دع القلق وابدأ الحياة

خارطة الطريق
ناصر بابكر

* يتعثر المريخ في الفاشر أمام السلاطين ثم يكرر التعثر للجولة الثانية توالياً أمام الخرطوم الوطني.. فارق النقاط مع الغريم التقليدي يتسع إلى أربع .. شريط الكثير من نسخ السنوات الفائتة في الممتاز يعود لأذهان فئة كبيرة من الأنصار .. البعض يساوره القلق والبعض الآخر الإحباط وآخرون أصابهم اليأس الكامل من إمكانية الاستمرار في المنافسة على لقب النسخة الحالية.
* يلعب المريخ جولتين على أرضه أمام أندية كوستي الرابطة والمريخ ويحقق انتصارات سهلة بثلاثية ورباعية مع عروض ممتعة ولكن القلق يبقي قائماً، فالبعض يري أن ضعف المنافسين هو السبب وراء تلك النتائج والقادم أصعب وأخطر، رحلة إلى كادوقلي حيث يعود آخر إنتصار للأحمر بأرض الجبال للعام 2011 وتعقبها جولة بملعب شيكان أمام هلال التبلدي الذي أنتصر على المريخ أربع مرات في آخر خمس مباريات جمعت الفريقين.. وبعد العودة للقلعة الحمراء يصطدم الزعيم بالأهلي شندي الذي يقاتل بقوة من أجل التمثيل الخارجي تحت قيادة ملك التكتيك الدفاعي في الملاعب السودانية الفاتح النقر.
* أداء قوي للمريخ بكادوقلي وروح قتالية عالية وبذل لجهد كبير وإنتصار مقنع ومستحق بعد عرض جميل بعشرة لاعبين .. الإرادة نفسها وذات التصميم والروح مع جودة العرض أنتقلت من ملعب مورتا إلى شيكان ليعزف الزعيم أجمل الألحان وينتصر عنوة وإقتداراً على واحد من أفضل الأندية وهو هلال الأبيض، ثم يعود الفريق للخرطوم ويجد نفسه أمام امتحانين أي منهما أصعب الآخر، الأول يتعلق بتكتيك دفاعي قوي ومحترم للمنافس الذي يملك عناصر جيدة وهو الأهلي شندي والآخر هو التأخر في النتيجة بعد بداية الحصة الثانية، ومجدداً ينتفض الزعيم في الأوقات الصعبة ويعاقب منافسه على التقدم الذي فجر براكين غضب عناصر الفرقة الحمراء الذين لم يتوقفوا إلا وصافرة الحكم تعلن نهاية المباراة بفوزهم بثلاثية.
* بعد خمس انتصارات متتالية، وبعد تجاوز ثلاث جولات صعبة، يستقبل المريخ مساء أمس تريعة البجا، البعض يخشي بشدة على الأحمر من الإرهاق جراء خوض تلك الجولات في أوقات زمنية متقاربة ودون الحصول على قسط كبير من الراحة، آخرون يساورهم القلق من أن يصاب عناصر الفريق بتخمة الإنتصارات وبالتالي تحدث مفاجأة ليست في الحسبان، فئة تخشي من الإستهتار والتراخي واستسهال المنافس بشكل يقود لتعثر يحرم الفريق من إعتلاء الصدارة منفرداً واستثمار تعثر الهلال الأخير.
* شخصياً، لم يساورني أدني قلق من جولة الأمس وكنت واثقاً أن المريخ سيواصل عروضه الرائعة ولن يتواني في تحقيق فوز كبير يعتلي به الصدارة بفارق النقاط والأهداف، مصدر ثقتي تلك أن عنوان كتاب المريخ في النصف الثاني هو (دع القلق وابدأ الحياة).. فجيل الأحمر الجديد من اللاعبين لا يتميز فقط بقدر عالي من الموهبة وقدرات كبيرة بما يكفي لتمييز الزعيم عن بقية الأندية المحلية، وإنما أكثر ما يعجبني في هذا الجيل هو التواضع والإحترام والجدية في العمل وقبل هذه وتلك (حب كرة القدم) وهنالك قاعدة تقول (حب ما تعمل .. تعمل ما تحب) وهي قاعدة يترجمها نجوم الأحمر حالياً حيث تشعر بأنهم يمارسون هواية يحبونها ويجدون فيها متعة لا تضاهي وبالتالي تجد تأثرهم بالضغوط ضعيفاً إن لم يكن معدوماً وتأثرهم بالإطراء قليل جداً.. المريخ حباه الله بمجموعة لاعبين تحس أنهم يدخلون أرضية الملعب ليمتعوا أنفسهم ويقضوا (90) دقيقة في مداعبة معشوقتهم (كرة القدم) دون أن يتوقفوا عند مردود المنافس أو أسلوب لعبه أو تقلبات النتيجة.. فالأهم عندهم أن لا يضيعوا ولو دقيقة واحدة دون أن يستمتعوا بها وكأنهم يحلقون في عالم خاص بهم بعيداً عن العالم الذي يحيط بهم والذي يضج بالحديث عن روليت الممتاز والمنافسة واللقب والغريم وأسلوب المنافسين والتحكيم.
* مع المجموعة الحالية، لم يعد هنالك ما يستدع القلق، لا قوة منافس ولا ضعفه، لا مباراة داخل الأرض أو خارجها، لا ملعب جيد أو ذو أرضية سيئة، لا تاريخ سيء أو عقدة، لا إرهاق أو ضغوط أو تخمة، الرسالة التي يقدمها الجيل الجديد للمريخ يوماً تلو الآخر لكل عشاق النادي الكبير أن أتركوا القلق وأبدوأ الحياة.. دعوا القلق وتفرغوا للإستمتاع بسحر كرة القدم وروائعها.. دعوا القلق وثقوا أن كل الأحلام وكل الطموحات بإذن واحد أحد ستتحول إلى واقع وإلى حقيقة وأن المتعة ستكون حاضرة على طول الرحلة والمطلوب فقط من القاعدة الحمراء الثقة والدعم والهدوء والصبر والأهم التماسك والإيمان بالمجموعة الحالية حتى في الأوقات الصعبة التي تعد جزء من عالم كرة القدم.
* دعوا القلق.. إبدأوا الحياة.. وقولوا ما شاء الله ما شاء ما شاء الله وأحمدوا الله كثيراً على نعمة المريخ.