كثيراً ما أنبه صغيراتي في المنزل لعدم استخدام بعض العبارات المتداولة في الشارع العام، وأقف كثيراً عند هذه العبارات المستحدثة، بعضها يبدو غريباً لي والبعض لا استسيغه، وأخرى لا تروق لي وأرفضها جملةً وتفصيلاً.
ولكن يبقى ان هنالك عبارات احياناً تشعر بأنها صممت لهذا الحدث تحديداً، وان اي استلاف لمعنى آخر لن يؤدي ذات المدلول.
بنيتي الصغيرة تنظر اليّ احياناً حين يبدر مني تصرف او حين اعاكسها بشيء من المرح، فتقول لي (وريي… وريي).
لاحقاً علمت ان (وريي) هذه إمعاناً في الاستعراض والتباهي بشيء ما أمام الآخرين.
الآن نريد من الشباب صناع الثورة في كل بقاع السودان، نريد من كل لجان المقاومة السودانية واعضائها، نريد من كل من يحمل الوطن في حدقات عيونه ان (يوري ) الزواحف (الاسم الجديد للكيزان) كيف تكون المواكب.
(وروهم) حب الوطن بياناً بالعمل، وروهم انكم ستخرجون وانتم تحملون علم السودان وليس صورة المخلوع، وروهم انكم تهتفون للوطن وليس للبشر، وروهم انكم تحملون الوفاء للشهداء وليس للحسابات البنكية.
وروهم بالله عليكم ان هتافكم للحرية والسلام والعدالة، وليس لمرتادي سجن كوبر والاصلاحية، علموهم ان اطول صلاة جمعة في تاريخ السودان انما كانت في القيادة، وأكبر حشد للصائمين كان حيث الثوار، وانه ليس منكم من يسب الدين في هتافه ليقول يحيا الرئيس.
وروهم ان مليونيتكم ليست مدفوعة القيمة، وان كل ثائر قد وفّر من حر ماله ليرتدي علم السودان، وليست هنالك تي شيرتات تطبع في الظلام عليها صور الديكتاتوريين الطغاة، وانه لا صورة تطبع او تعلق غير صور الشهداء.
وروهم أن مليونيتنا هي لنظافة المدينة ولإصحاح البيئة، ولصيانة وتجميل المدارس، ولتنظيف وتجميل المنازل والاسواق، وللالتحام مع اسر الشهداء.
مليونيتنا لبناء الوطن لا لتخليد الطغاة، ولدعم حكومة الفترة الانتقالية لا لدعم مرتادي السجون اصحاب قضايا خيانة الشرف والأمانة.
هيا يا ثوار ويا كنداكات.. الى اهالي عطبرة وقطارها.. الى كسلا الوريفة والشرق الحبيب.. الى خلاوي القرآن بالغرب ومعاصر السمسم بالقضارف.. الى البركاوي في الشمالية والقنديل بمروي.. الى اصوات الدليب والطمبور.. الى رائحة الشهداء ودمائهم المسكوبة على امتداد مجرى النيل.
نريدها مليونية نموذجية، نريد احتفالات يصحبها عمل وإبداع وإمتاع، نريد احتفالات نوعية تؤكد عظمة الشعب وعبقرية الثورة وانقراض زمن الزواحف.
خارج السور
(١٩) ديسمبر ليست احتفالاً فقط وإنما عمل جاد لأجل الوطن.