صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

البكري.. تفاصيل رجل طفل !!

70

بالعربي الكسيح
محمد الطيب الأمين
البكري.. تفاصيل رجل طفل !!

* قد تجد طفلاً صغيراً ولكنه (عاقل) و(تقيل) و(حكيم في تصرفاته).
* طفل بعقل الكبار، لا يشبه من هم في عمره.
* طفل صغير في السن كبير في العقل .. (أكبر من سنو) ..
* هذا مفهوم وموجود في حياتنا التي تزخر بالأطفال (الكبار).
* ولكن من الصعب جداً أن تجد رجلاً كبيراً في السن  يملك كل صفات ومواصفات الأطفال.
* هذا صعب جداً في زمن غازل فيه الحسد كثير من القلوب وتبدَّلت المشاعر وانشغل الناس عن الناس وغاب التواصل و(المحبة الفي الله) فضاعت كثير من القيم.
* سيطرت المصالح على كثير من العلاقات وبرز التملق و(كسير التلج) بوجهه القبيح وأضعف ذلك الصدق والثقة.
* بعيداً عن هذا كله خرج الراحل المقيم ميرغني البكري للدنيا نقياً كما (جلابيته) وغادر الدنيا أمس الأول، نقياً مثل (عمامته).
* رجل عاش في الدنيا (نسمة) وسعى بين الناس (فراشة) فكان مثل حامل المسك لا ينفحك إلا بطيب القول.
* ميرغني البكري هو (الرجل الطفل) أو (الطفل الرجل).
* الراحل ميرغني البكري لم يكن (شيخ نقاد) وأستاذ في الصحافة الفنية، بل كان (شيخ في الإنسانية وأستاذ في حب الناس).
* حرق سنين عمره في خدمة الفن والثقافة والأدب والرياضة فكان عبارة عن (باب) دخل عبره جيش من الزملاء الإعلاميين الذين علمهم ورعاهم خير رعاية.
* هو الرجل الكبير الذي عاش بقلب طفل فأحبه كل الناس.
* كنا نحسبه صحفياً ولكن الفنانين حسبوه فناناً.
* والصحيح أن نقول هو (صحفي بإحساس فنان).
* أكثر ما كان يدهشني في أستاذي الراحل ميرغني البكري، هو ذلك التواضع والأدب.
* ميرغني البكري هو الوحيد الذي ما كان يعرف ميرغني البكري.
* تجرد ونكر ذاته واحترق فكان نوره للناس.
* قد لا يصدق أحد أن السودان الذي تجري في شوارعه حوالي (18) مليون عربية لا يملك فيها ميرغني البكري ولا واحدة.
* عندما عصرت عليه السنين وضعفت أقدامه استعان بـ(العصاية) حتى تعينه على المشي.
* لا يملك عربية ويرهق نفسه بالمواصلات ولا يكل من الحركة ومواصلة الناس والمشاركة في الفعاليات.
* يكاد لا يكتمل أي منتدى أو ليلة ثقافية إلا يشارك فيها البكري.
* ومشاركاته دائماً فيها نفع وفيها خير ونصح وإرشاد وأدب.
* يملك ذاكرة حديدية وأسلوب أنيق في الحكي.
* عاصر كبار الفنانين وأسهم بقدر كبير في تثبيت أقدام أكثرهم.
* عدَّل إعوجاج أكثر من تجربة غنائية بقلمه ودعم أكثر من موهبة فكان (أب) للجميع والجميع له أبناء.
* على الصعيد الشخصي كان لي شرف العمل مع البكري من خلال ثلاث صحف (القمة، الكورة وفنون).
* وهو أكثر من شجعني لكتابة العمود، بل كان يطاردني ويجبرني على الكتابة.
* في بداياتي الصحفية فتح لي صفحته الفنية بصحيفة (القمة) ثم صحيفة (الكورة) فتعلمت الكتابة وأنا ضيف في مساحته نصف الأسبوعية.
* نصحني كثيراً ووجهني وأوصاني فكان خير معين بالنسبة لي.
* حكى لنا تاريخ الكاشف وإبراهيم عوض وعثمان حسين ووردي.
* دعم محمد الأمين وأطلق عليه لقب الباشكاتب وأدخل (يده) في أغنية (بعد  الشر عليك).
* دعم عركي واللحو وأحمد المصطفى وحسن عطية وطه سليمان وحنان بلوبلو ومي عمر ومأمون سوار الدهب ومحمد بشير.
* له بصمة مع كل الأجيال.
* رجل يفرح لنجاح الآخرين ويشيل هم الناس بينما همومه يخفيها خلف ضحكته الأنيقة.
* كريم و(الفي جيبو ما حقو) ولم تكن القروش أكبر همه.
* أحب الصحافة وأخلص لها فمنحته حب الناس وعلاقات يحسده عليها الآخرين.
* يكفي أن البكري سقط ليلة الأربعاء، وهو مشارك في إحدى المنتديات.
* ظل مواصلاً ومخلصاً حتى في اللحظات الأخيرة.
* محبوب وصادق في خوِّته وعميق في فكره.
* مسامح بطبعه وبشوش وغزير الحكايات.
* لا تشبع منه ويعجبك أدبه.
* كل تلاميذه لم يجدوا إجابة لسؤال يقول (البكري من أين لك هذا التواضع والطاقة)؟
* نحن شباب تخذلنا لياقتنا وتهزمنا ظروفنا فنفشل في ملاحقة الليالي الثقافة والمنتديات بينما البكري يصل ويواصل.
* كان شديد النشاط يغطي وطنه الصغير أم درمان ويغطي بحري والخرطوم ويعود لمنزله آخر الليل وهو في قمة السعادة والمعنويات.
* قاوم كل الظروف والسهر والكسل فتقدم الصفوف.
* في ليلة ثقافية قد لا تجد سراج النعيم ولا تجد أمير أحمد السيد ولا تجد هيثم كابو ولكن ستجد البكري لا محال.
* رجل بكل هذه القيمة والقامة الرفيعة رحل في هدوء ولم يزل هناك متسع في القلم.
* انتقل عمنا الغالي ميرغني البكري إلى جوار ربه في ليلة الجمعة وما أدارك ما ليلة الجمعة.
* نسأل الله العلي القدير أن يوسع في مرقده وأن يرحمه بقدر ما قدَّم للوطن وأن يدخل الجنة مع الصديقين والشهداء..
* نعزي أسرته الكبيرة والصغيرة ونعزي أنفسنا وكل الزملاء في هذا الفقد الكبير.
* اللهم ارحمه فأنت أرحم منا جميعاً ..
* (إن لله وإن إليه راجعون).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد