صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

صلاح حاج سعيد:  “مااصلو حال الدنيا… تسرق منية فى لحظة عشم ”                     

1٬181

 

بقلم السفير عبد المحمود عبد الحليم

يقول الشاعر صلاح حاج سعيد فى قصيدته “لقيتو واقف منتظر ”  التى يؤديها الفنان الطيب عبد الله  ” يخلق من الشبه اربعين..” …لكنه يندر ان تجد شبيها لصلاح ، الذى رزئنا بفقده قبل ايام ، كمجدد في حركة الشعر الغنائى السودانى و احداثياته المضامينية  وانماطه التعبيرية ودلالاته المفاهيمية واشجانه وحمولاته  الانسانية والعاطفية……فتح رحيل صلاح غرفة حزن جديدة فى قلوب الملايين ليست بعيدة عن مكان صديقه عمر الطيب الدوش ،ليضاعف ذلك من فواجعنا فى عام ” الحزن النبيل ” هذا والذى ارتحل فيه على ظهر غمامة بيضاء  الى دار الخلود السر قدور وبشير عباس وعدد آخر من المبدعين……فى سبعينات القرن الماضي تعرفنا بصلاح……كنا نلتقيه بمنزل الخال الموسيقار والملحن محمد سراج الدين بالسجانة الذى كان يزوره ايضا و بصورة مستمرة ومتصلة  بل ويقيم معهم  احايينا اخرى الفنان مصطفى سيد احمد بحكم عمل محمد سراج الدين وحرمه الاستاذة منى عبد الرحيم ومصطفى سيد احمد بمعهد تدريب المعلمات  بام درمان حيث تعززت بينهم  وصلاح وحرمه عواطف عثمان شقيقة فنان الكاريكاتير عز الدين عثمان الوشائج الاجتماعية والعلاقات الابداعية التى لم يكن بعيدا عن اجوائها  الفنان محمد ميرغنى والملحن حسن بابكر والفنان عثمان مصطفى…ويدلل على ذلك قيام محمد سراج الدين عباس بتلحين عملين كبيرين في نفس الفترة..” تباريح الهوى ”  لمحمد ميرغنى و ” عارفني منك ”  او الشجن الأليم لمصطفى سيد احمد…. ان تتبع الرسم البيانى لاشعار صلاح حاج سعيد ينبئك ان تلك القصائد تخرج من وجدانه بثابت ومتغير…فأما الثابت فهو جمال الإبانة وحلاوة النظم ..وأما المتغير فهو تلوينها بازهار كل موسم جديد فتميزت بالمواكبة وملامسة اشجان المتلقي وفضاءاته الحياتية…تعاون  صلاح حاج سعيد باكرا مع الفنان محمد ميرغنى فكانت ”  كفاية الوحدة مابقدر انا ..طريقك تانى امشيهو…اصلو العمر كم مرة عشان نهدر امانيهو ” …واتبع ذلك لاحقا من الحان حسن بابكر  بأغنية ” ماقلنا ليك..الحب طريق قاسى وصعيب من أولو…مارضيت كلامنا وجيت براك…اهو دا العذاب اتحملو  “……أما “البينا ماساهل ” و ” صدقنى” فقد كانتا عنوانا لثنائيته مع عثمان مصطفى الى جانب ” موعود ” وفيها ” لا عارف اجى وانسى واراضيكا…ولاهاين..افوت منك اخليكا…”  و ” عفو الخاطر ” للهادى الجبل…بينما شكلت ” يانرجسة”و “ياجميل يا رائع ” قوام تعاونه مع محمد الامين…وقد سلك صلاح شارع الموردة وذهب برفقة ونصيحة الموسيقار حسن بابكر لمقابلة الأستاذ بشير عباس بدار الفنانين  وتسليمه قصيدة ” نور بيتنا..شارع بيتنا ” لتؤديها البلابل، ويقول صلاح ان مناسبتها كانت قدوم مولوده الأول جمال…تذهب ” ياجميل ياراقى احساسك ” ليؤديها حسين شندى …وعن ملحنها صلاح ادريس يقول صلاح انه أجاد وهو ‘موهوب ومتعدد الاهتمامات.. الا ان المال ظلمه ‘…على كثرة الاعمال التى ادتها مجموعة مقدرة من الفنانين الكبار  لم يجد بعضها الانتشار الكافى الا ان تجربة صلاح حاج سعيد ومصطفى سيد احمد تظل الابرز …يقول صلاح عنها انها علامة مضيئة فى مشواره وان لها خصوصية.. ويمضى ليشير بان تجربة مصطفى سيد أحمد تستحق ان يسبر غورها مضيفا أن ذلك لم يحدث بعد  ، وأن  قصيدة مثل ”  مريم  الاخرى” سبقت مضامينها زمانها  لم تلقى حظها من التحليل ،  فلم تجد الأعمال التى  كان  نصيبها من البث  ضئيلا التركيز المطلوب…جمع بين مصطفى وصلاح  ما يصل وربما يتجاوز  الاربعة عشر عملا لعل أشهرها “الشجن الاليم ” و ” المسافة  ” و ” عدا فات ” و “الحزن النبيل “…..    ‘ وبقيت أغنى  عليك..غناوى الحسرة والاسف الطويل..وعشان اجيب ليكى الفرح…رضيان مشيت للمستحيل..ومعاكى فى اخر المدى فتينى ياهجعة مواعيدى القبيل…بعتينى لى حضن الأسى..سبتينى للحزن النبيل…ومشيت معاك كل الخطاوى الممكنة..وبقدر عليها وبعرفا …اوفيت وماقصرت في حقك ولاكان عرفة غيرك اصادفا…وقدر هواكى يجيبنى ليك..جمع قلوبنا..وولفا….وكتين بقيتى معايا فى اعماقي…فى أعماق مشاعرى المرهفة…لامنك ابتدت الظروف..ولابيكى انتهت الامانى المترفة ‘  ولأيزال أمام شاعرنا صلاح بوح المسافة ‘ …لسه بيناتنا المسافة والعيون.. واللهفة والخوف والسكون….ورنة الحزن البخافا تعدى  بالفرحة وتفوت..وامشى بالحسرة واموت ‘…’ عدا  فات..زمن العيون الألفة والحضن الملاذ…ورهافة الحس البلون ضحكة الناس العزاز….بعد الحنان الكان زمان….استوطن المطر الحراز….’ ..لم يفت على صلاح حاج سعيد تنبيهنا مرارا بمرارة البعد ….” طوريتك فى الطين مرمية….كوريتك يابسة  ومجدوعة… لاغيبتك كانت مرضية…ولافوتك كانت مبلوعة “….وانت يا صلاح..لم يكن ارتحالك الا حزنا ووجعا……..   “مااصلو حال الدنيا تسرق منية فى لحظة عشم “..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد