صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

“من قلب العزيمة… وُلدت رباعية التاريخ، وفي ليلة المجد صفّق التاريخ لصقور السودان وهم يكتبون فصلاً من ذهب”

178

العمود الحر

عبدالعزيز المازري

“من قلب العزيمة… وُلدت رباعية التاريخ، وفي ليلة المجد صفّق التاريخ لصقور السودان وهم يكتبون فصلاً من ذهب”

حين علت صرخات الأبطال، واجتمعت العزائم، واجتمع الجديان في اتحاد مقدس، حلّقوا بجناحيهم، وأمسكوا السماء، فتلاشت نسور نيجيريا المستسلمة، وتحولت صرخاتهم إلى همسات سلام، فكانوا حمائم ..ليحملها أبناء الوطن ليبني من رماد الألم مجداً جديداً، صفحة من نور في تاريخ السودان المشرق.
لمن يسأل ولمن يردّ، الإجابة من هم!!
كسروا المحال… حققوا الأحلام… صقوراً كانوا رجالاً، أبانوا قوة واحتداماً صوبوا نحو المجد، وأبانوا للعالم وحدةً لا تنكسر، وإرادةً صلبة كالصخر الذي يقاوم العواصف.
حينما يحلق الصقر، لا تبحث عن مفرّ للفرائس… فهو يصطاد بعينين لا تخطئان، بريشة جناح لا تلين، وبقوة مقدام لا تعرف التردد. هكذا كان منتخبنا الوطني، صقرٌ في فضاء المنافسة، جديانٌ تميزوا بالذكاء والسرعة، يعزفون سيمفونية الانتصار بحركاتهم التي تجسد روح السودان الصلبة، وسحر أرضه الخصب.
كانت المباراة لوحة من الانضباط والصلابة والجمال، سيطرة ذهنية كاملة من الدقيقة الأولى حتى صافرة الختام، أربعة أهداف كُتبت بمداد الفخر، بينما الشباك ظلت عصية على النسور النيجيرية، التي لم تجد طريقها إلا إلى صمت السودانيين الحاضرين يشهدون على ملحمة فريدة من نوعها.
في الخلفية، كان الحارس أبوجا، القلعة الصلبة، الذي وقف كالطود المنيع، لا يتزعزع أمام أي هجمة، متيقظًا لكل كرة، يصدها بقوة وثقة، فيظهر حارسًا لا يهاب، حارسًا صنع الفارق بيديه وذكائه.
أما خط الدفاع، فقد قاده الطيب عبدالرازق، أسد الحوبة الطيب، رجل العزيمة والصلابة، الذي تضافرت جهود بجانبه مع سيمبو وجوباك وطبنجة، كتفًا بكتف، لتشكيل جدار ناري لا يمر منه الخصم. هؤلاء الجديان فرضوا سطوتهم على الملعب، قاطعوا الكرات، وأوقفوا كل محاولة اختراق، فاتحين الطريق لزملائهم في الوسط والهجوم ليبدعوا دون قلق.
وفي الوسط، تميز بوغبا بتوازنه الفريد، يوزع اللعب بهدوء وصبر، كالريح التي تهب فتنعش الأرض، وصلاح عادل الصنديد، الذي وقف كحصن متين يحمي الأجنحة والدفاع، ورافقهما رؤوفا، ملك الإبداع والرقص الساحر على أنغام المباراة، في لوحة فنية تبهر العيون وتسحر القلوب.
وفي قلب الميدان، كان الملك بلا منازع، صانع الأهداف وصاحب الرقصة الساحرة… رؤوفا، اللاعب الأنيق الذي رقص رقصة البجاوية بعذوبة، وأجاد عرضة سودانية بجمال لا يُضاهى، فتألق كأنه نجم وسط السماء السودانية المتلألئة، ونال بجدارة لقب “أفضل لاعب في المباراة”. كان يتنقل بين خطوط الخصم كراقص بارع، يوزع تمريراته كأنها أنغام ناي، ويغرز الأهداف كما يغرز السيف بحرفية لا تلين.
رؤوفا لم يكن مجرد لاعب… بل كان لوحة فنية حية، ينبض فيها الإبداع والحماس، ويكتب بها قصة انتصار لم تروَ من قبل. هو ذلك البطل الذي أضاف لمسة ساحرة جعلت من هذا الفوز تحفة فنية خالدة في ذاكرة كرة القدم السودانية.
أما في الهجوم، فقد كان مازن وكبه عنوان الجمال والإبداع، يرسخان الحب في قلوب الجماهير بلمساتهما المتقنة، بينما كان كانوتي، “الشافع اليافع”، بمثابة قلب المهاجم، يسير بخطوات واثقة لا تعرف التردد، يفتك بالخصم بثقة وبراعة، يصنع الفارق ويكتب اسمه بذهب على صفحات هذه المباراة الخالدة.
*”أرض الخير… إفريقيا مكاني، زمن النور والعزة زماني، فيها جدودي جباهم عالية…”* تلك لم تعد كلمات أغنية، بل حقيقة مجسدة على أرض الملعب. لقد وقف نجومنا أمام المارد النيجيري وقالوا للدنيا كل الدنيا انا سودان انا افريقي.
الشوط الثاني لم يكن مباراة، بل عرضًا للقوة… لم نرَ فيه نيجيريا، بل رأينا صقورًا تحوم، تقتنص، وتغلق الأفق على خصمها حتى استسلم. أربعة أهداف ولا أبهى، أعادت لنا الثقة، وأرسلت رسالة لكل إفريقيا: السودان هنا، برغم الجراح، برغم الدماء، برغم ضراوة التيار… نحن نعمل لنعبر حاجز الزمن، ونكتب في دفتر التاريخ أننا صمدنا وانتصرنا.
وشكرًا بحجم الوطن لكواسيا… الأب الروحي، وقائد سيمفونية الإبداع، الذي درّب بحب، وخطط بشغف، وأشعل في قلوب اللاعبين نار الحماسة، فصاروا يلعبون وكأنهم أبناء هذا التراب منذ ميلادهم.
*”سوداني… سوداني يا صقر حلق في العلالي، أسمراني في سموك عزة، أنت وفخر تاني”*… هذه الليلة انصهر الهلال والمريخ وأهلي مدني وبورتسودان وكل الألوان في لون واحد، لون علم السودان،
عزيزٌ أنت يا وطني….برغم قساوة المحنِ….برغم صعوبة المشوار….ورغم ضراوة التيار….سنعمل نحن يا وطني…لنعبر حاجز الزمنِ
**الخاتمة:**
وفي النهاية، تبقى هذه السماء الشاسعة شاهدة على انتصار الأبطال، حيث حُفرت أسماء صقور السودان بحروف من ذهب على صفحات المجد، وترنمت ألحان النصر في أروقة الوطن. إننا لا نحتفل بفوز في مباراة فقط، بل نحتفل بعزيمة لا تنكسر، بروحٍ تعانق السماء، وبإصرار يجعل من المستحيل ممكنًا. فلتعلُ أصواتنا، ولتتراقص أنغام النصر في كل زاوية، وليعلم العالم أن السودان ليس مجرد أرض، بل هو نبضُ حياةٍ متجددة، وحكاية صقورٍ لا تعرف الخوف، ترفع ريشها عالياً، وتحلق فوق كل محال.
هكذا يولد الفخر، وهكذا يُكتب التاريخ، وهكذا تشرق شمس السودان على كل الأبطال، وعلى كل من آمن بأن العزيمة قادرة على تغيير مجرى الأقدار.

قد يعجبك أيضا
تعليق 1
  1. احمد التجاني يقول

    شكرا جزيل استاذ عبدالعزيز على المقال الفخيم ونبارك ليك ولشعبنا المنكوب الانتصار الباهر على نيجيريا. هاهم اولاد وشباب السودان. حتى المعلق تحدث بإعجاب عن مجموعة “الشباب” اليفع اللي شاركوا امس وبهروا كل متابع في القارة. هنالك مع الاسف من كتب ليشكك في اللاعبين واحد الصحافيين سامحه الله كتب قبل ايام في جريدتنا الاليكترونية الرائعة “صحيفة كورة سودانية” بعد تعادل السودان مع الكنغو , فريق في دفاعه الطيب عبدالرازق وفي هجومه على كبة هل ينتظر منه خير؟ ولا ادري ماذا سيكتب الأن بعد المستوى المبهر الذي ظهر عليه المنتخب بالامس ولا اعرف ماذا يقول عن الطيب وعلى كبة. من حقنا ان نحتفل لكني ارجو من اساتذتنا في صحيفتنا كورة سودانية ان يريحونا من الكتاب الذين لا يصدر منهم الا السلبية وبث الاحباط وروح الانهزام في لعيبتنا , وان شاء الله اللوحة تكتمل بإنتصارنا على السنغال. مبروك الف مبروك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد