صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

تقديرات الفلول في اختيار بورتسودان ..

600

مذاق الحروف

عماد الدين عمر الحسن

تقديرات الفلول في اختيار بورتسودان ..

العديد من الخيارات والمدن كانت متاحة امام البرهان للتوجه اليها عقب خروجه من حصار القيادة العامة بدايات الحرب ، لكنه تركها جميعا واتجه الي مدينة بورتسودان التي سبقه اليها مجموعة من فلول النظام السابق وعدد لابأس به من قيادات حزب المجرمين المحلول .
مدني – علي سبيل المثال – كانت الاقرب للخرطوم ، والتوجه اليها كان سيبدو أكثر منطقية وأنسب لقيادة اي عمليات عسكرية محتملة لاستعادة الخرطوم . اما عطبرة فكانت خيارا مثاليا لتواجد اكبر اسلحة القوات المسلحة واكثرها جاهزية بها وهو سلاح المدفعية ، كما ان شندي بامكانها أن توفر حاضنة مناسبة للبرهان لقربها من عشيرته وأهله وقربها ايضا من الخرطوم ، لكن البرهان وقبله الفلول تركوا كل تلك الخيارات واتجهوا شرقا نحو مدينة الثغر ، وهو اختيار لم يأت هكذا خبط عشواء بل تم بعد دراسة وافية لطبيعة المنطقة المناخية والتضاريسية ، حيث تقع المدينة أسفل مناطق جبلية وبمدخل واحد عند عقبة سنكات ، وهو امتياز يجعل اصطياد اي مجموعة تفكر في الدخول الي المدينة امرا سهلا وفي متناول الايدي .
المحتمون ببورتسودان قدروا ان البجة وزعيمهم ترك قادرون علي حمايتهم – او علي اقل تقدير اغلاق كل المنافذ الي المدينة بما لديهم من خبرات سابقة في هذا المجال كلما طُلب منهم ، كما انهم راهنوا علي عدم مناسبة طقس وتضاريس المدينة لجنود الدعم السريع .
هذه التقديرات ، والدقة في اختيار مهرب مناسب تدل بكل وضوح علي عدم ثقة قيادة الجيش في قدراتهم وفي امكانات جيشهم ، كما تدل علي عدم وجود نية من الاساس لتحرير الخرطوم وإلّا – لاختاروا اقرب المدن اليها واتخذوها قاعدة للانطلاق .
ليس هذا وحسب – بل ان تلك التقديرات تشير الي أمرين في غاية الخطورة : الثاني ان التفكير في الفرار كان من ضمن خطط القيادة فاختارت المنفذ المناسب لذلك ، أما الاول وهو الاخطر ان تساقط المدن والحاميات يحدث بتخطيط مسبق واتفاقات لاتخلو من الخبث كما حدث في ودمدني وربما تطول القائمة ..والله يكضب الشينة..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد