صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

إرادة حقيقية لتحقيق العدالة

26

افياء

ايمن كبوش

# قال لي: “العدالة ليست فعلا انتقائيا نمارسه بالانتخاب المزاجي.. نسوق الذي يساق من خناقه.. ونترك الذي يقهرنا بقوة ظهره لا حجته.. فتقف العدالة أمامه حائرة وعاجزة.. عندها لا ضير ولا حياء من أن يدخل رجل مسكين ومريض مثل الأخ أبو هريرة حسين ليجلد على بطنه في سجن كوبر فيمكث فيه شهورا.. بينما لم تتجاوز أيام استوزاره 12 يوما ومن عجب أن يظل رئيس آخر حكومة في عهد البشير حرا طليقا”.
# مثلنا وكل الشعوب العربية التي تسيح في الكلام والهلام وتحتفي بالشعارات.. منذ أن كانت هذه الشعارات وسوما على الواجهات والجدران والحيطان وكان هناك ترزية لتفصيل اللافتات بالقماش الدمورية إلى أن جاء الإسكرين واللوحات المضيئة وانتهاء بالسوشيال ميديا التي لم تترك شيئا دون أن تفض بكارته.. احتفينا بالتوالي السياسي.. وطرنا عاليا بالحصرية التي أطل فجرها مع النقل التلفزيوني للبطولات الرياضية فسحبناها إعجابا إلى تصدير الماشية.. وما عجزنا عن إدراك شيء إلا وقلنا بأن تمامه واكتماله يحتاج لإرادة سياسية أو إرادة شعبية.. فظلت الكلمات في استهلاكها القديم إلى أن جاء البروف غندور رئيسا لحزب المؤتمر الوطني فطار الفضاء بشيء جديد اسمه “المعارضة المساندة” وهي الكلمة التي وجدت من الاحتفاء ما وجده التوالي السياسي والاتفاقية الحصرية والإرادة السياسية.. كلها كلمات تستحق أن تعرض في البقالات والكناتين من أجل الاستهلاك.. لا أكثر ولا أقل.
# بهذه التقدمة أردت أن أقول إن أشياء عديدة في سودان ما بعد البشير تحتاج لإرادة ولكن أن تكون هذه الإرادة حديدية تتوافر على وجه خاص في الأجهزة العدلية القائمة ومنها بطبيعة الحال النيابة العامة بتخصصاتها العديدة وفرعياتها الكثيرة التي يتوه المرء في تسمياتها ومسمياتها ما بين نيابة المال العام ونيابة الثراء الحرام والمشبوه ونيابة الفساد.. الجمارك والضرائب.. وحينما نطالع القانون نكتشف بأن المشرع؛ هنا وهناك؛ فسر الماء بالماء بعد الجهد وأدخل العدالة في حزمة من المتناقضات التي لن تنتهي إلا بإصلاح شامل للقوانين.. إصلاح لا ينتقي قانونا من بين القوانين بالكره الجمعي للسودانيين.. لا قانون الثراء الحرام والمشبوه ولا قانون النظام العام.
# كذلك أشياء عديدة.. في بلد اللا تطبيق.. تجعل الكثيرين يمدون السنتهم لتلك الأخبار التي تتناقلها الصحافة السودانية على هذا النحو المتفائل: “كشفت مصادر موثوقة، عن تدوين نحو (35) بلاغاً بنيابة الثراء الحرام والمشبوه، في مواجهة رموز بالنظام السابق، مُتعلّقة بالفساد والتعدي على المال العام، ويجري التحرّي والتحقيق معهم من قِبل وكلاء النيابة.
وأبلغت مصادر (الصيحة) أمس، بإصدار أوامر قبض في مواجهتهم في بلاغات بالثراء الحرام والمشبوه، وأشارت لاستمرار تحريات وتحقيقات معهم متعلقة بسوق الأوراق المالية والبنوك والأراضي.
وأكدت أن نيابة الثراء الحرام والمشبوه، خاطبت المراجع العام لمدها بأسماء شركات ومؤسسات وهيئات حكومية، تخضع للمراجعة ومنضوية تحت قانون الثراء الحرام والمال المشبوه لسنة 1989م، لتسليمها استمارات إقرار ذمة مالية للمسؤولين كافة، بجانب تسليم وزارة المالية استمارات إقرارات ذمة للجهات التابعة لها ومنضوية تحت قانون الثراء الحرام”.
# انتهى الخبر النيابي المخدوم ولم تنته حيرتي حول إمكانية فتح بلاغات جنائية ضد رموز النظام السابق في “نيابة الثراء الثراء الحرام والمشبوه” متعلقة “بالفساد والتعدي على المال العام”.. هذه بلاغات ثلاثة نيابات في “طقة واحدة” أخشى أن يجري فيها ما جرى بين النيابة ووزارة الداخلية بخصوص حظر النائب الأول الأسبق لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه حيث حفيت أقدام نيابة الثراء الحرام إلى أن استجابت قوائم الداخلية لطلب النيابة بحظر المذكور.. حيث كانت تتمنع بنقص المعلومات مع أن علي عثمان شخصية عامة لا تحتاج لبيانات واجتهادات حول رقمه الوطني واسم والدته.
# أخيرا أقول إن النيابة التي تهدر أكثر من ثلاثة أسابيع لتكتشف أن أشرف الكاردينال رئيس نادي الهلال لم يتم حظره في القوائم لأن معلومات النيابة ناقصة.. تحتاج لإرادة حديدية تبدأ بإصلاحها من الداخل.. حتى تثبت قدرتها على قيادة رموز النظام السابق إلى المحاكم بتهم حقيقية.. لأن ما نطالعه في الإعلام ستثبت حقيقته الأيام.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد