صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

صناديق ستات الشاي أم صندوق دعم المبدعين..؟!

38

افياء

ايمن كبوش

صناديق ستات الشاي أم صندوق دعم المبدعين..؟!

# من تجليات النظام السابق، أو قولوا “وهماته” الكبيرة، أنه كان بارعاً في صناعة الواجهات التي تشبه من يطلق الكذبة ثم يكون أول من يصدقها.. مثل إنشاء الصناديق الخاصة التي في ظاهرها إقالة عثرات الكرام وجبر خواطرهم.. وفي باطنها “اللغف” والهمبتة والمتاجرة بمعاناة أولئك الذين ظلموا أنفسهم وجارت عليهم الحياة.. منهم المبدعون الذين أقامت لهم الإنقاذ صندوقاً باسمهم فلم يروا منه غير زيارات “الظروف الفاضية” وعمم المسؤولين المزركشة و”شوية كلام” عن بطاقة التأمين الصحي والعلاج المجاني.. أو كما فعل وزير الصحة السابق د. مأمون حميدة مع أحد أغنياء التعفف، أظنه نصر الدين عباس جكسا.. لاعب الهلال الشهير.
# أنشأت الإنقاذ صندوق دعم الشريعة.. وصندوق دعم الأنشطة الرياضية وصندوق دعم الأسر الفقيرة وصندوق دعم الأكاذيب وصندوق دعم المبدعين.. ولكن للأسف هذه كلها صناديق “هايفة” يستطيع صندوق واحد لـ”ستات شاي” في “قندهار” أن يبتلعها جميعها في قيمته وجدواه ونفعه على المشاركات والمشاركين فيه، بينما تنشئ الحكومة صندوقاً لدعم المبدعين ولا يعرف مديره أنهم يسكنون في أطراف المدينة.. وسط الظلام والحطام والهوام.. بينما احتل الجوكية وأبطال الزمن السفيه وسطها وصعدوا منابرها.. لذلك لا غرو في أن يشكو الفنان “أبوعبيدة حسن” من جور الزمان.. فقد سبقه كثيرون على هذا الدرب.. ولم ينالوا من حطام الدنيا إلا الذكرى الطيبة.
# هذا الكلام الموجع، عن المبدعين، يذكرني ذلك الضوء المسموع “عمر الطيب الدوش”.. لا أخفي أن إعجاباً من نوع خاص يشدني لهذا النحيل المستحيل ويجرني جراً إلى محراب عاشق سعاد… وبناديها.. والساقية.. كان صديقاً للمطحونين والغلابة لأنه منهم… بل كان من القلة النادرة التي أعطت كثيراً ولم تستبق شيئاً.. ولكن لم يأخذ شيئاً ذا قيمة من الدنيا فغادرها كما أتى إليها قانعاً مثله وكل الأشياء النادرة التي ترحل خلسة حين تخجل من قدر البقاء الطويل.. تتسرب من بين الأنامل وكأنها حبات مسبحة صوفية انفرطت حبات عقدها…
# رحل عمر الطيب الدوش ولم تشيعه إلا تلويحات النبلاء من أهل قضيته “القصيدة”… صالح ود قنعا … طه المدرس ود خدوم… والعمدة وفي الخاطر شيء من حتى:
تفضل يا خفيف الظل
رش جرجيرك البائت
وكوم صبرك الفضل
أهو البتبيعو دون أوزان
بدون أتمان ..
تشد تركب قفا الأيام
زهج خيلك يلد تيمان
أهي الطاحونة يا صالح
وهو السوق الصبح ألغام
# إنها دراسة بسيطة في الحياة التي يعيشها الناس على الضفاف النائية… إنها الدراما الاجتماعية التي يفرضها الواقع على الشعب السوداني بهذا السوق المطلوق والحلول العدم.. البعض في سوق الله أكبر يزايدون علينا وأكثرية منهم وفيهم حين اختلت لديهم موازين التمييز بين الحلال والحرام والأمور المشتبهات أشهروا سلاح الشاطر يأكلها ولعة والسوق عاوز كده … إن فقه الشطارة والفهلوة هو السيد هنا.. لقد تمدد البعض في الأباطيل إلى أن تيقظهم الطبول العاصفة التي تدق نوبتها الشيكات الطائرة ودعوات المظلومين.
# إن الشعب الذي ينسى أبو عبيدة حسن في حاجة لوقفة أكبر من مهرجانات الشو.. وقفة جادة تتجاوز تلك الصناديق الوهمية وتدوس على الوجع الحقيقي لكي تختفي تلك الدمعة التي سألت على خد المغني و… “والله ما رضيناها ليك.. تمسح الدمعات عينيك”.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد