صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

اتحاد الفساد والتمكين يزدري هيبة الدولة

78

للعطر افتضاح

د.مزمل ابوالقاسم

اتحاد الفساد والتمكين يزدري هيبة الدولة

لم يكن غريباً أن تتعامل الحكومة مع جائحة (كورونا) بما تستحقه من اهتمام، لتجاري ما يحدث في العالم أجمع، بإعلان حالة الطوارئ الصحية، وحظر التجمعات، وإغلاق المجال الجوي والبحري والبري، بقفل المطارات والموانئ والمعابر، مع تعطيل الدراسة في المدارس والجامعات، ووقف كل المؤتمرات والاحتفالات العامة والخاصة.
* تدابير صارمة ومبررة، تتناسب مع خطورة الجائحة التي أشاعت الرعب في كل أرجاء المعمورة، وانتشرت في (163) دولة.
* أمس تحدث وزير الصحة د. أكرم مشدداً على حظر التجمعات، وحث المواطنين على هجر المصافحة، مشيراً إلى أنهم في مجلس الوزراء تركوها، وأصبحوا يحيون بعضهم البعض بالأكتاف.
* الغريب في الأمر أن اتحاد كرة القدم رفض الاستجابة لكل تلك التدابير، وأصر على مواصلة نشاطه كأن شيئاً لم يكن، بزعم أن المباريات ستقام دون جمهور، فهل فعل ذلك؟
* هل أوفى بما وعد؟
* يوم أمس الأول أطلق أمين عام اتحاد الكرة تصريحاً مستفزاً، قال فيه (كورونا لن توقف الدوري الممتاز)، مدعياً أن المباريات ستقام دون جمهور، لتحدث المصيبة ويتضح خطل حديثه، وغباء تصريحه في اليوم نفسه، وفي أربع مدن رئيسية.
* في الخرطوم حضر مئات المشجعين مباراة أهلي الخرطوم والخرطوم الوطني في الدوري الممتاز.. وشهدت مباراة سبدو الضعين وحيدوب النهود التي جرت في ملعب الخرطوم حضوراً جماهيرياً مقدراً، وفيها سمح الاتحاد لستات الشاي والباعة الجائلين بممارسة عملهم داخل الإستاد كأن شيئاً لم يكن.
* في بورتسودان تم السماح للجماهير بدخول الإستاد في مباراة حي العرب بورتسودان والشرطة القضارف، وعندما طلب الحكم خروج المشجعين رفضوا تنفيذ تعليماته.
* في الفاشر تكررت المهزلة، بدخول المشجعين لملعب مباراة مريخ وهلال الفاشر، ورفضهم الامتثال لقرار الحكم الذي أوقف المباراة وطلب إخراج المتفرجين من المدرجات.
* في عطبرة حدث الأمر نفسه، أثناء مباراة الأمل عطبرة والرابطة كوستي، حيث أصرَّ آلاف المشجعين على حضور اللقاء، وفي كادوقلي تجاهل اتحاد الكرة التوجيهات القاضية بمنع الجمهور من الحضور، وطرح تذاكر بالقيمة للمباراة فشهدها آلاف المشجعين.
* استهتار اتحاد كرة القدم بجائحة (كورونا) لم يقتصر على رفض تعطيل النشاط، بل تعداه إلى استدعاء لاعب سوداني ينشط في الدوري الإيطالي للمنتخب الوطني، والسماح له بالمشاركة في معسكر وتدريبات المنتخب من دون أن يخضع إلى فحص كورونا أو حجر صحي.
* كرة القدم لعبة تعتمد على القوة، وتشهد التحامات قوية بين اللاعبين، وعدد لاعبيها كبير نسبياً، إذ يصل عدد اللاعبين داخل الملعب إلى (22)، علاوةً على الاحتياطيين والفنيين والإداريين والمعالجين والحكام والمراقبين.
* إذا أضفنا إليهم رجال الأمن والمنظمين وعمال النظافة والخدمات فستكون المحصلة تجمعاً كبيراً للبشر، لا يتناسب مع التوجيهات والإجراءات الواجب اتباعها لمنع انتشار (كورونا)، فكيف يكون الحال إذا أضفنا إليهم آلاف المشجعين والباعة الجائلين ممن سمح لهم اتحاد الكرة بحضور مباريات أمس الأول؟
* تمرد اتحاد الكرة على الموجهات التي أصدرتها الدولة في قمة هرم سلطتها التنفيذية (مجلس الوزراء ووزارة الصحة)، وقمة هرم سلطتها الأمنية (مجلس الأمن والدفاع) ليس غريباً عليه.
* سلوكه يشبه اتحاد التمكين، الذي يرأسه عضو سابق في مجلس شورى المؤتمر الوطني، وعضو سابق في أحد برلمانات الإنقاذ بالتعيين، وينوب عنه خمسة من المنتمين للحزب المحلول.
* اتحاد أتى بأمر أمانة الشباب في المؤتمر الوطني المحلول، بعد معركة انتخابية سادها فساد يشيب لهوله الولدان، استخدمت فيه مليارات الجنيهات كرشاوى للناخبين، واستغلت فيه أمانة (الخراب) كل سلطتها ونفوذها ومالها لتمكين منسوبيها من السيطرة على الاتحاد، واستعانت بوزراء اتحاديين وولائيين وولاة، ولم تتورع عن توظيف جهاز الأمن لدعم مجموعة الإصلاح والنهضة، حتى مكنتها من السيطرة على الاتحاد.
* اتحاد بتلك المواصفات، ينطبق عليه مسمى (الدولة العميقة) تماماً، من الطبيعي أن لا يستجيب لتوجهات الدولة، ويتحدى تدابيرها، ويزدري مقرراتها، ويتجاهل إجراءاتها الاحترازية لمواجهة وباء (كورونا).
* المصيبة أن ذلك حدث تحت سمع وبصر مجلس الوزراء، ووزارة الصحة، ووزارة الشباب والرياضة، التي نحمد لها أنها انتبهت أمس إلى استهتار اتحاد الفساد وتدخلت لإيقاف النشاط.
* بلغ فساد رئيس الاتحاد درجة إقدامه على تخصيص إحدى سيارات الاتحاد لزوجته، ومنحها عشرين ألف دولار من أموال الاتحاد، علاوةً على إهدار المال العام على المتبطلين الذين يرافقونه في حله وترحاله.
* ذلك بخلاف تسلمه نثرية مزدوجة بالدولار، لرحلات ومهام خارجية، تم سداد قيمتها له بواسطة الاتحادين الدولي والإفريقي لكرة القدم.
* نسأل السيدة وزيرة الشباب والرياضة، إلى متى ستوالي صمتها على فساد اتحاد التمكين لتنشغل عنه باتحادات كرة الطاولة والهجن وغيرهما؟
* ما قيمة الدوري السوداني كي يتمسك اتحاد الفساد باستمراره، ويخرج لسانه لكل الإجراءات التي أقرتها الدولة لمواجهة الوباء الخطير؟
* ماذا يساوي الدوري غير الممتاز أمام الدوري الإنجليزي الذي تصل قيمة رعاياته وبثه التلفزيوني وأنديته ولاعبيه عشرات المليارات من الدولارات، وتفوق قيمته ميزانية السودان عدة مرات؟
* توقف الدوري الإنجليزي بأمر السلطات الأمنية والصحية في إنجلترا، ولم يرفض الاتحاد الإنجليزي الإجراء، ولم تنبس رابطة الأندية الإنجليزية ببنت شفة.
* ماذا يساوي الدوري السوداني الهزيل أمام (اللا ليغا) الإسبانية، التي تضم أغلى لاعبي العالم؟
* ما قيمته في مواجهة الدوري الفرنسي، الذي تصل فيه قيمة لاعبين اثنين فقط (نيمار وإمبابي) زهاء مليار دولار؟
* ما قيمة منافسات اتحاد التمكين والفشل والفساد في مواجهة الدوري الألماني، ودوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، وبطولات رابطة السلة الأمريكية وبقية المنافسات الرياضية في أوروبا وغيرها؟
* حتى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أوقف تصفيات المونديال في كل قارات الدنيا، وتبعته الاتحادات القارية، بوقف تصفيات بطولات الأمم، حفظاً لسلامة المشجعين واللاعبين، وفي السودان يتعامل اتحاد الفساد والتسلط مع الدولة بعنجهية وتحدٍّ مقيت، ويعرّض حيوات اللاعبين والمشجعين إلى الخطر، ولا يجد من يردعه.
* مطلوب من الدولة التصدي لهذا الاتحاد المستهتر، ومحاسبة مسئوليه على سماحهم للجماهير بحضور المباريات، علماً أن اتحاد التمكين والتعدي على المال العام يخضع إلى التحقيق حالياً بأمر نيابة مكافحة الفساد، تبعاً لتعدد مخالفاته، وتفشي ظواهر التعدي على المال العام فيه.
* اتحاد الفساد يزدري هيبة الدولة، ويعرض حيوات الناس للخطر، بتجاهله للموجهات الخاصة بالتعامل مع جائحة (كورونا)، ويهدر المال العام بصورة معلنة، ولا يجد من يشكمه.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد