صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

القانون يعلو.. يا (أبو القوانين)!

1٬420

كبد الحقيقة

د. مزمل ابوالقاسم

القانون يعلو.. يا (أبو القوانين)!

 

* تعقيباً على ما كتبناه عن قرار الاتحاد العام بخصوص أزمة نادي المريخ تلقينا التعقيب التالي من الأخ الأستاذ محمد الشيخ مدني، وكتب فيه ما يلي:
* (الأخ العزيز مزمل، تحية طيبة، طالعت عمودك المقروء جداً حول رأيي عن قرار الاتحاد العام وحلوله لأزمة المريخ، الشكر والتقدير لك على الاهتمام ومقارعة الحجة بالحجة، ولعلي أبدا باختلافين مبدئين بيننا، الاختلاف الأول: أنت تنطلق من صراع طويل ومعركة ممتدة ومتعددة الجوانب مع الاتحاد العام الحالي، ولذلك تجيء آراؤك ضمن شمولية الصراع مع الاتحاد، أما أنا فقد حصرت رأيي في القرار الأخير حول المريخ، بمعزل عن رأيي في أداء الاتحاد بصورة عامة، أما الاختلاف المبدئي الثاني فأنا بطبعي أنظر للنصف المليء من كوب الماء، وفي تقديري وقد أكون مخطئاً أراك تنظر للنصف الفارغ من الكوب.
* أتفق معك إننا لو حبسنا أنفسنا داخل النصوص القانونية الجامدة مجردة لوجدنا ثغرات وثغرات في قرار الاتحاد العام، ولكن بالنسبة لي الأمر مختلف كلياً، أولاً: لقد ظللت أردد كثيرا وبقناعة أن أي قرار أو موقف في هذه الدنيا يكون مثالياً إذا تطابق فيه القانون والمنطق والواقع، وكنت أقول: في كثير من الأحيان لا يتطابق الثلاثة، أما في السودان فلم يحدث أن تطابقوا، وإذا أردت رأيي في ترتيب الثلاثة من حيث القوة في السودان، يأتي الواقع في المرتبة الأولى، والمنطق في المرتبة الثانية، أما النصوص القانونية في السودان تأتي في المرتبة الثالثة، كما أن قناعتي أن هناك فرق كبير بين ما يمكن أن نسميه (مشكلة)، وبين (الأزمة)، فالمشكلة عادة تكون بين طرفين، وغالباً يكون حلها في النصوص القانونية، ولكن الأزمة تكون متعددة الأطراف ومعقدة الجوانب وفي كثير من الأحيان النصوص القانونية لا تشكل حلاً لها، وهنا ينبغي التعامل بالواقع والمنطق.
* ثانياً: سألت نفسي من منظور الواقع المريخي: ما هي الخيارات المتاحة من قرارات مجلس إدارة الاتحاد العام وفي إطار القانون، الخيار الأول الموافقة على صحة كل إجراءات الجمعية العمومية والإقرار بكل مخرجاتها من قرارات، وهذا مطلب أغلبية المريخاب العظمى، ولو اتخذ الاتحاد هذا القرار لكان قراراً سليماً وقانونياً، ولكن كان هناك خياراً آخر مطروحاً أمام الاجتماع، وهو رفض إجراءات الجمعية العمومية جملة وتفصيلاً، والقضاء ببطلانها، وبالتالي عدم الاعتراف بأي من مخرجاتها، بما ذلك إجازة النظام الأساسي، ولو اتخذ الاتحاد العام هذا القرار لوجد من المسببات القانونية التي تعضده، لأنه ليس هناك ما يلزم حتمية القبول بصحة إجراءات الجمعية العمومية ، إذن بعملية حسابية منطقية: لم يكن بديل القرار الذي صدر هو الاعتراف الكامل بإجراءات الجمعية ومخرجاتها، فقد كان من الممكن أن يكون القرار رفض إجراءات الجمعية العمومية ، لتتواصل أزمة المريخ دون التقدم خطوة للأمام، ولن يكون هناك سقف زمني للخروج من الأزمة، وفي تقديري أن إيجابيات القرار تتمثل في إجازة النظام الأساسي الذي ارتضاه أهل المريخ، وفي تحديد سقف زمني لنهاية معاناة أهل المريخ، وأهم من هذا وذاك ضمان قيام جمعية عمومية راشدة تمثل القاعدة المريخية الحقيقية إذا حرص أعضاؤها جميعا على التجديد أو توفيق الأوضاع، أما تشاؤمك بأن الأزمة لن تحل عبر هذا القرار فهذا تكهن نترك للأيام صحته من خطئه، دعنا ندعو الله أن يولي للمريخ من يصلحه، ولك كل الشكر والتقدير).
محمد الشيخ مدني

تعقيب
* أشكر الأستاذ العزيز محمد الشيخ مدني على تكرمه بالتعليق، وليسمح لي أن أستغرب استسهاله وقبوله تجاوز القانون، وتقديمه (للواقع والمنطق) عليه.
* غريب جداً أن يتجاهل من يحمل لقب (أبي القوانين) مبدأ (القانون يعلو ولا يُعلى عليه)!
* القياس بالمنطق في شأنٍ يحسمه القانون بنصوص قطعية غير وارد ولا مقبول، لأنه يزدري قاعدة فقهية وقانونية شهيرة، تقول (لا اجتهاد مع نص).
* فوق ذلك فإن القياس بالمنطق يختلف من شخصٍ لآخر، فما يراه ود الشيخ منطقياً قد يراه غيره مجافياً للمنطق، ومخالفاً له، إذ لا يوجد مقياس محسوس للمنطق، ولا نصوص قاطعة ترّسم حدوده وتوضح كيفية الأخذ به، خلافاً للقانون، الذي ينظم العلاقة بين الناس والجماعات والمؤسسات، ويرسّم حدودها بطريقة قاطعة، ويحدد الحقوق والواجبات بنصوص وأحكام واضحة، يتم الاهتداء بها لحسم النزاعات.
* لنأخذ القضية مثار الجدل مثالاً، ونذكر أن الاتحاد العام أقر في اجتماعه الأخير النظام الأساسي للمريخ، ثم خالفه جهرةً بإسناد أمر الإشراف على الجمعية العمومية إلى جهة أخرى، بخلاف المذكورة في دستور المريخ.
* كذلك أوكل الاتحاد أمر الإشراف على عضوية نادي المريخ على جهةٍ أخرى، خلافاً للتي سماها النظام الأساسي الساري للنادي.
* تخير الاتحاد من مقررات جمعية المريخ العمومية ما يرغب فيه بالمزاج والهوى، وألقى بقية المقررات خلف ظهره، وداس عليها بحذائه الغليظ.
* انتخبت الجمعية العمومية لنادي المريخ لجنةً للانتخابات، ولجنة استئنافات انتخابية، ولجنة للأخلاقيات، وطالما أن الاتحاد أقر بسريان النظام الأساسي للمريخ، واعترف بشرعيته وتوافقه مع نظامه الأساسي فلا يوجد ما يدفعه إلى تجاوزه بأي حال من الأحوال.
* أما التجاوز الأكبر فيتعلق بانتهاك الاتحاد لنظامه الأساسي الذي ينص بجلاء، في المادة 17، على الاستقلالية الكاملة للأعضاء، وعدم جواز التدخل في شئونهم.
* لو تُرك أمر فض النزاعات إلى المزاج والهوى وما أسماه ود الشيخ (الواقع والمنطق) فسيفتح ذلك الخيار ألف بابٍ للفوضى، وقد وضح ذلك بجلاء في أداء الاتحاد الحالي نفسه، بشيوع تجاوز القوانين، والإمعان في انتهاك اللوائح، مما تسبب في تفشي الفساد في ردهاته، وتمدد مظاهر المحسوبية والتعدي على المال العام.
* ذكر ود الشيخ نفسه بأن الواقع والمنطق والقانون قلما تتطابق في السودان، وحديثه يدلل على قيمة وأهمية مبدأ (سريان حكم القانون)، وليس العكس، لأن القانون يسمو ويعلو ويسري على ما سواه.
* عندما تنشب النزاعات بين الأفراد أو المؤسسات لا يُترك حسمها إلى المزاج الشخصي، ولا يتم الركون في علاجها إلى سياسة الأمر الواقع، ولا يصح أن تُحكم بمنطق قد يختلف قياسه من جهةٍ إلى أخرى.
* الدعوة إلى إهمال القانون، وتبرير انتهاكه أخر بالغ الخطورة على النشاط الرياضي، وعلى المجتمع كله، لأن القانون يعلو على ما سواه.
* إذا غاب.. فسيسود حكم الغاب.
آخر الحقائق
* انتقادنا للنهج الذي يعمل به رئيس الاتحاد لا يعني أننا على خلاف مع المؤسسة.
* لو احترم المجلس القانون واتخذ قراره بما يوافق صحيحه لدعمناه وأشدنا به.
* شداد نفسه من أبرز الدعاة لتجاوز القوانين، استناداً إلى ما أسماه ود الشيخ (الواقع والمنطق).
* المدرسة واحدة، وهي تبرر التعدي على اللوائح، وتجيز انتهاك القوانين لتبرير التجاوزات، وتسويق الفوضى بالحديث عن الواقع والمنطق.
* حدث الأمر نفسه في قضية نيل الحصاحيصا الشهيرة، عندما تجاوزت لجنة الاستئنافات المركزية القانون وقبلت استئنافاً مخالفاً للقانون، قيل إن كتلة أندية الممتاز قدمته بالإنابة عن نادي الهلال.
* وقتها برر ود الشيخ التجاوز الخطير بالحديث عن الواقع والمنطق.
* الاتحاد السوداني العام ليس محكوماً بالمنطق والواقع، بل بنظامٍ أساسي أجازته الجمعية العمومية التي تشكل أعلى سلطة تشريعية للاتحاد.
* المريخ لا يُحكم بالواقع والمنطق بشهادة الاتحاد العام نفسه، لأن النادي يمتلك دستوراً ملزماً، يحمل مسمى النظام الأساسي.
* لا يوجد نص في النظام الأساسي للاتحاد يخول لمجلس الإدارة أن يدس أنفه في شئون الأعضاء، لأن دستور الاتحاد ينص صراحةً على الاستقلالية التامة لكل أعضاء الاتحاد.
* وليس صحيحاً أن الاتحاد كان يستطيع أن ينكر كل ما دار في جمعية المريخ، لأن قانونه لا يعطيه ذلك الحق.
* مع ذلك أنكر الاتحاد بعض ما دار في الجمعية لأنه_ كحال أستاذنا الجليل ود الشيخ_ لا يرى للقانون الذي يحكم الاتحاد قدسيةً، ويقدم عليه الهوى والمزاج، بادعاء أن الواقع والمنطق يجوزان انتهاك القانون!
* إذا غاب القانون فسيتحول المجتمع إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف.
* ما نهضت دول الغرب ولا تطورت إلا لأنها جعلت للقوانين قدسيةً تحول دون انتهاكها.
* أقرت مبدأ سيادة حكم القانون، وسعت إلى تشييد أركان (دولة القانون)، فطفرت ونمت.
* أما الدول التي تطبق قانون (المرأة المخزومية)، فقد تردت وتدهورت، وتفشت فيها مظاهر الفقر والجوع والمرض.
* توهمنا؛ لغفلتنا، أن الأستاذ محمد الشيخ مدني استحق أن ينال لقب (أبو القوانين) إبان عمله كإداري في اتحاد الخرطوم المحلي والاتحاد العام لأنه كان يطبق القانون بصرامة، ولا يقبل المساس به، ولا يسمح بتعطيله ولا يرضى التلاعب به، فإذا به يفتي بجواز انتهاكه وتطويعه على رؤوس الإشهاد!
* ذلك مع عميق محبتنا لأستاذنا الجليل ود الشيخ.
* نبارك لمنتخبنا الوطني تأهله إلى نهائيات كأس العرب بفوزه القيِّم على نظيره القطري.
* الفوز مستحق ومتوقع لأن الخصم يماثلنا في واقعه الكروي، لكن المبالغة في الاحتفال بتجاوز التصفيات التمهيدية تشكل أمراً مستهجناً لمنتخب أسس الاتحاد الإفريقي في العام 1957، وفاز ببطولة الأمم الإفريقية عام 1970!
* التحية لأبناء الجالية السودانية في قطر فقد رسموا لوحة بالغة الجمال في لقاء الأمس.
* دعموا وشجعوا وآزروا وكانوا نجم نجوم المباراة بلا منازع.
* (حلوين حلاوة).
* آخر خبر: الغريق قدام.. أمنياتنا لصقور الجديان بالتوفيق في النهائيات

قد يعجبك أيضا
6 تعليقات
  1. صلاح يقول

    غريب جدا أن يتجاهل من يسمي أبو القوانين …….. ده أسلوب خطاب لشخص في مكانة مربي الأجيال الأستاذ محمد الشيخ مدني !! عجبي…
    لكن عبارة يتكهن القالها أستاذ محمد الشيخ مدني حلوة بالجد 😆😆😆
    ياااااادنيا مافيكي إلا أنا…….
    تعال مارق يا أبو المستعار المندلاوي وورينا رايك في الكلام ده يمرق جلدك…!!

  2. النعيم يقول

    القياس بالمنطق في شأنٍ يحسمه القانون بنصوص قطعية غير وارد ولا مقبول، لأنه يزدري قاعدة فقهية وقانونية شهيرة، تقول (لا اجتهاد مع نص)
    اقتباس النص من مقال الاستاذ مزمل .. وأشير هنا إلى القاعدة الفقهية والقانونية التي إجتهد في وجودها الخلفاء الراشدين مع وجود نصوص من القرآن الكريم كما عطل سيدنا عمر حد السرقة في عام الرمادة وأخرج مصرف المؤلفة قلوبهم من مصارف الزكاة. والأمثلة كثيرة . والقاعدة نفسها هي إجتهاد من إجتهادات علماء الأصول وفقهاء القانون .فدرء الفتنة أولى من تحصيل مصلحة .
    ولعل هذا ما عناه ابوالقوانين الإجتهاد في وجود النص ، وقد يكون الإجتهاد خاطئ ولكنه يظل إجتهاد يؤجر صاحبه إذا أصاب بأجرين وأجر واحد إذا أخطأ .
    والإجتهاد ينطبق على وضع القانون نفسه ، فإن نصوص القانون المعني سواء كان قانون الاتحاد أو النادي ، فكلها إجتهادات قد لا تصلح في كل الأحوال ، ولذلك كان التنادي بالروح لا بالنص لجمود النصوص .

  3. جلابي الدوحة - قطر يقول

    استغرب ان اسمع هذا الكلام من شخص يسمي ابو القوانين وهو يركل القانون ويمسحه بعبارات فلسفية تخلو من المحتوي للواقع
    اولا تعقيب البو القوانين بان مزمل متفرغ لحرب مع الاتحاد اقول له عيب يا استاذ لانه حرام اسميك ابو القوانين فانت سقطت في القانون فالاتحاد به تجاوزات وقد كشفها الاستاذ مزمل وان كانت غير حقيقيه لكان الان امام المحاكم ويتابع كمية البلاغات ..ثم الست من افراد هذا الشعب الذي تعذب من سارقي ماله فاراك تقف موقف المتفرج وهذا يجعلك مع اولئك الذين تم اقتلاعهم
    الاخ والاستاذ مزمل كفيت ووفيت في الرد علي هذا الشخص الغريب الحديث والذي بقلمه يضع القانون في المرتبه الثالثه
    ثم من وكله بان يحل مشاكل المريخ وهو مطاطيء الراس ويجعل شعب المريخ يرضخ للذل والمهانه
    سير يا دكتور واضرب بقلمك الجهل والتملق واضرب كل سارق للمال العام فلا تدع لهم جنب الا وتغزوه بقلم نؤمن به
    رعاك الله وحفظك

  4. طارق محمد يقول

    هاهاها لازل ابو المفاهيم سادر في غيه القديم … ياخ ده ما شايف زول غيره بيفهم ..

  5. ابو محمد يقول

    كمل كمل يالمزمل.. احييك أيها الصفوه.. القانون هو المنطق فعندما يكون هناك نص قطعي فلا مجال لإعمال الاجتهاد.. ولكن في النصوص التنظيمية قد يحتاج المرء إلى الى إعمال روح القانون لأن الغرض من النصوص القانونية هو تنظيم المرفق وحسن إدارته بإنتظام وإطراد وتجاوز الازمات.. وفي هذه الحالة قد يضطر القائمون على الأمر تجاوز النصوص القانونية لحل الأزمه.. فالقانون كما ينبغي لا يحل الازمات احيانا يا ابو المزمل.. ولكن تجاوز القانون سيوفر مطاعن عديده وثغرات يستطيع المعارضون لقرارات الاتحاذ ان ينفذوا من خلالها واحالة النزاع إلى الجات العدلية الدولية. وإذا تمسكنا بنصوص القانون لن تحل أزمة المريخ في ظل وجود الإتحاد الحالي.. هذا رأيي.. كمل كمل يالمزمل.

  6. بكري يقول

    يجب على كل مريخابي عاقل وخالي من الأهواء والشخصنة والأرتزق من مشاكل المريخ أن يشكر شداد بهذا الحل والتوافق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد