صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

رسالة في بريدي أين وزير العدل

16

افياء

ايمن كبوش

# لم نخرج من الموضوع بعد.. مازلنا فيه بين مهاتفات كثيرة ورسائل مثيرة وايضاحات.. واجترار محمود نستعيد به ما كنا فيه.. والى ما انتهينا عليه.. محدثي يحدثني عن هيبة القضاء التي فقدناها عندما فتح القضاة حياتهم الشخصية على عامة الناس.. نحن لم نطالبهم بذلك من باب الترفع او اعتزال الناس ولكن ذلك الانطواء كان يمثل لهم حصانة وابتعاد من الاهواء الشخصية وتأثيرها على العدالة.. في زمان مضى كان القضاة يخالطون رصفائهم في منظومة العمل العدلي.. يتجمعون في ناد واحد مع وكلاء النيابات وضباط المجالس عندما كان للمجالس ضباطا.. يتسامرون بذكرياتهم ويراجعون مسيرتهم المهنية.. ثم ينفض سامرهم الى النوم وفي الصباح الباكر يزرعون مكاتب الدولة بالنشاط والهمة تصريفا لمصالح العباد.. كانوا في هذه الرحلة اليومية الى ان دخل عليهم سوس الانقاذ فدخل بعض القضاة الى سوق الله اكبر.. يبيعون الحديد في السجانة ويشترون الاسمنت بالاجل.. ويرتادون منصات رجال الاعمال والمال ويكتبون الشيكات الطائرة ويبنون العمارات.. باتوا يعرفون فقه الشاطر يأكلها والعة.. لذلك ذهب العدل ولم يعد..

# قال لي: النظام القضائي في السودان على مر الحقب والسنوات.. كان.. ولازال.. نظاماً مهنياً محكماً يراعي به المشتغلون فيه مخافة الله ومحبة الوطن ونوبة صحيان الضمير الحي.. هؤلاء القضاة ليسوا من كوكب آخر.. بل هم من صلب هذا المجتمع المتكافل.. ومن وسط حراكه اليومي.. بأفراحه واتراحه وصباحاته ولياليه وسمره العفوي الجميل..
# ومن صلب هذا المجتمع المنفتح على أكثر من نفاج وكوة حب وضوء.. يأتي وكلاء النيابات بشبابهم الزاهر.. ثم يأتي رجال الشرطة بكل العراقة والاصالة والتجربة العتيقة.. لتكتمل الدائرة العدلية في تطور مضطرد يواكب ما يحدث في العالم وما يرسخ من تجارب ثرة.. ولكن والشهادة لله.. ان العدل الذي عايشناه في السودان قديما ظل مبسوطاً ومنداحاً حتى في (محاكم العمد).. و(محاكم العمد) لمن لا يعرفونها من (جيل باربي والمشروبات الغازية والبوكومونات والصبة والسستم).. نقول انها محاكم شعبية او اهلية ينعقد اختصاصها في فض المنازعات البسيطة كما تفصل في المشاجرات وخلافها.. تتكون هذه المحاكم من ثلاث قضاة في الغالب يمثلون عصارة تجارب ضباط وضباط صف القوات المسلحة والشرطة واعيان البلد وادارتها الاهلية.. كانوا يعرفون الخصوم الذين يمثلون امامهم معرفة شخصية وحقة وبعضهم لهم بهم صلات دم او جيرة.. ولكن لم يكن يظلم عندهم احدا.. أتدرون لماذا؟.. لانهم يعرفون بفطرتهم السليمة ان الديان لا يموت.
# انتهى ما قاله لي السوداني القديم .. وبدوري اقول بان الوقوف الطويل على اطلال الماضي لن ينقلنا الى عتبات الماضي يعود الان.. ولكن يكفينا ان نمارس دورنا في الطرق على هذه الابواب العصية ونقول لانفسنا ينبغي ان نراعي في كل عمل نعمله الله والوطن والضمير فنترك انحيازنا السافر لمصلحتنا الخاصة.. اما البقاء في محطة بكرة وامس فلن يعيد الجنوب الى حضن الشمال ولن يحيي مشروع الجزيرة بالامنيات ولن يعيد الجنيه السوداني بأربعة دولارات… اطردوا الأمنيات وتحركوا إلى الأمام في كل المجالات على أن نترك ما لقيصر لقيصر.. وما لله.. لله.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد