صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

رحلة التغيير

24

خارطة الطريق
ناصر بابكر

* قبل مواجهة القمة أمس الأول، كانت كل مباريات مرحلة النخبة من مسابقة الممتاز تلعب في مدرجات شبه فارغة بما في ذلك المباريات التي طرفها المريخ والهلال حتى تلك التي جمعتهم بأندية مقدمة مثل الأهلي شندي والخرطوم الوطني وهلال الأبيض، وكان السبب الرئيسي في مقاطعة الجمهور للمدرجات وحتى للمتابعة عبر الشاشات انشغال الكل بالثورة والتي جعلت الجميع يرفعون شعار (الحصة وطن) ويبتعدون عن كل شيء باستثناء الثورة لدرجة أن قروبات الواتساب الرياضية التي لم تكن تمل الحديث صباح مساء عن أمور كرة القدم وتفاصيل تفاصيلها لم تعد ترد فيها أمورا رياضية بل أن غلاة عشاق المريخ والهلال لم يعودوا يتابعون أمور أنديتهم تلك أو مواعيد مبارياتهم قبل أن يتغير الوضع بعد إتفاق فجر الجمعة الأمر الذي أنعكس على الحضور الجماهيري لقمة السبت حيث بدأت الجماهير العودة للمدرجات لكن مع ظهور لافت لإعلام السودان في المدرجات وقبله لهتافات (مدنية مدنية) التي ضج بها الملعب قبل المباراة من جماهير الفريقين.
* إتفاق الجمعة قاد لتفاؤل حذر في الشارع السوداني في انتظار التوقيع الرسمي وتكوين المجلس السيادي والحكومة التنفيذية لتباشر عملها وسط تحديات عديدة وأوضاع بالغة التعقيد في ظل تطلعات كبيرة للشعب بأن تتغير الأمور في كل الملفات وكل المجالات للأفضل وأن تعرف البلاد نهضة حقيقية وتطور كبير في مختلف المناحي بالشكل الذي يحدث تغيير إيجابي في كل أوجه الحياة.
* ومع التأمين على أن الرهان يبقي كبيرا على حكومة (الكفاءات) المنتظرة لتقوم بعمل كبير على أمل أن تحظي بتعاون تام وكامل من المجلس السيادي، إلا أن النقطة الجوهرية التي ينبغي أن يعيها الجميع أن التغيير الحقيقي والفعلي يصنعه الشعب بأجمعه وأنني كاتب هذه الحروف وأنت أيها القارئ سواء من النسخة الورقية للصحيفة أو عبر الأسافير وكل فرد في هذا الوطن معني بالمساهمة في رحلة التغيير سواء في السلوك العام أو الشخصي وكل في مجاله معني بلعب دور لتغيير أوضاع البلاد للأفضل وأكبر خطأ بالنسبة لي الإعتقاد أن الثورة وبإتفاق فجر الجمعة قد نجحت وأتت أكلها لأن ثمار الثورة الحقيقية في حدوث نهضة كبيرة بالسودان تطال كل المجالات وكل أوجه الحياة وهو عمل تتكامل فيه الأدوار بين الحكومة والشعب بل وتتعاظم أدوار الشعب المعني بتغيير الكثير من المفاهيم والسلوك العام ليشمل التغيير كل الجوانب.
* من تلك الزاوية، انتظرت شخصيا مباراة القمة أمس الأول وكنت أمني النفس بمظهر مختلف من كل الجوانب عما أعتدناه على مر العقود الفائتة في مباريات الديربي، وبقدر ما أسعدتني رؤية أعلام السودان تنتشر بشكل كبير في المدرجات في إشارة جديدة لأن واحدة من أكبر مكاسب الثورة هي إحياء الروح الوطنية في نفوس الجميع، وبقدر ما أسعدني الهتاف الجماعي لجماهير المريخ والهلال (مدنية مدنية) قبل بداية المباراة.. إلا أن بعض السلوكيات التي شهدتها المواجهة من حصب للملعب بالحجارة من جماهير الفريقين على فترات متفرقة من المباراة، واحتجاجات غير لائقة من بعض لاعبي الفريقين على الحكم، ورفض لاعبي الهلال تسلم الميداليات الفضية بعد نهاية اللقاء، كلها سلوكيات تؤكد أننا بحاجة لعمل كبير لرفع درجة الوعي ولإطلاق حملة تغيير مفاهيم وسلوكيات في الملاعب الرياضية لأن هذا العمل بكل تأكيد ليس مسئولية الحكومة لكنه دور ينبغي أن يلعبه الإعلام من ناحية وأن يلعبه كل فرد مع نفسه من أخري لنقدم صورة مختلفة لكرة القدم السودانية والمسئولية هنا تقع على عاتق الإداري والمدرب واللاعب والحكم والإعلامي والمشجع دون استثناء.
* الثورة ومنذ اليوم الأول لإنطلاقتها رفعت شعار (سلمية سلمية) وتمسكت به في كل مراحلها رغم القمع والعنف الذي قوبلت به لكن كل ما حدث لم يقود الثوار للتخلي عن سلميتهم حتى ظلت (سلمية) الثورة السودانية حديث العالم، ومن المؤكد أن غالبية الشعب السوداني شارك في الثورة ودعمها أي كان شكل ونوع الدعم، لذا فإننا وإعتبارا من فجر الجمعة دخلنا عهد ومرحلة جديدة نحتاج من خلالها أن نستلهم روح الثورة ومبادئها في كل خطوة نخطوها وأن نطبق شعارتها ونعمل على تحقيق أهدافها في كل مكان نتواجد فيه وفي كل زمان وملاعب كرة القدم وساحاتها وملاعب الرياضة وساحتها بلا شك ليست استثناء، لذا من الضروري أن نطلق في الوسط الرياضي حملة لتغيير كل المظاهر والممارسات السالبة التي ظلت تعيق تطور كرتنا ورياضتنا سواء كانت تلك الممارسات إعلامية أو جماهيرية أو إدارية أو فنية أو تحكيمية وأن يجتهد كل فرد في المنظومة ليقدم نفسه بشكل مختلف ويمارس عمله بشكل مختلف وأن يجتهد كل منا لفعل الصحيح والموجب وأن يضع كل منا صورة السودان أمامه قبل أن يقدم على كل خطوة وكل تصرف وكل عمل يرغب في تأديته وأن يفكر إن كان هذا العمل سيقدم صورة جيدة عن السودان أم لا، وأن يبحث عما يحتاجه السودان للتطور في هذا المجال ويبدأ فوراً بنفسه دون إنتظار التغيير من الآخريين ودون إنتظار ما ستفعله الحكومة لأن الشعب وبمثلما أثبت قدرته على تغيير الأنظمة مهما بلغ طغيانها وجبروتها فهو قادر على تغيير حياته متى ما أمن بذلك ومتى ما أدرك أن التغيير مسئولية الجميع.
* مبروك المريخ .. هاردلك الهلال وبالتوفيق للكرة السودانية.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد