جماهيرنا تكسب… ومنتخبنا يخسر
العمود الحر
عبدالعزيز المازري
فرصة ضاعت… والخيبة بقيت
بدأ منتخبنا البطولة بوجه مختلف… وجه فيه جدية وحماس وتركيز، فبدا وكأنه استعد ليقول كلمته أمام حامل اللقب الجزائر. ضغط منظم… روح قتالية… التزام تكتيكي. قلنا إن الأفق يتسع، وإننا أخيراً نمتلك ما يشبه الهوية. لكن كل ذلك تلاشى أمام العراق، حين ظهر الفريق هشّاً، مضطرباً، مترجّحاً بين نوبة اندفاع بلا حكمة وتمريرات لا تعرف طريقها.
كواسيا باباه — مع تقديرنا — وصل مرحلة لم يعد فيها قادراً على منح المنتخب إضافة. تغييرات بلا منطق، وقناعات تجاوزها الواقع، وعدم قراءة صحيحة لمجريات الشوط الثاني. مدرب يرى الإرهاق واضحاً على لاعبيه ثم يتركهم يستنزفون دون تدخل… مدرب يشاهد الأخطاء وهي تتكرر ولا يرفع حتى إشارة تصحيح. فكان طبيعياً أن تسقط المنظومة تباعاً، وأن ينهار الإيقاع بمجرد أن ارتفع ضغط المنافس.
الهدف الأول أصاب لاعبينا بالإحباط… والثاني أجهز على ما تبقى من الروح. ثغرات واسعة في قلب الملعب، وانعدام للترابط، وفريق يجرّ أقدامه بدلاً من أن يدافع عن صورته. بعض اللاعبين تجاوزتهم مرحلة الاختيار، وبعض المراكز تُدار بالمجاملة لا بالجدارة، وبعض القرارات الفنية تثقل الفريق بدل أن تحرره.
غير أن الوجع الحقيقي لم يكن في الهزيمة… بل في الخيبة.
الجماهير السودانية التي ملأت المدرجات كانت فاكهة البطولة… جمهوراً جاء من كل دروب الحياة؛ الشيخ، والفتى، والمرأة، والنازح، والمقعد… كلهم حملوا شغف الوطن وجاؤوا يهتفون للصقور. عادوا بقلوب مثقوبة بالأمل، ووجوه يعلوها الأسى. وما أقسى أن يخذلك منتخبك حين تكون أقرب ما تكون للحلم!
أما الاتحاد… فالسؤال إليه مباشر:
معتصم جعفر جدد لكواسيا ثلاث سنوات، لكن هل لدى المدرب ما يمكن أن يضيفه بعد أن وصل إلى حدود قدرته؟ إن كانت لديه أوراق خفية، فقد كان العراق أول اختبار لظهورها… ولم تظهر.
ومع ذلك، لا بد من كلمة إنصاف: كرة القدم فوز وخسارة، وهزيمة اليوم لا تلغي قيمة الجهد حين يُبذل. لكن أن تُفتح لنا أبواب الأمل ثم نغلقها نحن من الداخل… فهذه هي المأساة الحقيقية.
مباراة البحرين قادمة… فرصة لحفظ ماء الوجه.
لسنا نطلب انتصاراً خارقاً، بل روحاً حاضرة، وتماسكاً يليق بجمهور جاء يحمل البلد على أكتافه.
لا تجعلوها مباراة وداع… بل مباراة تصحيح.
**كلمات حرة**
* كواسيا بلغ السقف… والسقف لا يُرفع بالمجاملات.
* الاختيارات يجب أن تعود إلى معيار واحد: الجدّية والجدارة.
* منتخب بلا تجديد فكري… يبقى عالقاً في نفس الأخطاء.
**كلمة حرة أخيرة**
المنتخب يحتاج “مراجعة شاملة” تتجاوز مباراة وهزيمة… مراجعة تبني فريقاً لا يعتمد على الأسماء، بل على القدرة… ولا ينتظر الحظ، بل يصنعه.


