صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

نادي المريخ.. السوق الشعبي..!

37

أبو عاقلة اماسا

زووم

ابوعاقلة اماسا

نادي المريخ.. السوق الشعبي..!

أقرب الأمثال لما يحدث داخل نادي المريخ أنه بات أقرب إلى بيئة الأسواق الشعبية، حيث تتداخل الأصوات العالية في بعضها وتخلق نوعاً من الفوضى التي تحول دون وصول أية رسالة من مرسلها إلى متلقيها، وكل ينادي على بضاعته دون تركيز على جودتها ومدى صلاحيتها.. هذا المثال لجأت إليه أكثر من مرة في مناسبات مختلفة، وكنت أتطلع إلى أن يتعامل أهل الشأن ومن يهمهم الأمر مع ما سقت من تفاصيل بنوع من التعقل لمعرفة مدى صدقيته، غير أن الحقيقة المرة التي نصطدم بها في كل مرة أن الأسواق الشعبية وكل الأسواق لا تسيطر عليها لغة أخرى غير لغة المال.. وهكذا يتعامل أهل المريخ مع كل شيء.. حتى الرأي.. مع عاطفة جياشة تعيق المنطق والعقل معاً.

أهل المريخ يبحثون عن حلول لقضيتهم ولا يحتملون الغوص في التفاصيل، ويرفضون كذلك تسمية الأشياء بمسمياتها، أو المساس ببعض الرموز، حتى لو كانوا هم السبب المباشر في أن يصبحوا في متاهتهم التأريخية هذه، وكذلك.. يصنفون الآراء بحسب من يكتبها.. فما يكتبه أحد الزملاء يظل مقدساً للحد البعيد ولا يقبل التشكيك وإن كان بعيداً عن أي منطق وواقع، بينما يكتب آخرون بمصداقية أعلى لا ترتبط بأية مصالح جانبية، يوردون وقائعاً وتفاصيل ومشاهدات.. ومع ذلك يبحث الناس لهم عن أسباب دفعتهم لكتابة ذلك بعيداً عن منطق الموضوع المطروح.. أحياناً يصنفونهم ضمن المعارضة، وأحياناً أخرى هم إنتهازيون، وثالثة هم باحثون عن مصالح خاصة.. مع أن المصالح بارزة في الواقع المريخي دون أن يناقشها الناس بالشفافية المطلوبة .. وغير ذلك من الدروب التي تمهد لهم الهروب من الواقع مستخدمين كل النظريات الإنصرافية.. لذلك أقول لهم أن الحلول للأزمة المريخية متوفرة وواضحة لا تحتاج لأدوات بحث وتنقيب، والسبب الأساسي الذي يجعلهم يتعامون عنها هو أنها تصطدم بمصالح الأفراد والتكتلات.. لذلك نرى أن مجلس إدارة المريخ يتحاشى هذه الحلول حتى بات السبب الأساسي في تعقيد مشكلات النادي.. إما لهروبه من الحلول المتاحة.. أو لبطء إيقاعه والطريقة التي تعتمد لإبداء الرأي.. فالخارجين من هناك يؤكدون أن مسألة الرأي والتداول مقرونة برقم وعدد البنكنوت الخارج من جيب المتحدث.. بمعنى أن الأصوات ترتفع بحسب المدفوع.. ووفقاً لهذه النظرية الغريبة، فإن صاحب الرقم الأعلى لو كان (جاهلاً) بكل قيم وأسس الرياضة فسوف يتسبب في كارثة لا يحمد عقباها.. بيد أن أثرياء السودان في الغالب يعانون من خلل ما ينعكس على تصرفاتهم فتبدو غير منسجمة مع مجريات الأمور من حولهم ولا واقع ولا منطق يحكمهم سوى الجيوب.. من يختلف معهم يجري التفسير على أساس أنهم طلاب مال، ومن يتفق معهم يتهم من الطرف الآخر بالمرتزق والطبال وغيره.. وهذا هو الجب الذي غرق فيه المريخ الآن، وكنت قد نبهت من قبل من أن تنزلق المفاهيم إلى حيث نتعامل مع رئيس النادي وكأنه خزينة نقود وأن نتجاهل الجوانب الإنسانية الأخرى، وذلك قبل أن (أكتشف) أنه يسعى لهذا ويطلبه حثيثاً.

الآن إنتقل المريخ إلى مرحلة أحسبها الأكثر تعقيداً في تأريخه، وفيه رأينا كيف يتعامى الكثيرون عن الحقائق ولا ينظرون إلى المريخ الكيان إلا عبر شخصية جمال الوالي، لدرجة أنه عندما نطرح قضية مريخية عامة تتعلق ببعض المفاهيم التي لا ترتبط بالأشخاص، يتصدى بعضهم بإصرار غريب ليحوروا الموضوع إلى مسألة هجوم على الرجل ودفاع عنه مما يعكر الجو العام ويلوث بيئة النادي ويجبر الناس على إهدار الكثير من الوقت في الجدال حول (ألف – باء) الرياضة، فنغرق في التخلف لنكون رهن أشياء تجاوزها العالم من نصف قرن من الزمان.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد