شائعة وفاة كسلا انطلقت من اسمرا
استراحة الجمعة
إبراهيم عوض
شائعة وفاة كسلا انطلقت من اسمرا
شاهدت ساحر الكرة السودانية الدكتور محمد حسين كسلا للمرة الأولى عام 1980 عندما حضر الى الخرطوم، برفقة النصر الاماراتي الذي زار البلاد وخاض مباراتين امام الهلال والمريخ.
تابعته امام الهلال في المواجهة التي انتهت بالتعادل 2ـ2، وسجل فيها هدفا راسيا رائعا في المرمى الجنوبي، على طريقة المجري هيديكوتي والألماني روبش.
انتظر كسلا الكرة المعكوسة من ناحية اليمين، في التوقيت المناسب، وقفز بخفة ورشاقة، ثم ضرب الكرة برأسه على الارض، ومنها تهادت نحو الشباك الهلالية.
شكل كسلا مع زميله المهاجم الفاضل سانتو في تلك الرحلة ثنائيا رائعا، ومتعا الجمهور بفنهما الكروي الرفيع، وذكائهما الفطري، وتابلوهاتهما الرائعة وتركا الحسرة لجماهير الهلال والمريخ.
تقربت من الدكتور كسلا خلال فترة توليه تدريب الهلال عام 1987، الفريق الذي تاهل لنهائي كاس الأندية الافريقية، وخسر أمام الأهلي المصري 0ـ2 بمساعدة الحكم المغربي الراحل لاراش.
وتوطدت علاقتي معه عندما أسندت اليه مهمة تدريب فريق الاشبال بداية التسعينات، وكنت حينئذ قريبا منه، واستمتع بحكاويه وقصصه المثيرة عن تجربته في الهلال والنصر، والأسباب التي منعته من العودة للازرق، وفي مقدمتها دراسة الطب البشري.
في عام 1992، سافرت مع أشبال الهلال الى اسمرا، للمشاركة في احتفالات اريتيريا بنيل استقلالها من الحبشة، في رحلة استمرت نحو أسبوع، لعب فيها الاشبال ثلاث مباريات، وقاده كسلا لتحقيق فوز وتعادلين مع فرق كبيرة.
كان كسلا الى ذلك الوقت رشيقا، وكان يبرز مهاراته مع اللاعبين خلال التدريبات، ويطبق لهم عمليا، بعض فنون الكرة، كالتسديد من الكرات الثابتة خارج الخط، وعكس الضربات الركنية وغيرها.
كانت تمارين الفريق في اسمرا تحظى بحضور جماهيري كبير، وفي احدها كان هناك اثنان من المشجعين الارتريين الذين عاشوا في كسلا، لفترة طويلة (يتغالطان) في شخصية الدكتور مدرب الاشبال.
أحدهما بدأ يحكي للآخر عن مسيرة كسلا وموهبته،، ويحلف باغلظ الايمان بانه لا يزال قادرا على اللعب وقيادة فريق الهلال، لكنه اندهش من رد زميله عندما قال له وبثقة : كسلا الأصلي توفي زمان يرحمه الله .. ده كسلا تقليد، ده ما زولك القاصدو!.
استمر (الغلاط) بينهما ، وانا استمع لتفاصيله في انتظار ما تسفر نتائجه، وقبل نهاية التدريب بدقائق اقتربت منهما وحسمت الجدل، فهز (المكابر) راسه وعلى مضض اقتنع بان الذي امامه هو كسلا الأصلي بلحمه وشحمه.
وبعد اكثر من ثلاثين عاما، من تلك الواقعة التي قتلت في مهدها، حتى دون ان يدري عنها بطلها، انطلقت شائعة وفاة الدكتور فجر الجمعة الماضية، وهذه المرة عمت القرى والحضر، وازعجت الدكتور واسرته ومحبي فنه.
اطال الله عمر الدكتور كسلا في الطاعات، وحفظه وأهله من كل سوء.