صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الإنجاز القطري .. والحسرة السودانية!

30

اللعب على الورق
جعفـــر سليمـــان

• حقق المنتخب القطري بالأمس إنجازاً مهماً يعتبر هو الأول في تأريخ الكرة القطرية..بإحرازه لقب كأس آسيا ..بعد نتائج غير مسبوقة ..وعروض فنية أدرات الرؤوس ..ولفتت الأنظار إلى المواهب العالية التي منحت قطر أول وأهم الألقاب القارية.
• وبطبيعة الحال ..كان الحديث هنا في السودان أكثر عن هذا الإنجاز القطري الكبير..عطفا على الأسماء السودانية التي إرتدت القميص القطري ..ومنحت القطر الشقيق هذا اللقب القاري الكبير ..وفي مقدمتهم طبعا هداف البطولة ..وأفضل لاعبيها المعز علي.
• ولم تكن المواهب السودانية وحدها صاحبة هذا الإنجاز الذي سجل بإسم دولة قطر ..فهناك مواهب من أصول عربية وغير عربية ساهموا في تحقيق هذا اللقب من بينهم المغربي والعراقي والأسباني ..وغيرهم من الجنسيات الأخرى.!!
• تحسر الناس عن غياب المواهب السودانية عن ملاعبنا .. وتوفرها لدى آخرين وجدوا ضالتهم فيها وفي مواهبهم البكر ..وتم توظيفهم توظيفا سليما ..قاد في نهاية الأمر لتحقق بطولة قارية كبيرة ..في وقت يبحث فيه السودان عن لاعبين لديهم الرغبة في اللعب للمنتخب الوطني السوداني!
• من حق قطر أن تسعد بهذه المواهب التي تمت رعايتها حق الرعاية منذ بواكير الصبا، وصرفت عليها أموالا طائلة حتى تحقق لهم الألقاب ..وتشرفهم بالمحافل الدولية ..وتستحق قطر الشقيقة أن تنال ما خطط له حتى ولو بأقدام أجنبية!
• ما تحقق لدولة قطر .. فيه رسالة عميقة ..تشير إلى (الأنفتاح) على الآخر ..دون عقد أو عصبيات لا تقود إلا لمزيد من التقوقع ..والأختباء خلف مورثات قديمة لا تقدم ولا وتؤخر على..كما يحدث عندنا هنا في السودان.!
• العقلية القطرية التي تدير الرياضية هناك ..عقلية منفتحة ..عرفت أن الحلول في هذا المجال غير متوفر لديها بالقدر الكافي ..ويمكن بالتفكير الإيجابي البعيد عن (العقد) الذاتية ..الوصول إلى تحقيق إهداف رياضية كبيرة.
• المورد البشري هو ما بحث عنه المسؤولون بقطر ..فكان التفكير الإستراتيجي برعاية المواهب المتفردة منذ بواكير العمر ..ووفروا لهم المطلوب بأكاديمية (آسباير) وغيرها من سبل إعداد المواهب الناشئة ..فكان من الطبيعي أن يكون نتاج ذلك إنجازات رياضية كبيرة.
• لم يكن الأمر حصرياً على نشاط كرة القدم ..ففي كل المناشط نجد أن دولة قطر لجأت إلى المواهب الشابة من مختلف الجنسيات، وتعدتهم بالرعاية التامة ..وصرفت عليهم أموالا طائلة..فعادوا لها بالألقاب المختلفة في شتى المجالات.
• نعم أخذ البعض على قطر الأعتماد على لاعبين من أصول غير قطرية ..وقد أتخذ البعض من ذلك مجالا للسخرية من قطر ..وقللوا من حجم الإنجاز الكبير بسبب الأعتماد على لاعبين أجانب ..وبنظري هي محض مكايدات لا أكثر ولا أقل ..وفيها تكريس لعقد بالية ..ما عاد العالم يتعامل معها!!
• قطر ليست الوحيدة التي إستفادت من لاعبين ينحدرون من اصول مختلفة ..ويكفي فقط أن نشير إلى فرنسا التي حققت لقب كأس العالم بأقدام لاعبين ليسوا من أصول فرنسية ..ولكن في النهاية لم يكتب الأنجاز بإسماء الدول التي ولدوا فيها ..بل حسب الأنجاز لفرنسا ..وكذا الحال ..فإن كاس آسيا كتب في سفر التأريخ بإسم قطر ..!!
• وإذا ما قارنا التجربة القطرية بواقعنا هنا ..لكوننا الأكثر تحسراً على عدم الإستفادة من العنصر البشري الذي إستفادت منه قطر ..سنجد أن عكس التفكير القطري هو المسيطر على العقليات التي تدير الرياضة هنا بالسودان وتحديداً كرة القدم
• هنا ..يحارب الشباب وناشئة كرة القدم .. ولا يجدون الأهتمام القاعدي المطلوب ..لذا تضيع المواهب ..وبالتالي تنعدم الإنجازات ..وإن تحققت بعض النجاحات يكون ذلك رهينا للحظوظ والصدف ..وبعض العوامل الأخرى ليس من بينه التخطيط.
• الإحتراف هنا محرم ..ويعتبر من الكبائر ..ومن عجب يحارب الأنفتاح على عالم الأنفتاح بدعاوى ..حماية اللاعب الوطني ..في وقت لا يجد فيه اللاعب الوطني الأهتمام المطلوب منذ صغره وحتى إعتزاله كرة القدم ..
• بل العكس تقتل في اللاعبين روح اللعب للمنتخبات الوطنية ..ويعتبر الأختيار للمنتخب بمثابة العقوبة الحدية إن لم يلتزم اللاعب بتدريبات المنتخب (المتقطعة)، وهو ما يجعل إرتداء شعار الوطن مجرد (أداء واجب) وهرباً من سيف العقوبات الذي يسلط على الرقاب.
• ويحارب اللاعب الأجنبي ..ويقلص وجوده بلوائح لا يقبلها عقل ولا منطق ..بل تقود تلك اللوائح إلى المزيد من التراجع إلى الوراء ..والمزيد من الأنكسارات والتخلف ..والسبب كما ذكرنا حماية اللاعب الوطني ..وهي بكل تأكيد دعوة حق لا يراد بها حقاً .
• العقليات المتخلفة التي تدير الكرة هنا وعلى مدى سنوات عرفنا فيها هذا النشاط ..هي السبب في هجرة الواهب الواعدة أمثال المعز علي بحثا عن عوالم منفتحه ..ويجدون ضالتهم في دول متحضرة ومتقدمة تعمل بلا (عقد) لذا تتنفس مواهبهم إنجازات تحسب لتلك الدول.
• وطالما أن العقليات هنا متصلبة لدرجة أنها صارت عاجزة عن الخروج من قمقمها ..فإن واقعنا لن يتغير ..وستكون الحسرة مستمرة كلما تقدمت دول من حولنا بفضل مواهب سودانية خالصة ..
• والحل بنظري يكمن في التجديد ..وأقتحام الشباب ساحة العمل بالأدارات الرياضية فهم الأقدر على مواكبة روح العصر ..ومعرفة المتطلبات بلا عقد ..وبتحرر كامل في الأفكار ..ولكن السؤال ..هل للديناصورات أن يفسحوا لهم المجال من أجل التغيير .والإجابة بكل تأكيد ..لا !!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد