مذاق الحروف
عماد الدين عمر الحسن
فتح المدارس..قرار يفتقر الحكمة..
لا يوجد اي تفسير منطقي يسند قرار فتح المدارس في بعض الولايات في مثل هذه الظروف ، فالقرار يفتقر الي الحكمة بكل المقاييس . فمن الناحية الانسانية معلوم ان المدارس في كثير من الولايات – التي يفترض انها امنة – تحوي اعدادا كبيرة من الاسر النازحة من مناطق الحرب ، وفتح المدارس في هذا التوقيت يعني اعادة تشريدهم ومضاعفة معاناتهم والالقاء بهم في قارعة الطريق .
هذا بالاضافة الي أن نسبة الأمان نفسها في هذه الولايات ليست كافية لفتح المدارس في ظل استمرار تساقط المسيّرات من فترة لاخري ببعض المدن كما حدث في عطبرة والقضارف واخيرا مروي بالولاية الشمالية .
أقل اشتباه في صوت طائرة عادية بانها مسيرة او طائرة مقاتلة قد يؤدي الي ما لا يحمد عقباه نتيجة اندفاع وتزاحم التلاميذ للهروب من خطر محتمل . بالاضافة الي ان احتمال سقوط مسيرة حقيقية لايزال واردا .
أما النواحي العملية فتقول ان المدارس نفسها غير مجهزة في الوقت الحالي لاستقبال الطلاب حيث لم تتوفر الصيانات الدورية التي تحدث قبل كل موسم دراسي بسبب الاسباب المعلومة ، كما أن المعلمين لم يصرفوا استحقاقاتهم المالية ولم يتم توفير الكتاب المدرسي ولا الإجلاس .
أما من ناحية المنطق فلا معني لاستمرار الدراسة بالفصول الصغري دون ان يتمكنوا من الانتقال الي الصفوف الكبيرة ، لانه من الصعوبة بمكان اقامة امتحانات الشهادة السودانية وهي امتحانات موحدة علي مستوي كل السودان كما هو معلوم ، وكل السودان هذه من ضمنها الخرطوم والجزيرة ، وولايات دارفور وهي كلها مناطق عمليات واشتباكات تجعل الدراسة هناك في حكم المستحيل .
من أصدر القرار افترض ان كل الاسر قد خرجت من مناطق العمليات وألحقت أبنائها أما بمدارس الولايات او بمدارس خارج السودان ، وهو افتراض غير صحيح ، اذ توجد اعدادا كبيرة من الاسر لازالت داخل الخرطوم وباقي الولايات غير المستقرة لم تمكنها ظروفها من المغادرة ولايزالون تحت التهديد ووابل القاذفات والنيران ، وصاحب القرار مطالب بأن يخبرنا برؤيته عن مصير أبناء هولاء .
الواضح تماما أن العقلية التي تصدر مثل هذه القرارات هي العقلية القديمة التي لاتضع مصالح وظروف البسطاء من أبناء هذا الشعب في اولوياتها .
أو انها تفترض ان كل الشعب السوداني يتمتع بما تتمتع به من قدرات وامكانيات وانهم جميعا الان في تركيا او في مصر يرفلون في النعيم والله المستعان …