صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الحل’ في التبكير بالحل..

112

مــذاق الحــروف

عماد الدين عمر

لو أن قرار حل المؤتمر الوطني ورد في البيان الاول الذي أذاعه الفريق البرهان بعد أيام من سقوط الانقاذ لقلنا انه جاء متأخرا بعض الشئ ، فمثل هذا القرار مكانه الطبيعي البيان الاول الذي قرأه عوض بن عوف في الحادي عشر من ابريل ، والمنطق أن تأتي جملة حل الحزب الحاكم بعد جملة ( إقتلاع ذلك النظام والتحفظ علي رأسه بمكان امن ) التي وردت بالبيان ، غير أن القرار – لسبب أو لغيره – تأخر كثيرا ليصدر عبر قانون التفكيك بعد أكثر من سبعة أشهر من تلك البيانات ، ولكن ليس مقاما أنسب لمقولة أن تأتي متاخرا خير من ألا تأتي من هذا المقام .
صحيح أن هذا التأخير منح الحزب المجرم وقياداته الوقت الكافي لتغير كثير من معالم الاشياء وربما إخفاء بعض الحقائق والمعلومات ، وسمح له كذلك التصرف في بعض الممتلكات والاصول التي استولي عليها من أموال الشعب ، وصحيح أنه زرع حالة من الامل والتفاؤل بين رموز النظام البائد وصوّر لهم إمكانية العودة الي المشهد والتحكم في البلاد من جديد ، وصحيح أنه سمح لبعض المجرمين بمغادرة البلاد والفرار من الحساب مثل ما فعل العباس شقيق المخلوع أو حامد ممتاز وغيرهم من الفاسدين ، ولكن في النهاية لا يصح الا الصحيح ، وأهداف الثورة التي مات من أجلها الشباب لابد وأن تتحقق .
الشعب السوداني لم يخرج في هبة ديسمبر المجيدة من أجل التحفظ علي رأس النظام دون باقي الجسد الفاسد ، لم يقدم خيرة أبناء هذا البلد أرواحهم فداءا للحرية لكي ينعم بها الذين تسببوا في موتهم ، والثورة التي أنجزها الشباب لم تكن ثورة خبز ولا احتجاجات علي سوء المعيشة فقط – كما يروج لذلك اذناب النظام البائد ، بل كانت الاحتجاجات علي كل سياسات ذلك النظام الغاشم المستبد ، فكانت ثورة الوعي الشامل والمفاهيم التي تطالب بالانعتاق من نظام عاث في الارض فسادا فاهلك الحرث والنسل ، أحرق القري وسرق الممتلكات وقتل الارواح وجاء بكل المنكـــرات والموبقات باسم الدين وتحت غطاء حــزبهم الاثم الذي يسمـــونه زورا ( الوطني ) والوطن منه براء ، فلا يستقيم أن تنجح الثورة ويسمح لهكذا حزب بالبقاء .
نقول ، الحزب الذي أثري كل المنتمين اليه علي حساب الشعب لابد وأن يحل ، والنظام الذي يبدأ حياته بدق مسمار في رأس طبيب ، ويختمها بادخال خازوق في دبر معلم ويتلذذ بين الفترتين بقتل الضباط في رمضان وحرق القري في دارفور لايستحق أن يبقي يوما واحدا علي قيد الحياة السياسية ، بل – من تثبت عليه ارتكاب بعض تلك الجرائم من منسوبيه لايستحق البقاء علي قيد الحياة لساعات .
ونقول في الختام ، أن المتوجسين من قرار حل حزب المؤتمر الوطني وتفكيك نظام الانقاذ لا يخرجون بحال من صنفين : إنتهازي منتفع ، أو منافق جبان ، وكلتا الصفتين تتوافر في أعضاء الحزب المحلول من أنصار الرئيس المخلوع ، ولا نستغرب علي ذلك ردة فعلهم المتمثلة في حسرة ممزوجة بالاسي وبعض الخوف من مصير لن يكون بلون شعارات حزبهم المأفون ، ولكن ما نستغربه حقا أنه ليس بين مشاعرهم بعض الندم ..والله المستعان ..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد