مذاق الحروف
عماد الدين عمر الحسن
المراهنات الخاسرة ….
اكثر الناس تشاؤما ما كان يتوقع ان تستمر الحرب كل هذه المدة الطويلة وتخلف هذا القدر من القتلي والدمار والشتات ، وكانت كل الاحتمالات تشير الي ان يحسم الجيش كل ذلك خلال ايام معدودات ، وهي احتمالات كانت تقوي منها تصريحات قادة الجيش التي تاتي في هذا الاتجاه ، بالاضافة الي حسابات المنطق والتي تقول ان جيش اي بلد لابد ان يكون اقوي من فصيل واحد يتبع له . فلماذا كل هذا الوقت ، ولماذا اخفق الجيش في الحسم العسكري السريع كما كان متوقعا ، ومن ناحية اخري لماذا لم ينجح رافضو الحرب في ايقافها وفرض السلام .
نقول ، الرهانات الخاسرة هي المسؤلة عن ذلك ، فكل الاطراف في هذه الحرب راهنت علي الاطراف الخطأ ، بدا من البرهان الذي راهن علي قيادات النظام البائد من الكيزان وفلول المؤتمر الوطني بشكل اكبر من رهانه علي جيشه ، وربما انه فعل ذلك لسابق علمه بحوجة الجيش الي المشاه ورغبته في الاستفادة من عناصر الكتائب التابعة للمؤتر الوطني لهذا الغرض وهو لا يستطيع تحريكهم بطبيعة الحال الا عبر قادتهم .
الكيزان بدورهم راهنوا علي الحرب ومقدرتهم علي الحسم العسكري السريع ، غير ان التجربة اثبتت انهم غير قادرين علي ذلك ، وقد بنوا موقفهم علي تقديرات خاطئة لقوتهم وقدرات الخصم فخسروا بالتالي الرهان .
أما القوي المدنية التي تبنت شعار لا للحرب فقد اخفقت بدورها في ايقاف الحرب عبر التفاوض ؛ والسبب الرئيس في اخفاقها هذا هو الموقف المتعنت من الطرف الذي يمثل الرأي الاول والعراقيل التي يضعونها في طريق هذا الاتجاه ، هذا بالاضافة الي ان هذه القوي راهنت علي المبادرات الخارجية والمجتمع الدولي بدلا من ان تتجه الي الاستفادة من قواعدها وتحريك الشارع للضغط في اتجاه طلب وتحقيق السلام .
ونتيجة لذلك فلم يتمكن اي من الاطراف في تحقيق تقدم في الاتجاه الذي اختاره ، فلم ينجح دعاة البل في الحسم ، ولم يصل طالبوا السلام اليه ، ولن يستطيع اي طرف الوصول لما يريد ما لم يراهن علي الحصان الصحيح ، فالشعب فهو مفتاح القضية وكلمة السر . .