* سترتفع أسهم الرياضة كثيراً لو أفلحت في إنهاء الأزمة الخليجية المحتدمة لأكثر من عامين.
* لو حدث ذلك فسيستعيد عشاق الرياضة ذكرى مباراة تنس الطاولة الشهيرة، التي أفلحت في إنهاء القطيعة السياسية بين أمريكا والصين، بما اصطلح على تسميته دبلوماسية (البينغ بونغ)، عندما بادر تسعة من لاعبي تنس الطاولة الأمريكيين بزيارة العاصمة الصينية بكين للمشاركة في مباريات استعراضية مع لاعبين صينيين في العام 1971، لتؤدي المشاركة إلى إذابة الجليد بين الصين والولايات المتحدة، وتصبح مدخلاً لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية بين البلدين لاحقاً.
* بالمثل يمكن أن تصبح مشاركة منتخبي السعودية والإمارات في بطولة كأس الخليج الرابعة والعشرين المقامة في حالياً العاصمة القطرية الدوحة مدخلاً لإنهاء القطيعة السياسية التي استطالت بين الأشقاء، وعكرت أجواء المنطقة، ودفع ثمنها مواطنون عاديون، ارتبطوا بعلاقات مصاهرة كريمة عابرة للحدود، لا دخل لها بمكائد السياسة، وحساباتها المعقدة.
* الفارق الزمني بين تاريخ مباراة التنس الشهيرة وموعد انطلاق أولى بطولات كأس الخليج عام واحد، حيث ولدت البطولة الإقليمية الأوفر إثارةً للجدل، والأكثر انتزاعاً لاهتمام الجماهير في المنطقة عام 1970 بالبحرين، بأربعة منتخبات فقط، وانتهت بفوز منتخب الكويت، المهيمن الأوفر حصولاً على اللقب بعشر بطولات ذهبية.
* تشرفت بحضور افتتاح البطولة العريقة في الدوحة قبل أيام قليلة من الآن، وسرني أن تستعيد المسابقة زخمها القديم، وبريقها المقيم، باعتبارها واحدة من أهم الأحداث الرياضية في المنطقة.
* شاركت في تغطية البطولة للمرة الأولى في العام 2002، فعرفت قيمة البطولة بمعايشة لصيقة لتفاصيل (خليجي 15)، الذي احتضنته العاصمة السعودية الرياض في شهر يناير من العام 2002.
* عايشت تصريحاتها الملتهبة، وصراعاتها المحببة، وتنافسها المحتدم، ومجالسها العامرة بالأنس والمحبة، فبطولة كأس الخليج لا تلعب داخل المستطيل الأخضر وحده، بل تحتدم المنافسة فيها أكثر على المدرجات، وتنتقل إلى أستوديوهات التحليل في الفضائيات، وتشتعل على الطرقات، وفي كواليس البطولة التي تحظى باهتمام جماهيري ضخم في كل دول الخليج.
* بطولة كروية لها إرث كبير، وقيمة فنية وجماهيرية ورياضية واجتماعية وسياسية لا تخطئها عين، لا نجد مدخلاً أفضل منها لوصل ما انقطع، واستعادة ما كان بين أبناء الخليج.
* جديد البطولة يتمثل في تنظيمها بمعايير الفيفا، وبمستوى تنظيم المونديال، حيث تخضع التفاصيل الصغيرة لاهتمام كبير، ولا يتم إغفال أي شيء منها، بدءاً بطريقة التقديم للتغطية الإعلامية عبر موقع الفيفا، مروراً بترتيبات التنظيم المتعلقة بالجماهير، وطريقة الحصول على التذاكر، والتفاصيل الأمنية، والمؤتمرات الصحافية التي تزخر بروح التحدي.
* حضور منتخبي السعودية والإمارات (الأخضر والأبيض) أسعد المتابعين، وشرح صدور المغمومين بالصراع الحاد الذي أدى إلى قطيعة سياسية ساخنة، تحولت إلى حرب كلامية شرسة، خاضها إعلاميو البلدين ومناصروهم، ليزكوا بها ناراً لا يستفيد من أوارها إلا أعداء الأمة، ومن يسرهم احتدام النزاع بين الإخوة.
* عودة السعودية والإمارات للمشاركة لم يشوشها إلا غياب جماهير المنتخبين عن المدرجات، لتبقى المتعة ناقصة، لأن الجماهير تمثل ملح كرة القدم، ومن دونها لا تكتمل المتعة، وتفتقر اللعبة لأهم وأقيم عناصرها على الإطلاق.
* البداية مشجعة، والمشاركة مؤشر إيجابي، يدعو إلى التفاؤل، لأنه يدل على أن جليد القطيعة غير المبررة بدأ في الذوبان، ونجزم أن حرارة المشاعر التي تضطرم في صدور الأشقاء قادرة على إذابته عن آخره، لتعود الأمور إلى طبيعتها قريباً بحول الله.