. يؤسفني، بل يحزنني حد البكاء أن أقول لكم يا أعزائي الثوار وعزيزاتي الثائرات أن ثورتكم أصبحت في مهب الريح حقيقة.
. فهل ما زلتم على عهدكم بحراستها وصون حقوق أخواتكم وأخوتكم الذين دفعوا أنفسهم فداءً لها!!
. هذا ما أتمناه، بل هو عشمنا فيكم.
. فهي ثورة لم ولن تتكرر.
. لقد كانت تضحياتها جسيمة بقدر لم أتوقع معه أن يتنازل حتى أكثر أصحاب النفوس ضعفاً عن أي من أهدافها مهما بدا هذا الهدف صغيراً.
. لكن ما يحز في النفس أنه لا يزال بيننا ساسة كبار أسماءً، لكنهم صغار جداً أمام الصيت والجاه والمناصب وما شابه من (وسخ) الحياة.
. ولا أخفيكم سراً أنني منذ اليوم الذي تمت فيه الموافقة على مجلس البرهان_ حميدتي لم أشعر بإطمئنان كامل تجاه هذه الثورة العظيمة ولعلكم لاحظتم لعدد المرات التي طرحت فيها هذا السؤال حتى قبل فض الاعتصام.
. لكنني للأسف لم أجد إجابة شافية.
. ثم جاء أمر الوثيقة الدستورية التي أدخلتنا في عنق الزجاجة.
. وهنا أيضاً قفز لذهني السؤال:لماذا لم يعدلونها بعد أن نبههم بعض الخبراء القانونيين لثغراتها العديدة!!
. وظل هذا السؤال بلا إجابة أيضاً.
. وما زاد الطين بِلة بالنسبة لي هو التعرف اليوم على معلومة أن القوم كانوا على تواصل مع عمنا البروفيسور الجليل والخبير القانوني المعروف محمد إبراهيم خليل المقيم حالياً بأمريكا.
. كانوا يستشيرونه فيجود عليهم بعلمه ومعرفته حول نصوص بعينها، ليتضح له بعد خروج الوثيقة بشكلها النهائي أنهم ضربوا بعرض الحائط معظم ما نصحهم به.
. ولم يعدلوا سوى أمور طفيفة من بعض ما نصحهم به.
. معلومة أوشك رأسي أن ينفجر عند سماعها.
. فهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك أيادٍ عابثة أرادت التقارب مع العسكر ولو على أشلاء جثث من ضحوا من أجلنا.
. الأمر الآخر المحبط جداً، وما لا يعلمه الكثيرون أن هناك صراعاً عنيفاً من أجل المناصب.
. بعد أن مات دكتور بابكر ميتة الأبطال وهو يسعى لمداواة الجرحى..
. وبعد أن فقد محجوب التاج روحه وهو يزود عن زميلاته..
. وبعد أن مات عباس فرح واقفاً وشامخاً كالطود يزود عن الترس، لا يزال بيننا من يتهافتون للمناصب.
. يا له من أمر معيب ومخجل ومبكٍ.
. أعرف متهافتاً غادر مهجره الطويل منذ أسبوع فقط لكي يضمن حظوظه في الترشح لمنصب وزير الخارجية.
. وليته إمتلك شيئاً مما يؤهله لمثل هذا المنصب الهام.
. من أعنيه لا يملك حسب ما وردني من معلومات سوى ( البلبصة) واللسان العذب والمداهنة والتسلق مع مؤهل أكاديمي أكثر من عادي.
. وما يزيد الحسرة أنه يريد الترشح في مقابل دبلوماسي مرموق وكاتب وكادر خارجية يتحدث ثلاث لغات.
. حتى مرشحة وزارة العدل الدكتورة ابتسام السنهوري لدى حولها تحفظات محددة.
. أهم هذه التحفظات أنها كانت عضواً أصيلاً في اللجنة التي خرجت لنا بالوثيقة (الورطة).
. فهل يُساءل مثلها عن سبب الأخطاء والعيوب التي صدرت بها الوثيقة رغم النصائح والملاحظات التي قدمها أصحاب الخبرات الأكبر، أم تُرشح لمنصب وزاري!!
. وثاني تحفظاتي وهو مهم أيضاً يتمثل في أنها كانت عضو تفاوض، وأرى في ترشيحها لمنصب وزاري تضارب مصالح واضح لا يحتاج لرفع الضوء.
. ثم أن قادة قوى الحرية التغيير عبروا مراراً عن زهدهم في مناصب الحكومة الانتقالية.
. فما الذي إستجد، ومن الذي يعبث بثورة السودانيين ويقدم كل ما من شأنه أن يخدم العسكر على حساب أهل الساس والراس في هذه الثورة!!
. هناك معلومة أخرى مؤرقة أيضاً حيث وردني أن قانونيِين من أصحاب الخبرة والحنكة هما محمد عبد السلام وعلي عجب قد أُستبعدا من اللجنة القانونية المعنية بإعداد الوثيقة.
. فلماذا تم ذلك، ولمصلحة من، ومن الذي وقف وراء ابعادهما!!
. الأسئلة المربكة لا تنتهي، فهل من حلول عاجلة؟!
. في رأيي أن الشعب الذي وثق في شباب تجمع المهنيين طوال أشهر الثورة ووجد فيهم التفاني والإخلاص والتجرد يجب أن يعيد تنشيط هذه العلاقة.
. فوضوا لجان المقاومة بكل الأحياء لمراجعة (بعض) شباب التجمع واستفسارهم حول كل ما جرى.
. وأطلبوا منهم التحرك السريع وأنتم أمامهم من أجل حراسة ثورتكم وإفشال مخططات بعض المتآمرين.
. حرام والله حرام أن يبيع البعض دم الشهداء برخص التراب ونقف نحن الشعب موقف المتفرجين تجاه هذا العبث.