تطوروا وتخلفنا!

كبد الحقيقة
د . مزمل أبو القاسم
تطوروا وتخلفنا!

* كنت أنوي أن أكتب عن القرار المتسرع الذي اتخذه مجلس إدارة نادي الهلال وقضى به على مبادرة مسئولة وجميلة استهدفت ترميم العلاقة بين السيدين، ومد جسور التعاون بينهما، لكنني أحجمت تقديراً لمناشدةٍ كريمة وصلتني من الأخ الصديق أيمن أب جيبين، رئيس مجلس إدارة نادي المريخ، الذي برر طلبه بأنه ما زال يتعشم في أن تحظى مبادرته بالقبول، وأنه يُصّر على إشاعة (ثقافة الحُب)، كي يكافح بها خطاب الكراهية الذي تفشت في الوسط الرياضي.
* ذكر أيمن في معرض التماسه أن الأمر يتخطى عنده حدود التفكير في الاستضافة، لأن المريخ لن يمتنع عن اللعب في البطولة الإفريقية لمجرد أن الإخوة في نادي الهلال رفضوا استضافة مبارياته، وأنه (أي المريخ) لن يعدم ملعباً ينظم فيه تلك المباريات، مهما كلفه ذلك من مشقة ومال.
* الأمر عند الأخ أيمن متصلٌ بمصير مبادرتين طرحهما خلال الفترة الماضية، واستهدفت الأولى تأهيل واستكمال نواقص ملعب المدينة الرياضية على نفقة نادي المريخ من منطلق وطني بحت يسهم في تجهيز الملعب كي يصبح تحت خدمة المنتخبات الوطنية والأندية السودانية المشاركة خارجياً، وسعت الثانية إلى ردم الهوة وتقريب الشقة التي تفصل الناديين الكبيرين، ومد جسور التعاون بينهما بما يحقق مصالحهما العليا، ويقلل من حدة التوتر الذي يسود العلاقة بين العملاقين بإقامة مباريات المريخ الإفريقية في ملعب الهلال.
* سنقبل التماسه ونتيح له مزيداً من الوقت للترويج للنهج المسئول الذي ابتدر به عهده في المريخ، ونتمنى أن يفلح مسعاه، بغض النظر عن مصير الطلب الذي قدمه المريخ للهلال.
* المهم في الأمر أن يتحسب النادي الأحمر بخطة احتياطيه لملف الملعب، كي يتجنب الحرج حال تمسك مجلس الهلال بموقفه غير المبرر، ونقترح عليه أن يواصل مساعيه الرامية إلى إقامة المباريات الثلاث في ملعب مدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.
* قبل يومين جمعتني مكالمة مطولة مع الزميل الصديق أبراهام ألبينو، الصحافي والكاتب الجنوبي المعروف، سألته فيها عما إذا كانت أعمال التشييد الجارية في ملعب جوبا انتهت أم ما زالت متواصلة، فأكد أنها شارفت على الانتهاء، وأنها تتم بواسطة شركة صينية، وبتمويل مباشر من الفيفا عبر مشروع التطوير.
* تحدثت بعده مع الأستاذ أوغستينو مدوت، رئيس اتحاد كرة القدم في دولة جنوب السودان الذي أبدى سعادته باستضافة المريخ، وذكر أن الملعب سيصبح جاهزاً في خواتيم الشهر الحالي بعد أن تنهي الشركة المكلفة بالعمل توريد الأثاثات الخاصة بالإستاد في الأيام المقبلة، وقال إنهم سيستضيفون رئيس الفيفا جياني إنفانتينو لافتتاح الملعب، لكنهم لا يمانعون في استضافة مباريات المريخ الإفريقية لأنها ستعتبر تدشيناً متميزاً للإستاد الجديد.
* أسعدتنا كلماته، سيما وأنه كررها على مسامع رئيس المريخ أيمن أب جيبين، الذي أكد له أنهم سيكونون في غاية السعادة لو أقيمت مباريات المريخ في جوبا عروس الجنوب، وأنه يخطط لتنظيم كرنفال ثقافي وفني كبير، على هامش المباريات الثلاث، لتقوية وتمتين العلاقة التي تربط الأشقاء في البلدين.
* لو نجحت تلك المساعي فسيصيب المريخ ألف عصفور بحجر واحد، لأنه سيقوي علاقته مع ملايين الجنوبيين الذين يدينون بالولاء للأحمر الوهاج، وسيتيح لهم فرصةً جديدةً للقاء معشوقهم الجميل.
* لو لُعبت مباريات المريخ في جوبا فسيتمتع الفريق بدعم جماهيري هادر، قد لا يتأتى له حتى ولو لعب في الرد كاسل، ونذكر كلنا كيف هرع المئات من صفوة الجنوب إلى العاصمة اليوغندي كمبالا عندما لعب المريخ في البطولة الإفريقية هناك قبل عدة سنوات من الآن، حينما تكبدوا مشاق السفر بالبر لأكثر من نصف يوم، ودخلوا ملعب المباراة وهم يحملون الأعلام الحمراء، وبحمد الله أسعدهم الزعيم وردهم إلى بلادهم فرحين بانتصار مغال بهدف الراحل إيداهو.
* نتمنى النجاح للمبادرة، ولو أن اكتمالها سيكون رهيناً باكتمال نواقص ملعب جوبا الجديد، الذي يقف برهاناً على جدية وحسن إدارة الأشقاء في الجنوب للعبة، بدليل أنهم فعلوا ما عجز عنه الاتحاد السوداني باستغلالهم الجيد، بل والمبهر لمشروع الفيفا للتطوير، عندما استثمروا أكثر من أربعة ملايين دولار منه لتأهيل الملعب العتيق، وها هم يخططون لتشييد ملعب آخر بمواصفات عالمية بالطريقة نفسها في مدينة واو.
* لو حدث ذلك ولعب المريخ تحت سفح جبل الرجاف ومنح صفوة الجنوب فرصة لاحتضان الزعيم بعد طول غياب فسينطبق على المبادرة قول المولى عز وجل في محكم تنزيله (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا).. صدق الله العظيم.
آخر الحقائق
* حتى وقت قريب كانت أندية ومنتخبات الجنوب تؤدي كل مبارياتها الدولية في السودان بسبب عدم جاهزية الملاعب في دولة جنوب السودان.
* هل هو أكبر ناد في السودان يتجه جنوباً ليؤدي مبارياته الإفريقية في جوبا.
* المواصفات الموجودة في ملعب جوبا الدولي ليست موجودة في أي ملعب بالسودان.
* أربع غرف حديثة للملابس، وساونا وجاكوزي وقاعات لكبار الشخصيات ومنصة للإعلاميين وغرف تحكم ومداخل مزودة ببوابات إلكترونية وكاميرات مراقبة ومواقف حديثة للسيارات ومقصورة رئيسية فخمة وملعب بديع.
* في زيارة تفتيشية لمندوب الكاف محمد سيدات للملعب الجديد ذكر أن إستاد جوبا أصبح مؤهلاً لاستضافة المباريات الدولية من المستوى الأول.
* ذلك يعني أنه مؤهل حتى لاستضافة المباريات التي تقام تحت الإشراف المباشر للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، مثل تصفيات المونديال.
* تخلفنا وتطوروا.
* تراجعنا وتقدموا.
* عما قريب سيمتلك الجنوب ملعباً آخر بمواصفات دولية وستظل مدينة السودان الرياضية على حالها، خرابةً ينعق فيها اليوم، بأمر وزيرةٍ برعت في (دس المحافير).
* لو قبلت مبادرة المريخ الراقية لاكتسى ملعب المدينة الرياضية نجيلاً سندسياً في أقل من شهر.
* اتفق المريخ مع ثلاث شركات زراعية كبيرة لتجهيز الملعب وشرع في شراء ثمانية آلاف متر مربع من النجيل الطبيعي (رول)!
* امتطت الوزيرة سيارتها وذهبت بنفسها إلى الملعب لتجهض تلك المبادرة الرائعة!
* لو تعاملت مع مبادرة أب جيبين بعقل مفتوح لان تدشين الملعب الأولمبي بمباريات تجمع المريخ مع ثلاثة من أكبر وأشهر الأندية العربية والإفريقية.
* بحول الله يبدأ العمل في تأهيل القلعة الحمراء قريباً وتعود سيرتها الأول عندما حولها الوالي الغالي إلى منارة تشع بالضياء.
* ما نؤكده تماماً أن جماهير المريخ تعاملت مع إستاد الهلال بمنتهى الرقي والتحضر في مباراة القمة الأخيرة ولم تحطم أي مقعد.
* إستاد الهلال مزود بكاميرات مراقبة، وعلى من يرددون فرية تحطيم جماهير المريخ للمقاعد أن يثبتوا زعمهم الكذوب بمقاطع مصورة من تلك الكاميرات.
* حوى الاتفاق بنداً يتعلق بتأمين مالي بقيمة 150 ألف دولار تحسباً لحدوث ما لا تحمد عقباه.
* بوجوده يصبح الحديث عن تحطم مقاعد وحدوث تلفيات أمراً غير مبرر على الإطلاق.
* الواضح أن مجلس الهلال انساق وراء بعض المشجعين والإعلاميين المتشددين، واتخذ قراراً خاطئاً يحسب عليه سلباً.
* كان فينا مرجواً، ليثبت أنه بحجم ومكانة ناديه، واختار أن يتبع بعض الصغار!
* آخر خبر: مبادرات المريخ الوطنية القيمة تستحق تعاملاً يليق بها.

٦٨٦٨

٢٣ تعليقًا
1 share

أعجبني

تعليق

مشاركة