صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

احترس .. أمامك منافس!

15

خارطة الطريق
ناصر بابكر

* في الأيام التي تلت مباراة المريخ والجيش الاولي التي أقيمت في لبنان .. كان كل من يلتقيني من الزملاء الإعلاميين أو الأصدقاء يبادرني بالقول (خوفتنا ساي من الجيش ده فريق ضعيف جدا) وكان ردي على الجميع أن الكرة السورية نفسها ليست ضعيفة فكيف يكون بطل الدوري اربع مرات متتالية والفائز قبل فترة وجيزة بثنائية الدوري والكأس ضعيفا .. وظللت أشير لعدة نقاط وأصر عليها باعتبارها تفسر بالنسبة لي السبب الذي جعل الجيش يظهر بوجه شاحب وبمظهر الفريق الضعيف ذهابا أولها نجاح يامن الزلفاني الكبير في قراءة الجيش وعطفا على ذلك وضعه التكتيك الأمثل الذي شل الفريق السوري تماما وابطل به كل نقاط قوته وعلى رأسها اجادته بناء وتنظيم الهجمات والخروج بالكرة من مناطقه الدفاعية .. وثانيها استخدام التونسي بذكاء لسلاح مهم جدا وهو عنصر المفاجأة حينما فاجأنا نحن أيضا قبل أن يفاجئ السوريين بأسلوب هجومي كاسح في وقت كانت تشير فيه التوقعات لاعتماده على دفاع المنطقة مع اللجوء للهجمات المرتدة وتلك المفاجأة باغتت الجيش وخلطت حساباته سيما وأن الفريق السوري كان يخطط للفوز ولو بهدف نظيف وهدفه الرئيسي الخروج بشباكه نظيفة وعدم استقبال هدف على أرضه لذا تعرض الجانب النفسي والمعنوي للفريق لهزة قوية عقب تسجيل المريخ لهدفين في الحصة الأولي .. وما ساعد المريخ أكثر يومها أن الجيش كان (مكشوفا) حيث لعب بنفس التنظيم الذي ظل يخوض به المباريات ونفس التشكيلة باستثناء غياب المهاجم العويد الذي إنتقل للدوري الكويتي ودخول الواكد مكانه مع التنويه لأمر مهم وهي ان من تبرعوا بنقل معلومات لمدرب الجيش وبعض منسوبي الفريق السوري واخبروهم فيها أن المريخ فريق ضعيف قدموا خدمة لا تقدر بثمن للزعيم لأن الجيش تفاجأ بمستوي المريخ حيث كان يعتقد أن المباراة ستكون اسهل من ذلك بكثير وكان يظن أن المريخ ليس بالقوة التى تمكنه من تحقيق نتيجة إيجابية من خارج أرضه .
* ظهر أمس الأول استضافني الزميل العزيز والمميز حزيفة عبد الله هاتفيا عبر اذاعة الحياة في حديث عن قراءات وتوقعات لمباراة الإياب قبل ساعات من بدايتها وسألني عن أكثر نقطة يمكن أن تمثل مصدر خوف للمريخ فأجبته نتيجة وأداء مباراة الذهاب وبررت ذلك بأن الكثيرون يتعاملون وكأن المريخ تأهل سلفا وهو شعور يمكن أن ينتقل بسهولة لنفوس اللاعبين والكل يعلم نفسية وذهنية اللاعب السوداني بصورة تقودهم لدخول الملعب وكأن المباراة لأداء الواجب .. ومن ضمن الأسئلة يومها سؤال أراه الأهم وهو (عنصر المفاجأة) الذي يمكن أن يستخدمه مدرب الجيش وأجبت أنه من المؤكد أن مدرب الجيش سيحضر مفاجأة خصوصا على مستوي التنظيم والتكتيك ليربك حسابات المريخ ولن يعتمد على نفس تنظيم لقاء الذهاب لأنه علم أنه تنظيم مكشوف لمدرب المريخ.
* وعند دخولي للملعب وتسلم تشكيلة الفريقين من الزميل بابكر عثمان الذي قام بعمل ضخم واجتهد بشكل خرافي ليؤدي المهام المطلوبة منه كمنسق اعلامي لمباريات المريخ بالبطولة العربية، كان أول ما لفت انتباهي تغيير الجيش لطريقة لعبه واعتماد تنظيم 3-4-3 الذي كان يتحول ل5-4-1 في الحالة الدفاعية ووقتها تأكدت تماما أن عفش درس مباراة الذهاب كثيرا وجهز نفسه للظهور بشكل مختلف يبدأ بشل حركة المريخ عبر حرمانه من بناء الهجمات عن طريق تكثيف الوسط بأربعة لاعبين للتفوق عدديا في منطقة المناورة (الدائرة) التي يلعب فيها المريخ بثلاثة عناصر .. والشق الثاني تقليل خطورة العناصر الهجومية للمريخ باعتماد خمسة مدافعين عند فقدان الكرة لإغلاق المساحات أمام الثلاثي الهجومي للمريخ مع وجود محورين أمام الدفاع لعدم ترك مساحة لمن يلعب في المركز رقم 10 خلف ثلاثي المقدمة وللأمانة كان تمركز لاعبي الجيش وتنظيمهم مميزا ونجحوا لحد كبير في تنفيذ ما طلبه مدربهم خصوصا في (الشق الدفاعي) للخطة لكن الشق الهجومي لم يكن بنفس الجودة والسبب في ذلك الخوف من القوة الهجومية للمريخ التي جعلت عناصر الفريق السوري يتحفظون في الزيادة العددية حتى والفريق يسيطر على منطقة المناورة لأنهم يدركون أن التقدم بطريقة غير محسوبة يعني فتح الباب أمام المرتدات الحمراء في ظل السرعة الفائقة لعناصر المريخ الهجومية.
* لذا ومثلما نجح المريخ ذهابا في شل فريق الجيش بطريقه حرمته من اللعب بأسلوبه فإن حسين عفش فعل الأمر نفسه مع المريخ ايابا ومثلما كانت هنالك مقومات ساعدت المريخ على النجاح في لبنان فإن هنالك مقومات خدمت الجيش في امدرمان على رأسها ما اشرت له في مطلع المقال .. فالكل في السودان كان يتعامل وكأن المريخ تأهل سلفا وكثيرون جدا كانوا يتحدثون عن الجيش باعتباره فريق ضعيف للغاية ومؤكد أن تلك الأراء وصلت مئات المرات للاعبين من مشجعين واعلاميين وربما اداريين ووصلتهم من خلال مطالعة الآراء في مواقع التواصل الإجتماعي ومن خلال تفكير الغالبية قبل لقاء الإياب في هوية من يواجه المريخ في دور الستة عشر لذا فإن حديث الزلفاني في المؤتمر الصحفي كان منطقيا للغاية ومقنعا حينما أشار لأن التحضير النفسي والذهني للمباراة كان صعبا للغاية عطفا على نتيجة الذهاب وإن كانت أندية بحجم ريال مدريد تتأثر ذهنيا حينما تدخل مباراة إياب على ملعبها وهي فائزة خارجه بنتيجة كبيرة فالطبيعي أن يتأثر المريخ والكل يدرك عقلية وذهنية اللاعب السوداني .. وما ساعد الجيش الى جانب العامل النفسي أن المريخ كان (مكشوفا) بنفس القدر الذي كان عليه الجيش ذهابا لانه أعتمد نفس التشكيلة ونفس التنظيم والمشكلة ان التعديلات تأخرت ليس على مستوي التغييرات فحسب ولكن على مستوي مواقع وتمركز اللاعبين في الملعب وشخصيا توقعت تبديل مبكر بخروج محمد عبد الرحمن ودخول التكت أو ضياء الدين والتحول لتنظيم 4-4-2 لاستعادة السيطرة على منطقة المناورة أو على الأقل إلزام الجناحين باللعب للداخل اكثر والاقتراب من محمد عبدالرحمن لإجبار المدافعين الخمسة على الإنضمام لعمق الملعب وخصوصا الطرفين لأن ذلك كان سيوفر مساحة للظهيرين رمضان عجب وأحمد آدم للتقدم وتشكيل خطورة .. أما ارضية الملعب فيمكن القول ببساطة أنها حاليا اخطر خصم على المريخ.
* الاستعجال ورغبة كل من يدخل الملعب في الاستمتاع بعرض بديع وسريع دون وضع اعتبار لأي ظروف او معطيات والتعامل وكأن المريخ يلعب لوحده في الملعب واغفال أن هنالك منافس يملك دوافعا ورغبة في رد الاعتبار ويملك قدرات جيدة أمر يضع الضغط على المريخ وأسوأ ظاهرة إطلاق صافرات الاستهجان خصوصا حينما يتبادل المدافعين التمرير في الخلف رغم أن هذا الأسلوب مطلوب بشدة لسحب المنافس لكن الصافرات واستعجال ارسال الكرة للأمام يقود المدافعين للإرسال الطويل عوضا عن التمرير الذي يحتاج لثقة ينبغي أن يعمل الجمهور لتعزيزها في نفوس لاعبيه.
* لدي قناعة أن أسلوب المداورة في الأندية السودانية تحديدا مطلوب بشدة لعدم قدرة اللاعب السوداني على تحمل الضغط لفترة طويلة لا بدنيا لا ذهنيا ونفسيا لذا من المهم ادخال نفس جديد وإجراء بعض التعديلات من مباراة لأخرى لحماية المؤثرين من خطر الإرهاق وإشعال التنافس على التوليفة الأساسية والاستفادة من دوافع البدلاء وهو ما دفعني لسؤال المدير الفني عن هذه النقطة في المؤتمر الصحفي فكانت إجابته انه ما زال في طور تثبيت تشكيلة ويبحث عن وصول التشكيلة لدرجة متقدمة من التجانس والانسجام.
* عموما مواجهة أمس الأول مفيدة للغاية للأحمر لأن من الضروري أن يختبر الفريق مختلف الوضعيات في المباريات مع العلم أن الصعوبات تصقل الفريق أكثر وتكسبه خبرة أكبر وتساعد مدربه على استخلاص اكبر قدر من السلبيات والتحسب مستقبلا لسيناريوهات مشابهة بتجهيز حلول تكتيكية للمباريات التي تبدأ بتفوق للمنافس ومن الضروري أن تستفيد بقية القطاعات ايضا وتستوعب حقيقة أن الفريق لا يلعب وحده وأنه لن يعزف السامبا في كل جولة ولن ينتصر في كل مباراة لأنها ببساطة كرة القدم.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد