بالعربي الكسيح
محمد الطيب الأمين
أحمد محمد الحسن .. لسه كباية الشاي فيها شاي !
* لو كانت الدموع تعيد الأعزاء لما تركنا أحداً يغادرنا .
* كنا سنبكي كل عزيز حتى يعود ولكن الدموع لا تملك حق إعادة الراحلين .
* بكينا كثيراً من الأعزاء وما عادوا لأن الدموع هي أضعف وسيلة نعبر بها عن (وجع فراقهم) .
* الدموع وسيلة ضعيفة وهي آخر (كرت) نشهره ونتوسل ونتسول به دون جدوى .
* لا بتنفع ولا بتشفع ولا بتنشف الجرح القديم .
* نبكي ونهجر الأكل والنوم ونعتزل الناس والعمل ونأتي ونستسلم لحقيقة أن (الراحل) من الدنيا لا يعيده شيء لأن (سيد الأمانة شال أمانتو) .
* تنتهي علاقتنا بهم (نهاية أبدية) وتبقى الذكرى وأطياف الخيال وبعض الضحكات العالقة والمواقف الناطقة .
* نذكرهم ونعلم يقينا أن علاقتنا بهم قد انتهت، فهذه دار عبور بينما (الإقامة) قدام .
* نحن ضيوف وعابرو سبيل ينقلنا الموت من دنيا الضيافة إلى دار الإقامة والخلود .
* يرحل الأعزاء دون مقدمات .
* يرحلون ونحن (ياداب بنتعرف عليهم) .
* وهذا قمة الألم .
* أحياناً لا نكتشف أننا (تأخرنا) إلا بعد رحيل الأعزاء .
* لا نعرف هل استعجلوا هم ولا نحن (الجينا متأخرين) ؟
* أستاذ الأجيال الراحل المقيم أحمد محمد الحسن هو من الأعزاء الذين رحلوا دون أن نشبع منهم .
* هو مدرسة صحفية مكتملة الفصول والحضور .
* اشتهر بالوسطية والاعتدال في الرأي والطرح .
* صاحب قلم مؤدب وذكاء مهني وحضور كبير .
* اقترن اسمه بالنجاح فكان مؤسس لكثير من الإصدارات .
* قدم للصحافة السودانية الكثير من خلال مسيرة مضيئة استمرت لسنين طويلة .
* بصم الأستاذ الراحل أحمد محمد الحسن، على تجارب معظم الصحفيين السودانيين الحاليين .
* قدم وأعان العشرات من الزملاء الصحفيين وسخر لهم خبراته وإمكانياته .
* أعطى الصحافة السودانية الكثير فلم تعطِه هي إلا ما تيسر .
* أنجز رسالته كاملة ووضع لبنات لمدرسة صحفية ستظل قائمة ما بقيت الدنيا .
* كل من هم في جيلنا كانوا مجرد قراء ومعجبين بالراحل المقيم وبعد دخولهم المجال أصبحوا تلاميذ في حضرته .
* وهذا من حُسن الحظ .
* تعرفت على الراحل عن قرب خلال الفترة الماضية حيث كان يتردد كثيراً على مكتب صديقه الأستاذ الكببر محمد محمود هساي .
* ولولا زياراته للأستاذ هساي لما عرفته عن قرب .
* يدخل بهدوء ويتحدث بحذر.
* يشرب الشاي ويصلي الظهر ويعطر المكان ويغادر بذات الهدوء .
* رغم مريخيته إلا أنه كان يتقبل نقدي للمريخ بأريحية .
* ذات مرة ناقشني كثيراً في إسم العمود وقدم لي كثيراً من النصائح .
* هو ضد التعصب ولم يكره الهلال .
* رجل صاحب روح حلوة وذاكرة نشطة .
* يحكي بتفصيل مشوق فهو عاصر كثيراً من الشخصيات البارزة والمهمة .
* شهد على تاريخ كرة القدم السودانية ووثق لأجيال متعاقبة.
* مثقف سياسياً واجتماعياً وصاحب بديهة وقبول.
* مثل الأستاذ أحمد ندخره حتى يكون نبراساً للأجيال.
* فوجوده بيننا يمنح الطمأنينة والأمان .
* رحل صباح الأربعاء إثر علة لم تمهله طويلاً.
* وقد كان تشييعه استفتاءً لمكانته وتأثيره .
* رحل و(قلمه فيه كثير من الحبر) .
* قبل رحيله بأيام كنت قد اقترحت له والأستاذ هساي فكرة تنظيم ندوات رياضية تجوب الولايات والقرى .
* اقترحت له ذلك لأنني أعلم أن ما يملكه يستحق أن يقال.
* عاجله الموت وغادر والأجيال من خلفه تبكي .
* توقف قلبه الطيب وقلمه الجميل.
* البركة في ذريته وفي ابنه الأخ الزميل (محمد أحمد عجوز).
* الموت حق وهو النهاية الحتمية لكل نفس بشرية.
* نسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويبدل سيئاته حسنات ويسكنه العالي من الجنان.
* والتعازي الحارة لأسرته الكبيرة والصغيرة ولكل تلاميذه ومعارفه.
(وإنا لله وإنا إليه راجعون).