صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

العسكري شغال بيهم سياسية

27

افياء

أيمن كبوش

سمحوا له ’’كفاحا’’ بأن يُعبّر عن نفسه ليكون واحدا من هواة التنظير ’’الخمير’’.. يرفع اٌصبعه في أنف الواقع الكئيب.. يبصق.. مثل محمد الحسن سالم حميد.. في وجه الزمن المريب.. ثم يكتب للناس والدنيا عن الحالة السودانية ’’الميؤس’’ منها في الاقتصاد.. والسياسة.. وعلم الاجتماع.. والكورة والجنس والخرافة والذات الغريبة والميول.

قال لي: لن يتعافى الجسد السوداني ’’المتعفن’’ ما بين ليلة وضحاها.. ليس في مقدور ’’محمد احمد’’ السوداني ان يغادر محطة 30 عاماً من عمر الكساح.. دون ان يُخضع لعملية جراحية دقيقة بـ’’بنج كامل’’ لازالة كل الدمامل المتراكمة.. ثم اضاف: ولكن ليس في مقدور الطبيب البارع كذلك… ازالة كل ’’الندوب الظاهرة’’ ولا اثار تلك الخيوط المتشابكة.. مهما اجتهد الطبيب في عمليات التجميل والترقيع لاعادة الجسد الى ما كان عليه قبل اجراء العملية المعقدة.

مازلنا في محطة ’’الشعارات’’ الثورية.. والخطب الحماسية.. مازلنا في محطة ’’الشاي بى جاي’’ و’’ح تسقط ونعرس.. ونعرس كنداكة’’.. ولكن لا احد اليوم يتحدث عن الازمة الاقتصادية التي اخرجت الناس من بيوتهم بعد ان فشلوا في احداث المعادلة الموضوعية في العيش الكريم.. مثلما فشلوا في التعاطي مع حالة الطحن العام التي اغرت الكثير من الشباب والعقول والايدي المدربة بالهروب الى المنافي والسفر لشرق الماء..

تستغرقنا السياسة بكل تفاصيلها المملة.. نغرق في شيطان التفاصيل.. وننسى بأن ثورتنا الشعبية كانت من اجل الكليات التي لا تنفصل عن الجزئيات وهي التي عسكرت على باب الحرية والسلام والعدالة ولقمة العيش التي لن تستمر طويلاً في خطب ود الثوار بالمجان..

غدا سيُغلق هذا ’’البلف المفتوح’’ و’’يزهج’’ اسامة داوود و’’يقنع’’ طه علي البشير ويمتنع اشرف الكاردينال عن اكرامنا بـ’’الباسطة’’.. ويتوقف صابر شريف الخندقاوي عن دفع كلفة الماء والغناء.. لتدق امامنا ساعة الحقيقة ونكتشف ما اكتشفه الثوار عن سودان ما بعد سقوط النميري.. لذا ننادي بالحسم والجدية والارتهان الى الموضوعية التي تعبر عن اشواق الشعب السوداني.. وليس اشواق العسكريين والسياسيين.

استطاع المجلس العسكري الانتقالي بالخبرات التراكمية لافراد الجيش السوداني.. ان يكسب الكثير من المساحات على الارض.. دون ان يخسر طلقة واحدة.. ربما استغل المجلس ضعف المفاوضين من الجانب المدني.. فهؤلاء ’’الملكية’’ ليست لديهم ادنى خبرة في التفاوض.. لان معرفتهم بالسياسة لم تتعد ’’النظرية’’ علاوة على الدور المعارض الذي ظلوا يلعبونه طوال سنوات الحكم في السودان التي ادارها العسكر مع ادوار ثانوية للسياسيين الذين وضح تماماً انهم لا يجيدون غير التشاكس وتغليب الانا المتضخمة.. ليس لهم خبرات عملية تجعلهم لصيقون بالعمل العام.. لذلك وضع لهم المجلس ’’الطعم’’ وقادهم الى الشراك باحترافية عسكرية عالية ومبهرة فجعلهم يصدقون بأنهم يمثلون جموع الشعب السوداني.. في الوقت الذي استخدمت فيه الاحزاب الكبيرة ’’تكتيكاً’’ يؤكد فهمها الصحيح للعبة السياسية .. وهنا يحضرني ما قاله اللواء الشهيد ’’عبد المنعم الطاهر’’ ’’الفتي المكحل بالشطة’’ الذي ذكر.. ذات جهاد: ’’نحن شغلنا ده عينك فوقو وتركب فوقو..’’.

المهمة كبيرة.. والتحديات اكبر.. ومصلحة الوطن ينبغي ان تكون اجل من أي اعتبار.. اتوقع ان يمضي قطار المجلس العسكري في ’’شغل السياسة’’ الى ان يصل لمحطة ان يعطي ’’قوى اعلان الحرية والتغيير’’ ’’كامل البلد’’ على سبيل التجربة والالهاء… لتظل العربة طويلاً وكثيراً امام الحصان.. والجهد كبير.

ثم…… قلت لنفسي: هنالك ما هو أقسى من هذا الغياب: ألا تكون معبرا عن النصر، وألا تكون معبرا عن الهزيمة، أن تكون خارج المسرح ولا تحضر عليه إلا بوصفك موضوعا يقوم الآخرون بالتعبير عنه كما يريدون. – محمود درويش.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد