صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

إستراحة الجمعة.. بروا آباءكم

118

وكفى

اسماعيل حسن
إستراحة الجمعة.. بروا آباءكم

 

 

 

 

 

* اليوم سأجري المقابلة الشخصية الأولى في حياتي للحصول على وظيفة مرموقة في إحدى الشركات الكبرى.. وإن تم قبولي سأترك هذا البيت الكئيب إلى غير رجعة.. وأرتاح من أبي ونصائحه المتكررة.. وتوبيخه الدائم لي.
* استيقظت في الصباح الباكر، واستحممت ولبست أجمل الثياب، وتعطرت وهممت بالخروج، فإذا بيدٍ تربت على كتفي عند الباب.. فالتفت ووجدت أبي متبسماً رغم ذبول عينيه، وظهور أعراض المرض جلية على وجهه..
* ناولني بعض النقود وقال لي أريدك أن تكون إيجابياً واثقاً من نفسك، ولا تهتز أمام أي سؤال.
* تقبلت النصيحة على مضض، وابتسمت وأنا أتأفف في دواخلي، إذ أنه حتى في هذه اللحظات لا يكف عن النصائح، وكأنه يتعمد تعكير مزاجي في أسعد لحظات حياتي..
* خرجت من البيت مسرعاً، واستأجرت سيارة وتوجهت إلى الشركة..
* وما أن وصلت ودخلت من بوابتها حتى تعجبت كل العجب.. إذ لم يكن هناك اي حراس عند الباب، ولا موظفي استقبال سوى لوحات إرشادية تقود إلى مكان المقابلة..
* بمجرد أن دخلت من الباب لاحظت أن مقبض الباب خارج من مكانه وعرضة للكسر إن اصطدم به أحد.. فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بأن أكون إيجابيا، فقمت على الفور برد مقبض الباب إلى مكانه وأحكمته جداً..
* ثم تتبعت اللوحات الإرشادية ومررت بحديقة الشركة، فوجدت الممرات غارقة بالمياه التي كانت تطفو من أحد الأحواض الذي امتلأ بالماء الى آخره، وقد بدا أن البستاني انشغل عنه. فتذكرت تعنيف أبي لي على هدر المياه وقمت بسحب خرطوم المياه من الحوض الممتلئ ووضعته في حوض آخر مع تقليل ضخ الصنبور حتى لا يمتلئ بسرعة إلى حين عودة البستاني.
* ثم دخلت مبنى الشركة متتبعاً اللوحات، وخلال صعودي على الدرج لاحظت الكم الهائل من مصابيح الإنارة المضاءة ونحن في وضح النهار، فقمت لا إراديا بإطفائها خوفا من صراخ أبي الذي كان يصدح في أذني أينما ذهبت.
* ثم وصلت الدور العلوي وفوجئت بالعدد الكبير من المتقدمين لهذه الوظيفة
* قمت بتسجيل اسمي في قائمة المتقدمين، وجلست أنتظر دوري وأتمعن في وجوه الحاضرين وملابسهم لدرجة جعلتني أشعر بالدونية من ملابسي وهيئتي أمام ما رأيته. والبعض يتباهى بشهاداته الحاصل عليها من الجامعات الأمريكية.
* ثم لاحظت أن كل من يدخل المقابلة لا يلبث إلا أن يخرج في أقل من دقيقة.
* فقلت في نفسي إن كان هؤلاء بأناقتهم وشهاداتهم قد تم رفضهم فهل سأقبل أنا ؟!!!
* فهممت بالانسحاب والخروج من هذه المنافسة الخاسرة بكرامتي قبل أن يُقال لي نعتذر منك.. إلا أنني تذكرت نصيحة أبي وأنا خارج من البيت حين قال لي أريدك أن تكون إيجابياً وواثقا من نفسك… فمكثت منتظراً دوري وكأن كلامه أعطاني شحنات ثقة بالنفس غير عادية.. وما هي إلا دقائق معدودة حتى سمعت الموظف ينادي على اسمي للدخول.
* دخلت غرفة المقابلة، وجلست على الكرسي مقابلاً ثلاثة أشخاص نظروا إليّ وابتسموا ابتسامة عريضة، ثم قال لي أحدهم متى تحب أن تستلم الوظيفة؟؟
* ذُهلت لوهلة وظننت أنه يسخر مني، أو أنه أحد أسئلة المقابلة ووراءه ما وراؤه.
* وفي هذه اللحظة تذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بألا أهتز وأن أكون واثقاً من نفسي؛ فأجبتهم بكل ثقة: بعد أن أجتاز الاختبار بنجاح إن شاء الله.
* فقال آخر: لقد نجحت في الامتحان وانتهى الأمر.
* فقلت لهم ولكن أحداً منكم لم يسألني سؤالاً واحداً !!!
* فقال الثالث: نحن ندرك جيداً أنه من خلال طرح الأسئلة فقط، لن نستطيع تقييم مهارات أي من المتقدمين.. ولذا قررنا أن يكون تقييمنا للشخص عملياً، فصممنا مجموعة اختبارات عملية تكشف لنا سلوك المتقدم ومدى الإيجابية التي يتمتع بها.. ومدى حرصه على مقدرات الشركة، فكنت أنت الشخص الوحيد الذي سعى لإصلاح كل عيب تعمدنا وضعه في طريق كل متقدم، وقد تم توثيق ذلك من خلال كاميرات مراقبة وضعت في كل أروقة الشركة..
* حينها فقط اختفت كل الوجوه أمام عيني، ونسيت الوظيفة والمقابلة وكل شئ.. ولم أعد أرى إلا صورة أبي ووجهه الذي ظاهره القسوة، ولكن باطنه الرحمة والمودة والحب والحنان والطمأنينة.
* وشعرت برغبة جامحة في البكاء والعودة إلى البيت والإنكفاء لتقبيل يديه وقدميه.
* لماذا يا ترى لم أفهم حقيقته من قبل؟؟؟
* كيف عميت عيناي عنه؟؟؟
* وعن عطائه بلا مقابل؟؟
* وعن حنانه بلا حدود..
* الآن فقط أيقنت أن قسوة الآباء على الأبناء تنطلق من خوف عليهم..
* أخوتي وأخواتي… لا تتأففوا من كثرة نصائح آبائكم وأمهاتكم ، فإن وراءها حباً كبيراً ستدركونه يوما ما.. وتكتشفونه عندما تكونون في وضعهم مع أبنائكم..
* فبرو آباءكم يبركم أبناؤكم..

سطور رياضية

* إتصل بي عصر أمس الأول صديق عزيز بمجلس إدارة نادي المريخ، وقال إنه كان في زيارة لرئيس المريخ آدم سوداكال دار خلالها حديث عن المقال الذي كتبته الأربعاء الماضي عن مستحقات الغاني مايكل والفرنسي غارزيتو… وكشف سوداكال لهذا الصديق كل الحقائق المتعلقة بهما، وطلب منه أن يطلعني عليها..
* ولأن لكل مقام مقال؛ رأيت أن اؤجل تناول هذه التوضيحات إلى يوم بعد غد الأحد، حتى لا أشغل المجتمع المريخي عن مباراة فريقه الإفريقية المهمة مساء غد السبت أمام فريق شبيبة القبائل الجزائري.. خاصة وأن سوداكال نفسه حسب ما ذكر لي هذا الصديق ؛ مهموم جداً بهذه المباراة الأفريقية.. وبالمباراة العربية يوم ٣١ من هذا الشهر، ويتحرك في جميع الاتجاهات من أجل تذليل الصعاب، وحل المشاكل، وتهيئة اللاعبين للمباراتين الإفريقية والعربية..
* وطلبت من الصديق العزيز أن يبلغ آدم سوداكال بأن توضيحاته وصلت، وأنني سأقوم بنشرها يوم الأحد القادم بإذن الله..
* وكفى.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد