صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

فساد في كل الأوقات

128

خارطة الطريق

ناصر بابكر

فساد في كل الأوقات

* النهاية التي كتبها مجلس المريخ لقضية عقد الاستثمار بالإعلان عن إلغاء العقد بحجة تضارب المصالح فقط لا غير، دون اتخاذ أي إجراءات إضافية.. هي نهاية لم تفاجئني بل توقعتها في هذه المساحة عدة مرات فور مطالعة أسماء أعضاء لجنة تقصي الحقائق التي كونها سوداكال، فبسؤال العديد من قانونيي المريخ عنهم وجدت أن لا أحد يعرفهم أو يعرف لهم علاقة بالنادي الكبير، وما جعلني أوقن على الفور أن تلك الأسماء ما هي إلا غطاء لإزالة الحرج الذي دخله المجلس بعد تصرف مادبو وعمر محمد عبد الله بالتفويض والتوقيع على العقد.
* صحيح أن أبو أواب قد يكون حسن النية وأنه يرغب في مساعدة النادي، لكن حسن النية لا يمكن أن يكون كافياً لإدارة ملف بحساسية وقيمة وأهمية (الاستثمار) وليس في مشروع واحد فحسب، بل في كل ما يخص المريخ، وفي كل ممتلكاته من علامة تجارية واسم ومكانه وأراضٍ، وهو أمر يتطلب قدراً عالياً من الدقة والدراسة والتخطيط والاستعانة بالمختصين من أهل الاقتصاد وإدارة الأعمال والقانون إلى جانب التزام المعايير اللازمة والمطلوبة والخطوات والإجراءات التي تتبع في مثل هكذا حالات، سيما وأن الأمر يرتبط بمال عام ونادٍ جماهيري وبالتالي لا يمكن أبداً قبول (السبهللية) واللا مبالاة والاستهتار والسرية التي تمت إدارة الملف عبرها، وكم الأخطاء التي ارتكبت والتي تجعل ردود الأفعال التي أعقبتها منطقية وطبيعية على أمل أن تكون درساً للمجلس لمراجعة سياساته وطريقة عمله ولأبو أواب ليحسب خطواته جيداً قبل الشروع في تنفيذها ومراجعة محيطه والتدقيق في قدرات ومؤهلات من يمثلونه قبل أن يورطوه في العديد من الإشكالات ويقدموه في صورة سيئة وهو من يجزم الكثير ممن يعرفونه على حسن نيته وحبه للمريخ ورغبته في مساعدة النادي.
* البدايات الخاطئة والطريقة الخاطئة لإدارة الملفات تقود لنهاية خاطئة وربما كارثية حتى لو كان حسن النية موجوداً، ومن حسن حظ المريخ ومجلسه وأبو أواب أن اكتشفت هذه القضية مبكراً قبل أن يدخل النادي في ورطة تستمر لعقود طويلة وتدفع ثمنها أجيال وأجيال من أنصار الأحمر بسبب عقد وقع في الخفاء وممارسة غابت عنها الشفافية ولم تتوفر لها “أ ب ت ث” الإجراءات السليمة للاستثمار وعقد لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بعقود الاستثمار المحكمة والواضحة سواء من الناحية القانونية أو الناحية الاقتصادية، وهو أمر طبيعي طالما تم تغييب كل القانونيين وكل أهل الشأن بل كل أهل المريخ ووُقِّع في دائرة مغلقة تقل عن خمسة أشخاص.
* حال كان مجلس المريخ جاداً في الاستفادة من الدرس والتعلّم منه لتعامل مع القضية بالحسم اللازم وقام بتجميد عمل من وقع على العقد ومن قام بتفويضه ورفع أمرهما للجمعية العمومية لتقول كلمتها فيما قاما به، ولو كان جاداً في الاستفادة من الدرس لكانت الشفافية حاضرة في التعامل مع الرأي العام المريخي بنشر العقد في الصفحة الرسمية مع بيان يكشف حقيقة ما تم من الألف للياء وتوضيح لحقيقة المبلغ الذي تسلمه النادي من أبو أواب وأوجه صرفه مع اعتذار للرأي العام.. لكن المجلس اختار الاستمرار في أسلوب (الدغمسة) بقرار إلغاء العقد بالتراضي بحجة تضارب المصالح، مع الترحيب بأبو أواب وشركائه كمستثمرين، فكيف يتم إلغاء العقد لتضارب المصالح ويتم الترحيب بأبو أواب كمستثمر طالما أنه ما زال رئيساً للجنة الاستثمار، حيث لم يعلن هو تنحيه عن المنصب ولم يعلن المجلس إقالته منه أو حل اللجنة، مع العلم أن جزئية إلغاء العقد نفسها يدور حولها الكثير من الحديث، لأن الطرف الآخر لم يخرج ليؤكد عليها وسط أقوال منسوبة له في مواقع التواصل تفيد بأن العقد لم يُلغَ، مع الإشارة لنقطة أخرى وهي أن باب الاستثمار في أي ملف من ملفاته الواسعة والمتعددة ينبغي أن يفتح أمام الجميع عبر الطرق السليمة والمعروفة والاشتراطات التي تضمن تحقيق المريخ للفائدة المرجوة من وراء الاستثمار، لأن أي عمل لا يتم تنفيذه بأعلى درجات الصرامة في المعايير اللازمة يتحول ببساطة من نعمة إلى نقمة.
* وطالما أن الحديث يدور بالصوت العالي هذه الأيام عن الفساد وملفاته في المريخ.. فيطيب لنا أن نسأل، هل بدأ الفساد في المريخ مؤخراً؟ ولماذا اختار كثيرون الصمت مع سبق الإصرار والترصد على فساد أزكم الأنوف واستمر لسنوات طويلة وطال عدداً من الملفات إن كان دافعهم في الوقت الحالي هو المريخ بحق وحقيقة؟
* غداً بإذن الله وإن كان في العمر بقية سوف نتطرق لحكاية الخيار والفقوس في تعامل البعض مع الفساد وتناوله بفقه مع وضد بعيداً عن مصلحة المريخ.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد