صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المك أبوشوتال ..كيف إنضم للدعم السريع (٢)

1٬520

أبوعاقلة أماسا

* لم يكن التوقيت مثالياً بالنسبة لي من زاوية الظرف الخاص، ومع ذلك كنت حريصاً على أن أكون قريباً منه وأزوره كل يوم في مقر إقامته بفندق إيواء، أبناءه الذين رافقوه كانوا أطفالاً عند اول زيارة لي إلى الروصيرص ٢٠٠٦، ووقتها كان السودان في نعمة بطر بها أهله، فانفصل الجنوب واهتزت الدولة وهبت عليها عواصف هوجاء إقتلعت ما كان يثبتها من قيم ومعاني.. الأمن والأمان والرضا والقناعة والتوادد والتراحم، قبل ان يحل محلها البغض والكراهية، بعد أن أصبح الساسة أشداء على بعضهم لا يتفقون حتى على معاني الوطن والتضحية من أجله، ورحماء مع العدو ينساقون طواعية إلى موائده المسمومة..!!
* أشد ما كنت حريصاً عليه أن أستمع لآراء المك في كثير من القضايا التي كنت أتابع تعليقاته عليها تلميحاً من خلال صفحته على الفيسبوك، أو من خلال بعض القروبات المشتركة، وقد إعتدت على صراحته العجيبة وشجاعته التي طالما أوحت لكثيرين بأنها روح عدوانية تتقمص الرجل في بعض المواقف، ولا أخفي إنحيازي له في كثير من القرارات، إذ أنه في العادة لا يترك ما يسمح بتمرير الأجندة والتآمر، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهامش ومنفستو الحركة الشعبية، لذلك كنت حريصاً على الجلوس والإستماع إليه بعد سنوات لم نلتق وجهاً لوجه، سألته عن مجموعة من الأصدقاء المشتركين أولاً.. عن الأستاذ/شكري محمد علي، ذلك الرجل الذي ما زلت أعتقد أنه من كنوز وطني المهدورة بسبب التصنيفات الجزافية والحزبية التي أورثتنا الخراب، وسألته عن جاره وتجولنا وترحمنا على عمنا أحمد الحاج وبنه عبدالباقي اللذين رحلا مؤخراً.. وعن مجتمع الروصيرص الجميل ومزاياه في التعايش والتحابب، وعن صديقه كاريكا، ذلك الإنسان البشوش الذي يتحفنا دائماً بمحادثات حميمة، وحرصت على سؤاله منه ولأنه من أبناء (الهوسا) وكان ذلك مدخلاً نموذجياً للحديث عن الحرب التي دارت بين الهمج وبعض المكونات المحلية مع الهوسا.. كنت تواقاً لمعرفة ماحدث بالضبط على لسان أبوشوتال.. غض النظر عما تابعناه في الوسائط والقنوات.. وكعادته جاءني أبوشوتال من الآخر فقال: ما حدث كان فتنة كبرى ضلعت فيها شخصيات كبيرة وأخرى تخفت وراء أجهزة الدولة الأمنية، وقال أن مالك عقار كان وراء ما حدث من فتنة قبلية، ووراءه جهاز الإستخبارات وذلك من أجل الوصول لأهداف مكشوفة على حد تعبيره، ما حدث بالنيل الأزرق بما حدث أيضاً بولاية كسلا وبورتسودان ولقاوا بالتزامن.. سألته: كيف لجهاز في غاية المسؤولية والحساسية مثل الأمن والمخابرات أن يضلع في هكذا عمل بينما تنتظره مسؤوليات جسام، وعبر مزيد من الشرح عرفت أنه يتهم شخصيات تمرر أجندتها من خلال تلك الأجهزة لتنفيذ مخطط كبير يسعى للفتنة وضرب النسيج الإجتماعي والعلاقات القبلية.. وأكد كذلك إن العلاقات بين قبيلتي الهمج والهوسا كانت وماتزال متجذرة وعميقة وأن هنالك ثوابت تأريخية يجب ألا يتم تجاوزها من أجل تحقيق مكاسب سياسية..
* سألته: ماذا بعد الخسائر الضخمة في الأرواح بالمنطقة، وكيف ترى المستقبل ما بعد تلك الصدامات الدامية.. وبنفس الصراحة قال: طالما أن شخصية مثل عقار تستهدف وجودنا ومن خلفه شخصيات أمنية نافذة كان لابد من البحث عن تحالفات بعد أن أصبحنا أمام الأمر الواقع، ولا يعقل أن نجابه كل ذلك التحالف بظهر، مكشوف لذلك قررنا أن نتحالف مع الدعم السريع..!!
* كانت العبارة بالنسبة لي صاعقة ومحبطة ومخيبة، إذ أنها تزامنت مع حملة رفض كنت أقودها لوجود الدعم السريع في المجال الرياضي ونادي المريخ على وجه التحديد… بمنطق أن هذه القوات كانت وماتزال نواتها الأولى وما بني عليها فكرة عنصرية وقبلية ووراءها قصص كثيرة جداً من الفساد وكلها أشياء ضد قواعد اللعب النظيف وقيم الرياضة وأستحالة أن يكون وجودهم إضافة إيجابية حتى لو كانت (الجذرة) عبارة ملايين الدولارات، ولم أشكك قط في صحة رؤيتي بأن هذه القوات تهديد أمني بالغ الخطورة وكل الشرور المحدقة بالبلاد ستكون وراءها لسبب بسيط ومقلق وهو أنها أصبحت موازية للقوات المسلحة وقادتها يجتهدون لأن يحلوا محلها وهذا لا يتأتى إلا بإلغاءها أو إضعافها..!!
* كانت مفاجأة صاعقة أن أبوشوتال يريد أن يتحالف مع الدعم السريع، خاصة وأن هذا الأخير لن يتردد في التحالف مع أي جهة في سبيل تجميل وجهها القبيح المبني على العنصرية والقبلية.. والتأريخ الأسود الذي يحتوي على تصفيات وجرائم عرقية في دارفور..!!
* عرفت بعد ذلك أن المحادثات بين الطرفين قطعت بالفعل شوطاً بعيداً، وأنه جاء بالفعل لوضع اللمسات الأخيرة للتحالف أو الإنضمام بالأحرى لهؤلاء الناس رغم التباين الكبير بين الطرفين وضعف ما يجمعهما.. وعرفت أن في جدول أعماله لقاءين مهمين مع المستشار (……) ومن ثم مع النائب الأول وقتئذٍ..!!
… سنواصل في الحلقة القادمة: غداء عمل مع المستشار..!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد