صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من الحل في البل إلى الحل في حميدتي  !!

86

القراية ام دق

محمد عبدالماجد

من الحل في البل إلى الحل في حميدتي  !!

 

 

 

 

 

)1(
علينا أن نعرف أن الأحلام الكبيرة التي أفرزتها ثورة ديسمبر المجيدة لا يمكن أن تتحقق كلها في فترة الحكومة الانتقالية – تلك الأحلام تحتاج إلى وقت طويل لكي تنزل على أرض الواقع، علماً أن الثورة رفعت سقف الطموحات وجعلتها تبلغ الثريا، رغم الاوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة.
أولى حق وأجله بالنسبة للثورة والثوّار هو )حق الشهداء( – لم نعرف ان نرده حتى الآن– وما زالت حقوق الشهداء )معلقة(، كما ان اهم قضية وهي قضية )مجزرة فض الاعتصام( لم تبرح بعد مربعها الاول– لهذا علينا ان نتعلم من تلك النماذج وان نعلم ان الوقت ما زال مبكراً لتحقيق اهداف الثورة المجيدة.
إن صبرنا على هذه الاشياء– لماذا لا نصبر في امور اخرى اقل قيمة؟.
عندما تكون الاوضاع الاقتصادية متدهورة يبقى من الصعب ان يكون العلاج بالاستراتيجيات والخطط قصيرة المدى او الطويلة– خاصة اننا نتكلم عن اقتصاد )أمني( يلعب فيه الفساد والانتهازية والدولة العميقة كما تشاء.
)2(
قد تبدو المفارقة كبيرة في الانتقال من )الحل في البل( الى )الحل في حميدتي(– هذه جزئية ترفضها الثورة بشكل مطلق، خاصة ان حكومة حمدوك جاءت على انها حكومة مؤهلات وخبرات وكفاءات– وقد كنا نستهجن ان تكون كل المسؤوليات والملفات تحت اشراف )مجلس السيادة( وهو مجلس شرفي– فوجدنا ان حكومة حمدوك باختيارها وبيدها تتخلى عن مسؤولياتها الاساسية وتتنازل لها وهي تمنح صلاحياتها لآلية معالجة الازمة الاقتصادية– الامر بشكله هذا قد يكون مرفوضاً عند الغالبية العظمى بما في ذلك الجانب العسكري نفسه.
لكن اذا تفحصنا اساس الازمة الاقتصادية سوف نجدها هي ازمة )امنية(– اذ يحتاج الاقتصاد السوداني بسبب التلاعب الذي يحدث فيه الى شيء من الحسم والتعامل العسكري خاصة ان الشعب السوداني بوضعه الحالي لن يحتمل المزيد من المعالجات والخطط والنظريات التي تحتاج لوقت كبير لمعالجات الازمات الاقتصادية والقضاء عليها.
شيء اخر يغيب علينا وهو ان هناك شراكة بين العسكر والمدنيين في الحكومة الانتقالية وهناك مسؤولية جماعية يتحملها مجلس السيادة ومجلس الوزراء معاً– لذلك يبقى من الطبيعي عدم التعامل مع الازمات بوضع تلك الحواجز والفروقات بينهما.
اضف لذلك ان حميدتي هو نائب رئيس مجلس السيادة– ومنصبه هذا يكفل له ما هو فيه الآن– طالما جاء ذلك عبر مجلس الوزراء او عن طريق الحرية والتغيير، يعضد ذلك ان حميدتي في اكثر من منبر وفي اكثر من موقف اعلن عن امتلاكه لحلول الازمات الاقتصادية وقال انه اذا طلب منه ذلك سوف يقدم حلوله– دعونا من بعد نرى كيف سوف تكون الاوضاع؟.
في الازمات يمكن ان يكون رئيس اللجنة الذي يعين لحل الازمة غير مختص– هذه امور تحدث في الكثير من المؤسسات وعلى كافة المستويات– واظن ان اللجنة التي كونها رئيس مجلس الادارة والمدير العام لصحيفة )الانتباهة( بسبب المقال الذي وصف بالمقال العنصري كانت خالية من الصحفيين وقد جاءت اللجنة من مكون )اداري( الى جانب ابراهيم الرشيد عضو مجلس الادارة.
اذا حدثت ازمة في مستشفى يمكن ان يكون رئيس اللجنة غير طبيب.
في العهد البائد كان وزير المالية الركابي وهو )عسكري( في وجود خبراء في الاقتصاد في المؤتمر الوطني– وكان وزير الصحة )بحر ادريس ابو قردة(– لا علاقة له بالصحة.. وكان وزير الخارجية غندور )طبيب اسنان( وقبله كان عثمان مصطفى اسماعيل وهو ايضاً )طبيب اسنان(– هل كانت وزارة الخارجية وقتها تعاني من )التسوس( لذلك اتوا باولئك الاطباء؟.
المتعافي كان وزيراً للزراعة وهو )طبيب(، وغازي صلاح الدين كان وزيراً بالخارجية وايضاً كان )طبيباً(.
البعض يتخوف من تمدد حميدتي ومن سيطرته– لكن في ظل الوعي الذي يشهده الشارع السوداني سوف يكون الفيصل والقياس للافضل هو العمل والبرامج والامانة والشفافية والاخلاص.. بهذه الاشياء نرحب بكل من يتمدد إن كان يملك مؤهلات ذلك.
لا فرق بين حمدوك وحميدتي إلّا بالعمل.
)3(
في كل الامور التي تتخذها الحكومة الانتقالية– انظر الى ردة فعل )الدولة العميقة(– إن وجدتهم يعترضون ويسخرون من الامر ويتعجبون منه – اعلم ان القرار الذي اتخذته الحكومة قرار صائب.
لا ادري لماذا هب الكيزان تلك الهبة على تعيين حميدتي رئيساً لالية معالجة الازمات الاقتصادية وهم الذين كانوا يستنجدون به في كل القضايا – وكانوا يحرضونه على المزيد من المسؤوليات والمزيد من التحركات – حتى ان تم لهم ذلك عادوا يعترضون على ذلك ويسخرون من حمدوك.
الازمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان فيها جانب داخلي وجانب خارجي– حمدوك ومجلسه لن يستطيع لوحده ان يتحرك داخلياً وخارجياً لحل تلك الازمات السياسية والاقتصادية – حمدوك يتحرك بشكل ممتاز على المستوى الخارجي اظن ان اخر ثمار ذلك الحراك ما صرحت به الخزانة الامريكية حينما قالت ان رفع السودان من قائمة الارهاب اصبح مسألة وقت.
الجانب الداخلي وما فيه من تعقيدات وتهريب ومرابحات يحتاج للجانب العسكري لذلك تحرك حميدتي في هذا الجانب داخلياً الى جانب تحرك حمدوك خارجياً امر يمكن ان يوصلنا للنتيجة الصحيحة.
حمدوك بتنازله هذا– بدد على العسكر نظرية الصراع والمؤامرة.
شكراً حمدوك – فالاثيار والتنازل والزهد قيمة اسمى من الاستيلاء والسيطرة والتملك.
الدولة يجب ان تستفيد من الآلية الضخمة التي يشرف عليها حميدتي في الموارد والعسكر لحل الازمة الاقتصادية.
)4(
بغم /
كانوا يعترضون على حمدوك على انه )شيوعي( ويعترضون على رشيد سعيد والشفيع خضر واسماء محمد عبدالله لنفس السبب والقراي وغيرهم.
الآن يعترضون على حميدتي لأنه )عسكري(– وهم من دعاة )العسكرية( وانصارها!!.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد