صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

تحت لهيب الشمس باعة متجولون في اعتصام القيادة الخرطوم .. لقمة العيش تهتف مع الثوار

81

“مصائب قوم عند قوم فوائد” مقولة لا يؤمن بها الباعة المتجولون في مكان اعتصام السودانيين أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم للأسبوع الثالث على التوالي.
في مكان الاعتصام الذي يتوزع على نحو 20 كيلومتراً مربعاً ما بين ساحات وشوارع تتقاطع مع بعضها أمام مباني قيادة القوات المسلحة السودانية، وسط العاصمة، تقابلك نساء يفترشن الأرض يعرضن القهوة والشاي والأكل، وأطفال يجوبون المكان خلف عربات صغيرة محملة ببضائع مختلفة.

ملامح الباعة مبتسمة وأحياناً تائهة بين زحام المعتصمين وغبار الطرق وحرارة الطقس الملتهبة، لكن المؤكد أنَّ آمالهم هي ذاتها ما ينشده أبناء البلد في هذا الاعتصام.

يدعمون ثورة الحرية والتغيير ويساندون مطالب الثورة التي أبرزها انتقال السلطة إلى حكومة مدنية، وفي الوقت ذاته يهمهم تحصيل لقمة العيش، والأهم من هذا وذاك أنهم يبتسمون لمن يبتاع منهم فهو بطل ثورتهم.
لقمة العيش ومطالب الثورة في كفة واحدة
صورةٌ عكستها “أم محمد” التي كانت تتوسط موقد نار على شمالها، وعلب السكر والقهوة والشاي والزنجبيل والقرفة والبهارات المصاحبة على يمينها، والزبائن من حولها.

وبينما كانت منهمكة في إعداد الشاي لزبائنها من المشاركين في الاعتصام، تقول “أم محمد” لـ”العين الإخبارية”: “جئنا إلى هنا علشان (من أجل) نشتغل ونربي أولادنا، واللي ربنا قاسمه لينا نحصل عليه”.

سألتها ما إذا كانت تود أن يستمر الاعتصام حتى تكسب أكثر، فقاطعتني متجهمة: “الاعتصام أهم لينا (لنا) من لقمة العيش، نريدها أن تسقط بس (في إشارة إلى أحد الهتافات التي يرددها المعتصمون وتشير إلى إسقاط أركان النظام السابق)”.

وتمضي قائلة: “رايدين (نريد) الأمور تتصلح، وتتحقق كل مطالب الناس دي (هذه) حتى نروح (نعود) للبيت”.

ومهنة بيع الشاي في السودان من المهن التي ابتدعتها النساء لإعالة أسرهن لمواجهة قسوة الحياة، حتى أنها باتت منتشرة بشكل كبير، خاصة على قارعة الطريق أو في الأماكن العامة بالهواء الطلق والتي تكون ملاذاً للباحثين عن السهر والسمر في مكان لا تسمعهم فيها جدران.

وتعرف هذه المهنة في السودان بـ”ستات الشاي” اللاتي يجدن إقبالاً من شرائح مجتمعية مختلفة من الموظفين والطلاب وحتى الوزراء الذين يأتون لارتشاف الشاي المعد بالحليب على طريقتهم المفضلة.
أطفال من المدارس للميدان

كان قادماً إلينا ونظراته تسبق خطواته، يريد أن نبتاع منه شيئاً من صندوقه الخشبي الذي يعلقه في رقبته من الصباح وحتى المساء.

طفل لم يكمل ربيعه الـ11، سألناه عن اسمه، لكن عزة نفسه منعته، لأنه يحز في باله أنه اضطر لترك المدرسة ليعمل بائعاً من أجل مساعدة أسرته.

سألته على عُجالة وهو يغادرنا باحثاً عن زبون آخر “هل أنت مع الثوار؟” ليجيبني ببراءة “نعم، فأنا هنا أيضاً أبيع لهم ما يريدونه”.

رزق تحت لهيب الشمس

أما “فدوى” تلك السيدة التي كانت تحمل رضيعتها تحت شمس الخرطوم اللاهبة، فبدا عليها كأنها جلست تراقب خطى زبائنها على أمل أن تجذبهم لعربتها البسيطة المحملة بالمسكرات.

تقول فدوى لـ”العين الإخبارية”: “أطلع من البيت في الصباح أشيل (أحمل) بنتي (ابنتي)، نلقط (نحصل) رزقنا علشان (من أجل) نساعد الأسرة”.

وتستدرك: “لكن في النهاية دايرينها (نريدها) أن تسقط بس، وبلدنا يتصلح، نعيش في سلام وأمن، وأن يتوفر كل شيء لينا (لنا)”.

وللأسبوع الثالث على التوالي، يتوافد إلى مكان الاعتصام وسط الخرطوم، الآلاف من المحتجين، لمطالبة المجلس العسكري الذي عزل الرئيس عمر البشير في 11 أبريل/نيسان بتسليم السلطة للمدنيين.

والأحد، أرجأت قوى “الحرية والتغيير” التي تقود الحراك السوداني، إعلان تشكيل “مجلس سيادي مدني” يحكم البلاد بدلاً من المجلس العسكري.

وقالت قوى “الحرية والتغيير” في مؤتمر صحفي جماهيري، إنَّها علّقت التفاوض مع المجلس العسكري، مؤكدة استمرار المظاهرات للمطالبة بسلطة مدنية.

موقفٌ من قبل الحراك الشعبي، جاء بعد إعلان رئيس المجلس العسكري الفريق الركن عبدالفتاح البرهان، في أول ظهور تلفزيوني مع القنوات المحلية، الأحد، استعداد المجلس لنقل السلطة إلى المدنيين حال تراضت القوى السياسية وتوافقت على رؤية واحدة، مؤكداً أنه ليس طامعاً بالسلطة.

 

 

 

العين – إيمان نصّار

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد