نطمح له، لأن الهلال بحاجة لبناء حقيقي، لا إنجازات مؤقتة تُخفي وراءها إخفاقات هيكلية. \*
* الهلال لا يعاني من ضعف مالي، بل من غياب الرؤية الرياضية والإدارية السليمة. الفريق يفتقر إلى عقل يُقيّم الأداء ويُعالج الخلل، لا عقل يرفض النقد ويُصر على العناد. ثلاث سنوات مرت والهلال بلا استقرار فني، بلا تشكيلة واضحة، وبلا مشروع متكامل. \*
* غابت البصمة الفنية، وغابت الشخصية داخل الملعب. ما نراه ليس فريقًا متكاملًا، بل مجموعة لاعبين يجتهدون دون رابط واضح، ودون خطة مستدامة. هذه الحالة لا تُنتج بطلًا، بل تُكرر الإخفاق مهما حققت من نتائج مؤقتة. \*
* النتيجة قد تُبهج، والصدارة تُسعد، لكن الحقيقة تبقى ماثلة في قلب الملعب: هذا ليس الهلال الذي يليق بتاريخه ولا بجماهيره. المطلوب ليس فقط الفوز، بل بناء فريق يليق بالشعار، ويملك مشروعًا فنيًا متماسكًا يتجاوز اللحظة. \*
### كلمات حرة:
* عودة الغربال كهداف ورأس حربة أعادت الهيبة لمركز الهجوم، وأكدت أن القطاع الرياضي كان مخطئًا حين برر فشله بعدم وجود مهاجم سوبر.
* مباراة نواذيبو تمثل الاختبار الحقيقي لفلوران، كونه متصدر الدوري الموريتاني وأقرب الفرق لمزاحمة الهلال على الصدارة.
* المطالبة بعودة الوطنيين المُعارين من الشباب باتت ضرورة، فهؤلاء هم من يمنحون الهلال هويته وهيبته التي فُقدت.
* عناصر مثل أحمد سالم، جان كلود، وإيبولا قدموا إضافة فنية واضحة. فهل يستمرون أم يلحقون بسابقيهم كما يحدث كل موسم؟ الهلال بحاجة لاحترافية في استمرارية التميز لا في تغييره كل عام.
* الهلال بحاجة لمحترفين حقيقيين في مراكز محددة، يصنعون الفارق ويعيدون للفريق صورته المهابة إفريقيًا وعربيًا.
* انتظار نهاية عقد فلوران لاتخاذ قرار التجديد أو الإقالة يُهدد استقرار الفريق. المدرب الجديد – إن أتى – لن يملك وقتًا كافيًا للتأقلم قبل الدخول في منافسات قارية ومحلية.
* غياب مايسترو الوسط الفنان رؤوفا، الذي ذهب للسودان بإذن من القطاع الرياضي، أصبح أمرًا مقلقًا، فالمدة طالت، والوضوح مطلوب، خصوصًا وأن رؤوفا من طراز نادر وأحد أهم عناصر وسط الهلال.
### كلمة حرة أخيرة:
* الهلال يستحق الأفضل. الصدارة الحالية لا يجب أن تكون غطاءً على التدهور الفني والإداري. الفوز لا يُغلق ملف التحديات، بل يفتح الباب للعمل الجاد والتقييم العميق. المستقبل لا يُبنى على انتصارات مؤقتة، بل على استقرار فني، ورؤية شاملة تُعيد للهلال مكانته الحقيقية. الجمهور يستحق أن يرى فريقه قويًا، متوازنًا، متطورًا، لا مجرد فريق يعتلي الصدارة في دوري متواضع بينما داخله يتآكل بصمت*