صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بأي استقلال نحتفل ..؟

34

مذاق الحروف..

عماد الدين عمر الحسن

 

الاستعمار والاستبداد والاستقلال ، مفردات يزخر بها تاريخ السودان الحديث وتتكرر كثيرا علي المسامع ، فنحتفل بالثالثة منها مطلع كل عام – إذ تخلّصنا بموجبها من الاولي والثانية قبل تاريخ تجاوز الستين عامل بسنتين، والتاريخ رغم أنه لم يسرد علينا من النماذج والقصص الواقعية التي تثبت تورط المستعمر الأجنبي في حالات إستبدادية خلاف التسلط علي خيرات البلاد – لكنه لازال يصف لنا المستعمر بالغاشم والمستبد وبغيرها من المفردات التي تشير الي صفات اخري بغيضة .

صحيح أن مفردة الاستبداد تحمل في بعض معانيها الظلم وفرض الإرداة بدون وجه حق ، غير أن المفردة تتسع كذلك لتشمل معني الحزم وعدم التردد في إتخاذ القرار ، وهي معاني مطلوبة سواء من المستعمر الاجنبي أو من أي مستعمر سواه ، ونشعر كثيرا بافتقارنا اليها . بالاضافة الي أن المفردة ليست بحصرية علي المستعمر الاجنبي وقد تعاني منها بعض الشعوب من بني جلدتها من المقربين  .

أما كلمة الاستعمار فمن أقرب معانيها المتعارفة : سيطرة دولة قوية علي دولة اخري ضعيفة من أجلاستغلال خيراتها في المجالات الاقتصادية والتحكم في خصائصها الاجتماعية والثقافية، ويشمل كذلك نهب وسلب الثروات بالبلاد المستعمرة ( بفتح الميم ) ، فضلًا عن تحطيم كرامة شعوب تلك البلاد وتدمير تراثها الحضاري والثقافي، وفرض ثقافة الدول المستعمره ( بكسر الميم )  فيها .وهي ايضا صفات يقوي ارتباطها بشخصيات المستعمرين علي اختلاف هوياتهم وسحناتهم دون تمييز  .

نقول ، مثل هذه الصفات والمعاني هي الأحق بالاحتفال بالاستقلال منها ، وذهاب الغريب الي بلاده – ولو أخذ معه كل عدده وولده كما أفني العطبراوي عمره وهو يتغني بذلك – فلا يستحق أن نحتفل به ما لم يأخذ معه معاني هذه المفردات ، لأن الاستقلال الحقيقي انما يكون بالتخلص من ممارسة هذه الكلمات وليس معانيها فقط .

 لا معني لأن نحتفل ب ( الاستقلال ) لان المستعمر قد خرج  قبل أكثر من ستين عاما وبقي ( الاستغلال )لم يبارح مكانه بعد ،حتي محاولات تغيير الإرث الثقافي والحضاري  الذي أشرنا اليه في الفقرة السابقة إمتلكنا من الوقت ما كان يسمح باعادة بناءه – إن كان قد مسه سوء – ولكننا لم نفلح ، والثروات التي كانت تنهب من البلاد بواسطة المستعمر – ما تبقي منها كان يكفي لتوفير حياة كريمة وسهلة للناس ويفيض ، فبأي استقلال نحتفل .. ؟

المستعمر الذي نحتفل بخروجه بداية كل عام بني لنا العديد من المشاريع الاقتصادية الضخمة ثم تركها لنا ولم يأخذها معه عندما ركب القطار ، ليس هذا وحسب ، بل ترك لنا نظاما إداريا قويايمكننامن المحافظة علي هذه الممتلكات ولكنا أضعناها كلها ثم تفرغنا لنحتفل  كل عام بالاستقلال ، فبأي استقلال نحتفل ؟ .

ليس المشاريع والنظم الادارية وحدها ، بل حتي السلوك ومقومات الحضارة والتمدين والصحة والتعليم وكل مقومات بناء انسان قوي ومتحضر فاتها لنا الاستعمار ولكن تنافسنا بعده علي إضاعتها وتداعينا عليها وعلي الوطن وتقدمه وبناءه – بل وعلي وجوده – كما تتداعي الأكلة علي القعصة.

الاستقلال الحقيقي إنما يكون باستصحاب كل الخبرات التي اكتسبناها دون استغلال لمعالجة الكثير من السلبيات التي تعودنا علي ممارستها لاسباب التعنصر والانتماءات الضيقة علي حساب الوطن الكبير، تعودنا أن نهدم ما بناه غيرنا بداعي كنس اثار الغير ، تعودنا أن نمكّن لمن لايستحق التمكين – فقط بداوعي تتتعلق بالانتماء ، فبأي إستقلال نحتفل ؟؟.

 

 

 

 

 

 

 حمل تطبيق كورة سودانية لتصفح أسرع وأسهل

لزوارنا من السودان متجر موبايل1

http://www.1mobile.com/net.koorasudan.app-2451076.html

2,456حملوا التطبيق

لزوارنا من جميع انحاء العالم من متجر قوقل

https://play.google.com/store/apps/details?id=net.koorasudan.app

17756 حملو التطبيق

على متجر apkpure

https://apkpure.com/ar/%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D9%83%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9/net.koorasudan.app

على متجر facequizz

http://www.facequizz.com/android/apk/1995361/

على متجر mobogenie

https://www.mobogenie.com/download-net.koorasudan.app-3573651.html

على متجر apk-dl

http://apk-dl.com/%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D9%83%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

على متجر apkname

https://apkname.com/ar/net.koorasudan.app

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد