صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الفوضى تتمدد في الشارع السوداني..!!

17

كـــــــرات عكســـــية

محــمد كامــل سعــيد

Mohammed.kamil84@yahoo.com

الفوضى تتمدد في الشارع السوداني..!!

* الخميس قبل الماضي خرج كل سكان العاصمة ـ الاّ القليل ـ الى الشارع بعد ما سرت شائعة تسلل عدد من عصابات (النقرز) الخرطوم بغرض القيام باعمال نهب والاعتداء على المواطنيين، فسهرنا مع الجيران حتى ساعات الصباح الأولى امام منازلنا..

* ثم توالت الاحداث عاصفة، وحدث الخلاف في تحديد يوم العيد حيث افطر البعض الثلاثاء في حين اكمل عدد مقدر من ابناء شعبنا ايام رمضان (30) يوماً.. قبل ان ندخل ايام الاعتصام والاضراب العام والذي اصاب الشوارع بشلل التام رغم مكبرات البعض.

* ومع مرور الايام، تدريجياً بدأت الامور تعود الى الشكل الاعتيادي، بعد الاعلان عن رفع العصيان، وفي هذه الاثناء تحرك خفافيش الظلام لاستغلال الموقف بامثل صورة، وتابعنا العجب العجاب من ارتفاع جنوني لاسعار المواد الاستهلاكية خاصة الدقيق..

* وكان الدقيق هو النقطة التي انطلق منها ارتفاع الاسعار نسبة لان معظم الافران كانت مغلقة وبالتالي لجأ الجميع الى الدقيق الذي يعتبر البديل الوحيد في مثل تلك الاوضاع، وللاسف لم يحرك ذلك الوضع المآسوى اي فرد من قادة المجلس العسكري او مسانديهم.

* عدنا بعد تلك الموجة الى العمل، فوجدنا انفسنا وكأننا غرباء على ام درمان وبحري والخرطوم، بعد ما صارت الفوضى هي سيدة الموقف بداية من الاسواق، ومروراً بالشوارع، وانتهاء باسلوب تعامل المواطنيين مع بعضهم البعض وبشكل مخيف..

* الملاحظة الابرز في هذه الايام تتمثل في ان قوات الدعم السريع قد تراجع تواجدها، وقل انتشارها في شوارع العاصمة، وحلت مكانها عربات تحمل لوحاتها اسم القوات الملسحة، اللهم الاّ في مداخل ومخارج الكباري التي تربط المدن الثلاث حيث لا تزال الدعم السريع هي التي تسيطر، لكن بمعزل عن التعامل المباشر مع المواطن..

* عاد الباعة المتوجولون الى امكانهم، واستقر التعامل والتعاطي مع الخدمات المهمة كالخبز والخضار والكهرباء وغير ذلك من الضروريات، لكن ظلت الفوضى والغلاء هما السمة المشتركة في اسلوب الباعة مع المواطن وبصورة صارت بالجد مخيفة جداً ولدرجة اصبحت معها مشاهد الاشتباكات اللفظية وبالايدي من الثوابت في كل شارع..!!

* بالامس مثلاً، حدث اشتباك في الحافلة التي تحركت من بحري الى الخرطوم، حيث اصر الكمساري على ان اجرة الفرد تعادل 5 جنيهات في حين انها لا تتعدى 3 جنيهات، فاصر عدد من المواطنيين على دفع القيمة القديمة وكان طبيعياً ان ترتفع الاصوات..

* وأول أمس، وبعد ان تدافع الجميع وحجز كل مواطن معقدة في الحافلة ـ الكبيرة وليس الهايس ـ التي همت بالتحرك من موقف بحري قاصدة الثورة بالنص المهداوي اذا بالسائق يخرج على الركاب مطالباً بالاجرة التي قال انها تبلغ عشرة جنيهات في حين ان الاجرة الاصلية ثلاثة جنيهات ونصف، ليكون ذلك ايذاناً ببداية المعارك الحامية..!!

* وفي اتجاه آخر تناقص وزن رغيف العيش ووصل مرحلة ذلك الذي كان يتم وضعه بصحن العشاء في المناسبات، اما سعر طلب الفول فقد وصل الى (40) و(45) جنيه في الكثير من المطاعم، وزاد سعر رطل زيت الطعام ووصل (50) جنيها بالتمام والكمال..!

* ذهبت الى احد الدكاكين قبل يومين لشراء الفول فاشار لي بان أقل قيمة ليبيع (حبيب الشعب) تبلغ (15) جنيه، مؤكداً ان (الكمشة) صارت بعشرة جنيه، وتلك الكمية لا تكفي وجبة لطفل صغير، اي ان الاسرة التي تضم 3 افراد تحتاج لفول بـ(25) جنيه للوجبة..!

* وقبل ان يسألني احد عن اسعار بقية المواد الاستهلاكية اشير الى ان جل افراد شعب السودان نسيوا ـ غصباً عنهم ـ بعض الوجبات على شاكلة اللحمة والسمك والسجك والكوراع، ووصل الامر لمقاطعة البيض والذي وصل سعر الحبة منه الى 6 جنيهات..!

* تخريمة أولى: للاسف وفي ظل تلك الصورة البائسة نجد ان قادة البلاد ـ الذين يفترض انهم يعلمون بكل كبيرة وصغيرة ـ يواصلون اللهث خلف التمسك بكراسي الحكم، دون اي مراعاة منهم للحالة الحرجة والمؤلمة التي وصلت اليها الخدمات الضرورية والاساسية للمواطن.. أقول ذلك وفي الذاكرة الكثير المثير من المشاهد في المستشفيات ومراكز الفحص، والصيدليات والعشرات بل والالاف من ابناء بلادي يمارسون العجز ويعلنون الاستسلام امام سطوة الغلاء.

* تخريمة ثانية: مرت عشرة اسابيع على الاطاحة بحكم المخلوع عمر البشير، وللاسف لا يزال الوضع السيئ في حاله، هذا اذا لم يتراجع الى الوراء، وبالتالي نجد ان المعاناة تتضاعف على كاهل المواطن البسيط والذي فيما يبدو ان الساسة لم يقتنعوا بانه وصل الى مرحلة الاستفراغ نتيجة الامتلاء من احاديثهم الفارغة التي اثبتت الايام انها لا تسمن ولا تغني من جوع..؟!!

* تخريمة ثالثة: وتاني بنعيد: مرت الايام، كالخيال احلام ولا نزال ننتظر نتيجة شكوى لوزان التي أوهم البعض عشاق الكيان بانها (مربوحة) ولعل ما حدث من فشل متراكم في القضايا التي افتعلها المرضى بالسنوات الماضية سيكون هو السند الاول والاخير للبسطاء لتقبل واقع تبدد الحلم الوهمي.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد