صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

أصلي مديون للعذاب

66

افياء

ايمن كبوش

أصلي مديون للعذاب

# سؤال من الأسئلة التي في حياتنا، ماذا فعل السودانيون لكي ترافق أيامهم تلك الأهازيج الحزاينية الباكية التي لا تجد لها عزاءً على سبيل الاصطبار.. إلا أن تغني: “اصلي مديون للعذاب”.. وهو ذلك العذاب المتراكم الذي نصارعه في معاشنا وانتقالنا، ونسدد فواتيره الواجبة من رصيد حصولنا على الخدمات العامة التي تقدمها لنا الدولة بـ”جزمتها القديمة”.
# عقابيل إحدى زياراته الراتبة لمجمع مستشفيات الشرطة، ساهرون، عمر ساوي، قال المدير العام قولته التي التقطتها أنا عابراً على عتبة الباب: “إنتو البوليس ده كلو راقد في المستشفى وللا شنو” وفي ذلك القول إشارة احتجاجية لضخامة عدد “المنوّمين والمرافقين” وكذلك الزوار الذين مازالوا يتدافعون أفراداً وجماعات نحو المستشفيات و”التبطل” بالساعات أمام الغرف والعنابر، يفترشون الأراضي الواسعة.. ويلتحفون الونسة و”القطيعة” وأكل لحوم الناس.
# ما قاله سعادة الفريق أول عادل بشائر على سبيل الممازحة، ربما، لن تجده في مستشفى الشرطة وحدها، ولكنه هناك عند أي محطة خدمة تفتح أبوابها للجمهور حيث تجد ذلك التدافع الذي يجعلك تموت حزناً على الشعب السوداني الذي يقضي الساعات الطوال في محطة البنزين ثم يختتم لهاثه اليومي أمام المخابز من أجل الحصول على الرغيف وما بين الوقود والخبز سباق محموم في دواوين الدولة التي تعطيك الإحساس بأن البلد كلها “معسكرة” أمام نافذة المرور التي تقدم خدمة استخراج الرخصة أو إجراءات المركبة من تحرّ وترخيص وإفراج مؤقت وطارئ، وكذا الحال في الجوازات وأقسام الشرطة المختلفة وإدارة الإسكان والنيابات المتخصصة ذات الأسماء العجيبة والواجهات الغريبة والمحاكم التي تضج بحركة الناس وشئونهم الشخصية ما بين شاك ومشكو، طلاق ونفقة وحضانة أطفال.. وإعداد هائلة تمثل القضاء الواقف والشهداء.. وحالفي الزور.
# إذن، الشعب السوداني كله معتقل في تلك الفروض اليومية التي يؤديها المرء صاغراً من قدرته على احتمال هذه الفواتير بما فيها فاتورة البقاء الطويل في انتظار المواصلات.. إذن من الذي يعمل بذلك المزاج الابداعي في منافذ الخدمات المختلفة.. ومن الذي يراقب ماكينات المصانع ومن الذي يتابع الحقول والمزارع.. لا أحد..
# لن نعود شعباً منتجاً ما لم تبدأ الدولة في تغيير سلوكها الذي يهدر عليها، وعلينا، الكثير من الموارد علاوة على الوقت، وأعتقد أن الدولة في حاجة لإرادة لتغيير العقليات التي تؤدي الخدمات في منافذها المختلفة حيث يعطونك انطباعاً أنهم يعملون على تعطيل الخدمة أكثر من انسيابها لذلك نطالب بالتدريب وتفعيل المراقبة للحاق بركب الدول التي ودعت، منذ سنوات طويلة.. كل مظاهر تخلفنا المقيم.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد