صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

بمرارة الظلم… وداعاً أبوهريره…!

1٬478

زووم

ابوعاقلة اماسا

بمرارة الظلم… وداعاً أبوهريره…!

* إلتقينا للمرة الأولى في تجمعات إتحاد طلاب الثانويات، كنت وقتها ممثلاً لإتحاد النيل الأبيض الثانوية بالديم، بينما كان هو من قيادات إتحاد ثانويات ولاية الخرطوم… إلتقينا عدة مرات قبل أن تكون الدورة المدرسية ١٩٩٢ إحدى محطاتنا، وعندما بدأنا مشوارنا مع الصحافة كان المريخ قبلة تجمعنا معه، لذلك كانت العلاقة بيني وبينه فوق كل الإعتبارات، وعرفته في أكثر من موقف وظرف، إنساناً يجمع كل معاني السماحة والطيبة، لا تسقط الإبتسامة عن وجهه أبداً… ويعشق التواصل الإجتماعي مخترقاً بذلك كل القيود التي فرضها السياسيون على أنفسهم، وما كان يحتاج لجواز سفر ليعبر به إلى عالم الرياضة، فقد كان لاعباً من لاعبي النجم الأحمر برابطة أم بده جنوب، رياضياً خلوقاً تعجبك طباعه، وتستأنس بالعلاقة معه نلتقي بإستاد المريخ وفي ميادين الرياضة المختلفة، وفي المناسبات الإجتماعية.
* أبوهريره حسين عانى الظلم، وكان مثار حديث الناس أيام ثورة ملاعب الخرطوم، قيادياً شبابياً يمثل جيلنا، ورغم أننا لا نتفق في الميول السياسية وكانت لدينا تحفظات في ذلك العمل الذي فاق زخمه الإعلامي آثاره على الأرض، ولكن شيء ما جعله يختلف عن بقية المنتمين للإنقاذ.. فقد كان واسع العلاقات مع كافة فئات المجتمع، ودود ومجامل، ونشهد بأنه كان محبوباً في كل المجتمعات التي عشنا فيها، خاصة المريخ.. فهو سوداني لا تنقصه الشهامة والمروءة والجرأة..!!
* موجة من الألم والأسى إجتاحت الأسافير بعد إعلان وفاته بالقاهرة متأثراً بإصابته بفايروس كورونا المستجد، وآلاف الدعوات والإبتهالات شيعته من كافة فئات المجتمع في حالة نادرة.. حتى وأنه لم يتبق أحد إلا وترحم عليه ودعا له بالجنة، ومصدر الحسرة والألم ليس بسبب الموت بأي حال، فنحن وغيرنا يدرك أن سبيل الموت غاية كل حي على وجه البسيطة، ولكن لأن الجميع يشعر بمرارة الظلم في إعتقاله، وإحساس مضاعف بالقهر… وقد إعتقلوه فجر الثورة وأودعوه السجن بدون ان توجه له تهمة واضحة ومع ذلك تعرض للإهمال وهو الذي يعاني من أمراض عديدة كان يحتاج معها لمتابعة الأطباء، ولأن الإعتقال كان متعسفاً فقد سمح له بالسفر إلى مصر لطلب العلاج، مع العلم بأنهم لم يسمحوا له بذلك إلا بعد أن بلغ ذروة المعاناة… وكل ذلك وهو ليس مصدر الخطر الكبير على الثورة، ولا هو بالباطش المزعج من كوادر الإنقاذ.
* في عنفوان أيام الإنقاذ كان أبوهريرة من المقربين للقيادة السياسية وإبن من أبناء الرئيس الثقاة، لذلك وكل بملف صيانة وبناء ملاعب الناشئين وهي الفترة التي جلبت له الكثير من الكلام.
* كثير من الناس كانوا يعتقدون أنه يعيش حياة من الدعة والترف، ولكنه وبرغم كل ذلك كان عادياً لا يغتر ولا يتعالى ولا يفتري،، لذلك أحبه الناس ودعوا بالرحمة والنغفرة في مظاهر أسفيرية تؤكد ما ذهبنا إليه.. خاصة وأننا في توقيت قاسي وبالغ التعقيد وقد ارتفعت فيه مظاهر العداء والعنف اللفظي وثقافة إغتيال الشخصيات بين المكونات السياسية وأصبحت تطال كثير من الأبرياء في فوضى وهمجية تعبر عن فشل النخبة السياسية في إيحاد صيغة محترمة للممارسة..!!
* نحن نترحم على روح فقيدنا أبوهريرة حسين، وإذ ننعيه وقد شق علينا ذلك.. ننعي فيه روحه الجميلة وحبه للسودان وخدمة الغير… اللهم إنه عبدك وقد توفيته وأنت أعلم بحاله، فإن كان محسناً فزده إحساناً.. وإن كان غير ذلك فتجاوز عنه وارحمه واغفره واحشره مع أصحاب اليمين… إنا لله وإنا إليه راجعون
* وداعاً أيها الإنسان الجميل… فسوف نفتقدك بحيويتك ومبادراتك الإجتماعية وحبك للخير والآخرين..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد