صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الأمن .. ومطالب المدنية..

25

مــذاق الحــروف

عماد الدين عمر الحسن
الأمن .. ومطالب المدنية..

من المعلوم أن النظام البائد كان يعتمد معيار الولاء والانتماء أكثر من أي معيار اخر في شغل الوظائف العامة ، ونعرف ما انتجه ذلك التمكين من السيطرة علي كل مفاصل الدولة بواسطة العناصر التي تنتمي له ، وهي العناصر التي لايزال بعضها ممسكا بمقاليد الامور لمّا لم تقم حكومة الثورة بازاحة كل عناصر النظام القديم لصعوبة ذلك عمليا وتخوفها من أحداث فراغات محتملة ، ولإعلانها أن ذلك سيتم بالتدرج ووفقا للقوانين .
لا اعتراض دون شك علي إعمال القانون طالما أن المنشود هو دولة القانون ، ولكن نقول أن بعض الأجهزة بالدولة شديدة الحساسية والعمل بها يتطلب بالضروروة صدق الانتماء والجدية في الوفاء لمتطلبات المرحلة بالانحياز الكامل لأهداف الثورة ورغبات الشعب التي انتفض في الأساس من أجلها ، وأول تلك الاجهزة وأهمها هي الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها ، وهي الأجهزة التي كان النظام يوليها جل إهتمامه ويركز علي وضع المخلصين من خاصته علي قياداتها لضمان ولائها بالكامل له من خلال ولاء أصحاب المناصب المطلق للنظام وتبعيتهم له ، وهي درجات من الولاء تفرض الالتزام بكل موجهاته وخططه في كل الظروف والمعطيات ، ويصعب في نفس الوقت التخلص منها هكذا بين عشية وضحاها .
قد يصعب الاتهام بالتامر بشكل مباشر ، ولكن المؤكد أن ضعف الاداء في كثير من الأجهزة الأمنية في الوقت الحالي يشير دون شك الي وجود خلل معين في بعض مستويات اداراتها ، وهذا الخلل لو كان فنيا يتعلق بنقص في القدرات أو الامكانات لما استطاعت تلك الأجهزة القيام بواجباتها كاملة ابان العهد البائد – بل ربما بشكل يزيد علي ماكان مطلوبا منها للدرجة التي تتخطي بها القوانين في سبيل حماية النظام ، بينما تعجز اليوم عن بسط الامن وحماية المواطنين في قلب العاصمة للدرجة التي يتجرأ فيها بعض المتفلتين ويمارسون السلب والنهب وترويع المواطنين جهارا نهارا في وسط مدينة كامدرمان تنبض بالحياة .
نقول ، الأمن الذي طالما ساومونا عليه من قبل وعولوا عليه كثيرا لشغل عدد أكبر من مقاعد المجلس السيادي يبقي مسؤلية المكون العسكري بالحكومة الانتقالية ، والفزاعة التي استخدمت كثيرا في التخويف من مصير بعض الدول التي شهدت الثورات علي حكوماتها المستبدة وما تبع ذلك من اشتراط نيل الحق في تعين وزراء الداخلية والدفاع ومدراء الأجهزة الأمنية قاطبة ينبغي أن يصحبه التزام بحسن إختيار العناصر المناسبة لشغل تلك المناصب بما يجعلها تؤدي مهامها بالكفاءة المطلوبة .
من أبرز الشعارات التي نادت بها الثورة أن المدنية خيار الشعب ، وقد كانت مدنية الدولة بالكامل هي المطلب الرئيس بين مطالب اخري لا تقل أهمية عنها – كالحرية والسلام والعدالة ، غير أن تقديرات كثيرة جعلت الشعب يتنازل طوعا عن بعض خياراته ويقبل بتجزئتها ، وقد كان الأمن هو أول تلك التقديرات وأهمها ، لذلك فلابد أن يكون الأمن الكامل هو الثمن المناسب لمقابلة هذا التنازل و يكون الشعب مستحقا للتمتع بكامل حقه من الأمن والأمان .
[١٨:٠٩، ٢٠٢٠/١/٢] ‪‎‪+966 50 222 8227‬‬: ?

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد