صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

طبيعي جدا

30

على صفيح ساخن

نادر التوم

طبيعي جدا ما دام أن البصلة صارت بعشرة جنيهات
و البيضة بسبعة جنيهات نية و عشرة مسلوقة لتصبح عبارة سلَّاق بيض تعني الكثير بعد أن كانت تعني (لا شئ)
و ليصبح الانسان الذي لا يسوى بصلة انسانا خطراً لأنَّ الإنسان العادي صار لا يستطيع أن يشري بصلة
طبيعي جدا أن يحدث هذا إذا كان سعر رطل اللبن 22 جنيها و 25 (في السوق الموازي)
و يحوله البائعون (الشفاتة) لروب أو ما يعرف (بالزبادي) لأنه يباع بثلاثين جنيهاً في ظل بيعه ب45 جنيها من الذين أسهموا في ارتفاع أسعار الألبان و تمدَّدوا بسبب الحكومة السابقة التي أعطتهم إمتيازات واسعة ليسهِّلوا على الناس لكنهم صعَّبوها عليهم و استسهلوا الرزق السريع فتزيد بضائعهم كل يوم من دقيق و غيره ..
طبيعي و سعر الرغيفة جنيهين لأنَّ الوزن الحالي هو نصف وزن الرغيفة (البنعرفها) و مع هذا تباع في بعض المدن و الولايات بجنيهين، و لا يكفي الطفل الصغير 5 قطع منها ليسد رمقه إذ أنها تتكرفس و تتلاشى مثل حلاوة قطن و تذوب مثل فص الملح في الماء
و الماء (المسيخ) وصلت قارورته إلى 12 جنيها و النيل الحياة جاري (حوالينا) أما المياه الغازية فهي مياه (الغازية) و لغز يحتاج لحل كل يوم في زيادة و احيانا تنقص العبوة و يزيد السعر و الناس عطشانة و مافي حل لا سيما مع قطوعات الكهرباء (مقرونة) و مصحوبة بقطوعات المياه.
طبيعي و حبة البسكويت و حبة الطعمية بجنيه .. و أكثر
(عيشة صغيرة) ،زلابيا ،طعمية، ليمونة ،بسكويتة و غيرها من (سفاسف) الأمور بجنيه ما يعطي إشارة واضحة أنَّ جنيهنا (زول ما ليهو قيمة)
طبيعي (خالص) إذا كان الذين يبيعون اللحمة لا يستطيعون شراءها فما بالك بالذين يسمعون هتافات أسعارها بمكبرات الصوت؟
يهتف البائع كيلو ضان 500 بالميكرفون و فرحان معتقداً أنَّ هذا سعر (كويس)
و بدل أن ناكل لحمتكم أكلتم أنتم لحمنا، إذ صرنا نشتري اللحمة مع الفواكه مع كل مرتب(هذا لو تركت المواصلات أصلاً شيئاً من المرتب) أو شيئا من (حتة)
وصارت مخلفات الذبائح تباع بأثمان باهظة بعد أن تهافت الناس عليها و انتشرت ثقافة المس كول (نص الربع) بكثافة.
و الموزفاكهة الفقراء يزداد سعره حتى وصل 60 جنيها للكيلو في بعض الأماكن و لو رخص يرتفع أكثر مثل الدولار
أما بقية الفواكه و الخضروات فحدِّث و لا حرج و هي مثل العملات الأجنبية نسمع باسعأرها فقط و لا نراها
دعكم من كل هذا و لننظر لطلب الفول (المصري دا)، صار بخمسين جنيه و لم يعد حبيب الشعب و لا حبيب العدلي، و الغريب أنه رغم ارتفاعه صار كله مقشِّر و كعب، لذلك صارت المستشفيات الخاصة و التي كانت تعطي للمريض و المرافق وجبات دسمة تقتصر الآن على طلب الفول، ربما لتجفيف و تخفيض عمالة خبراء التغذية العلاجية فلا غذاء و لا علاج ، وربما لغلائه فهي تظن أنه بغلاته يضوقهم حلاته، الغريب أنها تستلم ملايين الجنيهات لاجراء العمليات و مبيت ليلة واحدة بخمس و عشرة ملايين (التقول كورنثيا ولاَّ السلام روتانا)
طلب البليلة (العدسية) بخمسين جنيها ببصل، و ثلاثين (خالي بصل) بعد أن كان أكثر حاجة تُكب فيها.
ساندوتش الطعمية (فلافل فلافل) 20 جنيها (عيشة واحدة فقط)
الكوارع (الحفيانة دي)إرتفعت لثمانين و تسعين جنيهو حسب خبراء فهي ستصل لتمام المائة (مثل الدولار)
طبيعي جداً ازاء كل ذلك أن يموت 1200 طفل يوميا حسب الاحصاءات ( ممكن يكون أكثر) بسبب سوء التغذية
و مع هذا حمدوك ووزير ماليته و مجلس سيادته بمدنيه و عسكرييه يهرول للخارج و يبحث عن السلام و عن الدعومات و رفع العقوبات و توقيع سيداو و حقوق المراة، و لجان المقاومة تغلق المستشفيات و لا تحاسب تاجراً ولا صاحب مخبز على غلاء سلع الأسعار الاساسية و لا يعلمون (جميعهم) أنَّ الله سبحانه و تعالى ذكر الاطعام من جوع قبل الأمن من الخوف في سورة قريش
و لنتساءل: كم عدد أطفال السودان أصلا؟
لنفترض أنَّ بالسودان من مجمل سكانه ال 45 مليون 7 مليون طفل (مثلاً)
إذا كان يموت منهم في اليوم 1200 فهذا يعني أن 36 الف يموتون في الشهر ، 432 الف في السنة، أي اننا و خلال بضع سنولت سنفقدهم كلهم و لن يكون هناك تعويض لفقدهم في ظل الظروف التي ذكرناها في بداية المقال
هؤلاء فقط يموتون بسبب سوء التغذية، فما بالك بالذين يموتون بالمرض و الحر و البرد و الأمطار و السيول و السلسيون و المخدرات؟
ذنب كل هؤلاء على حكومة المقلوع عمر البشير، و سيكون ذنبهم على هذه الحكومة إن لم تسعَ لمعالجة هذه المشكلة و توفير الغذاء لهم بالشحدة او الانتاج حسب ما هو متوفر.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد