صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

فلوران والعليقي: الهلال بين المجد الزائف والواقع المر!

48

العمود الحر
عبدالعزيز المازري

فلوران والعليقي: الهلال بين المجد الزائف والواقع المر!

تصدّر الهلال جدول ترتيب الدوري الموريتاني كضيف شرف، في تجربة شكلية لم تغيّر من واقع الفريق شيئًا، رغم طابعها الاستثنائي ومكاسبها الرمزية. انتصاره على كينغ نواكشوط منحه صدارة معنوية، بعد أن تُوّج نواذيبو رسميًا، لكنها لحظة خادعة في موسم مرتبك لا يحتمل المزيد من التجميل.
التجربة الموريتانية منحت الدوري هناك بعدًا إعلاميًا وفنيًا، ووجّهت شكرًا ضمنيًا للهلال، لكنها لم تُخفِ حقيقة أن الفريق بلا مشروع، بلا هوية، وبلا ملامح تليق بتاريخه. ما تحقق في نواكشوط ليس سوى مكسب عابر لا يغطّي على الإخفاق المتراكم داخليًا.
فلوران بات خارج السياق؛ قراراته عشوائية، واختياراته تُدار بلا منطق، فتارة يُقصي لاعبين مؤثرين كأبوعاقلة، وتارة يُثبت أسماء على وشك المغادرة. حتى مركز الحراسة يتخبط بين المدني وكديابا، في مشهد يشي بفقدان البوصلة الفنية.
والأدهى من ذلك، غياب كامل للمحترفين عن مشهد دوري النخبة! ففوفانا ودياو في طيّ الغياب، دون تصريح رسمي، والحارس فوفانا لم يُشاهد إلا في الأخبار الموريتانية، لا في كشف الفريق! كيف لنادٍ يعتمد كليًا على الأجانب، أن يدخل أهم بطولة محلية دونهم؟ إنها طامة كبرى تُنبئ بأن الهلال سيدخل دوري النخبة تائهًا، بغير سلاح، في وقت يعتمد فيه منافسوه على الانسجام والاستقرار.
فلوران خارج البلاد يفاوض ويحوم، بينما الإدارة تتمسك به كأن لا بديل له، رغم أن نتائجه لم تشفع له، وأداء الفريق يزداد ترنحًا. التغيير لم يعد رفاهية، بل ضرورة.
ثلاث سنوات مضت دون إنتاج موهبة وطنية واحدة، دون بناء فريق يُخيف خصومه، أو يُرضي جماهيره. اختفى اللاعب السوداني من التشكيل، وحل محله جيش من المحترفين الذين لم يتركوا بصمة، حتى غابوا الآن في أحلك مراحل الموسم، وتركوا الهلال عاريًا بلا عصب، ولا أعمدة.
مشروع العليقي لم يعد سوى فكرة ورقية بلا تطبيق. فقد تحوّل الهلال من نادٍ وطني إلى منصة لتجريب المدربين والترويج للاعبين أجانب، بلا خطة أو هوية. حتى الجماهير، التي كانت في الأمس القريب وقود المشروع، أصبحت اليوم صدى سخط، لأن صوت العقل غاب وسط ضجيج التطبيل.
ما يحتاجه الهلال اليوم ليس بطولات شرفية خارج الحدود، بل ثورة داخلية تُعيد البناء من الجذور. نادٍ بحجم الهلال لا يُدار بالشعارات والصور، بل بالنتائج والمواقف. إن استمرار هذا النهج يعني فقط مزيدًا من التيه، والإصرار على الفشل.
من كرم فلوران أن يرحل، ومن الحكمة أن يتفرغ العليقي للإدارة ويترك الفنيات لأهلها. لا مشروع ينجح إن خُلطت فيه الأدوار، ولا نادٍ ينهض دون استقلال القرار الفني. آن الأوان لفصل المسارات، وترك الكُرة لأصحابها.
الواقع في الملعب لا يُجامل. فرق موريتانية متواضعة تتفوق على الهلال تنظيميًا وتكتيكيًا، بينما الهلال يترنح، بلا خطة ولا فكر، يُدار كمن يسير في العتمة. فالهلال الذي اعتدنا أن يكون كاسرًا، أصبح اليوم مكسورًا بفعل قرارات خاطئة ورؤية ضبابية.
النتائج لم تعد القضية. القضية أن الهلال فقد هويته، وصار رهينة لمدرب لم يقدم شيئًا يُذكر، ولم يصنع فريقًا يُبنى عليه مستقبل. استمراره اليوم يعني قتل ما تبقى من الأمل.
كلمة حرة أخيرة:
الهلال أكبر من كل مشروع هش، ومن كل اسم يعلو فوق النادي. آن للعقل أن يستفيق، وأن يُعاد بناء الفريق على أسس وطنية حقيقية. أطلقوا سراح المواهب الشابة، أعيدوا المعارين، وابنوا فريقًا عماده اللاعب السوداني. استعينوا بالأجنبي الحقيقي لا الاستهلاكي، وانهوا هذه الدراما الطويلة المسماة “مشروع العليقي”.
يا عليقي… فرّغ نفسك للإدارة، واترك الجانب الفني لمدير قطاع بصلاحيات دون تدخل . فلوران لا يملك ما يضيفه، والفريق لا يحتمل المزيد من التجريب.
الهلال يستحق أكثر من ذلك.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد