صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

كاردينال مين يا ود الأمين!!

638

 تأمُلات

كمال الهِدي

كاردينال مين يا ود الأمين!!

 

رفعت حاجب الدهشة وأنا أطالع مقالاً للزميل محمد الأمين نور الدائم بعنوان ” الأكذوبة التي عاشها الكثيرون”.
أراد الكاتب أن يودع (المُدان) الذي صار (الأخ أشرف الكاردينال) ومن حقه أن يفعل ذلك.
رغب محمد في شكر الكاردينال على فترة رئاسته، وهذا هذا أيضاً من حقه.
لكن ما ليس من حقه هو أن يحاول جرنا إلى مربع ليس مربعنا.
فقد حدثنا في المقال عن أكذوبة صدقها الجميع، رأى أنها ستقود الهلال إلى وضع مظلم إدارياً خلال الأيام المقبلة وزعم أنه سيبدأ بنفسه بإعتبار أن النفس أمارة بالسوء، مشيراً إلى أنه أحد الذين ساهموا في هذا الأمر، وهنا تكمن المشكلة.
أكثر ما ظل يستفزني في صحافتنا الرياضية وأعمدة رأيها أن جل كُتاب هذه الأعمدة يريدون أن يسوقوا جماهير أنديتنا معهم كالبهائم إلى الوجهة التي يريدون.
ليس هناك مشكلة في أن يغير محمد رأيه ويتحول من معارض شرس للكاردينال وفاطمة والرشيد إلى حبيب لهم، فهذا أمر ليس مستغرباً إطلاقاً في صحافتنا الرياضية.
لكن المشكلة، بل الأزمة الحقيقية هي الإصرار على جرنا معهم كأهلة أو مريخاب للوجهة التي يجدون فيها راحتهم.
بدا محمد نور الدائم كمن يقدم إعترافاً بأخطاء الماضي، وهذا ما دفعني لإكمال المقال بهدوء وتروِ، لكنني للأسف وجدت إعترافه ناقصاً.
فالمرء حين يبدأ إعترافاً بالأخطاء من أجل مصلحة عامة يجب أن يُكمل هذه الإعترافات.
والواقع يقول يا محمد أنك ما زلت تساهم في الواقع الهلالي السيء ولم تتوقف هذه المساهمة كما زعمت.
أراك مثلما كنت تعارض الكاردينال بكل قوة وبإفراط في إستخدام العبارات القاسية، قد تحولت لجانب آخر وبدأت التشكيك في آخرين حتى قبل أن تتضح الأمور جيداً.
فمحاولات العضوية الراشدة التي أعرفها، ليست خجولة كما ذكرت في مقالك.
هناك شباب حركتهم الغيرة على هلالهم فأجتهدوا بكل ما يملكون من أجل تغيير هذا الواقع المرير الذي عانينا منه لسنوات طويلة بسبب زملاء المهنة الذين تخلوا عن مهنيتهم وصاروا تُبعاً للإداريين ورجال المال.
وإن نجحت مساعي هؤلاء الشباب علينا جميعاً أن نرفع لهم القبعات.
إما إن أصر غالبية الأهلة على سلبيتهم وانتظروا نجاحات مفترضة لبعض رجال المال الذين يستعينون ببعض الأقلام الرخيصة لكي تشكل لهم جدران صدِ، فسينال هؤلاء الشباب أجر المحاولة.
مفردة (خجولة) مجحفة جداً في حق هؤلاء الشباب.
فهم يجتهدون من أجل تغيير لا تدعمهم فيه الصحافة الهلالية التي لو كانت مصالح الكيان تهمها حقيقة لأطلقت مثل لمثل هذه المبادرة منذ عشرات السنين.
هذا هو حال صحافتنا الرياضية.
اليوم أنا ضد الكاردينال فأحاول توظيف أقسى العبارات وأفرط في عدائي له، بغرض التسريع باليوم الذي أتحول فيه لمعسكره.
وحين يتحقق هذا التحول أصبح من أشد المؤيدين له ولا أرى فيه غير الجمال وجليل الأعمال.
المساهمة السلبية تتوقف حين نُغلب مصلحة الكيان.
لكن من واقع ما طالعناه لا أستبعد أن تسن قلمك لتكتب مثل الذي كنت تكتبه أيام معارضتك للكاردينال في اليوم الذي يشغل فيه المنصب رجل آخرحتى قبل أن تتبين محاسنه من مساوئه.
قلت في مقالك أن الكاردينال لم يأت بجديد على صعيد العضوية المستجلبة، وهذا صحيح فقد تعود كبار الصحفيين على إغراء رجال المال وأبدوا الإستعداد دوماً لتزويدهم بهذه العضويات المستجلبة، وهو أمر مخجل ومسيء للمهنة.
لكنه، أي الكاردينال أتى بالجديد حقيقة على صعيد العمل الإداري والركون لفئة محدودة من الصحفيين.
الكاردينال أتى بالجديد (لنج) على صعيد استغلال إسم الهلال بشكل مقزز للغاية وقد كنت أنت نفسك مثلنا تماماً تشمئز من ذلك..
وإلا فحدثنا عن رئيس سابق وضع صوره على مداخل منشآت النادي!
حدثنا عن رئيس سابق وظف بعض مطربي ومطربات الغفلة لكي يتغنوا بإسمه ويتباروا في مديحه بإغنيات تبثها القناة التي تحمل إسم الهلال على مدار الساعة!!
حدثنا عن رئيس وقف أمام إرادة جميع الأهلة وأصر على مستشارة أساءت لكل شعب السودان وشتمت كل بيت سوداني.
وبما أنك سوداني مثلنا فلابد أن شتائمها قد مست بيتك أيضاً.
كلامك عن الوضع الفني لفريق الكرة أيضاً لم يكن دقيقاً.
فبخلاف الطيب عبد الله وعبد المجيد منصور (رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح الجنان) الذين أوصلا الهلال لنهائي البطولة الأفريقية، هناك أيضاً صلاح إدريس.
وبالرغم من اختلافي مع أساليب إدارة صلاح للنادي لكنه أوصل الهلال أيضاً لمراحل متقدمة في البطولة في مواسم عديدة.
وهذا ما لم يتحقق في عهد الكاردينال ولا أظنه سوف يتحقق إن بقي الرجل في منصبه لعشر سنوات قادمات.
أما الحديث عن تفرد الكاردينال بوضع بصمته في البنية التحتية للنادي ففيه تضليل شديد.
أولاً مع التطورات التي تشهدها حياة البشر لابد أن يقوم كل رئيس في فترته بأعمال تختلف عمن سبقه.
ولا يمكنك أن تتجاوز حقيقة أن الكاردينال ومن يحيطون به كانوا (ناس سُلطة) وقد استفاد الرجل من علاقاته مع النافذين في حكومة (الساقط) البشير وأشقائه لذلك لا يستهويني شخصياً أي كلام حول توفيره للمال بغرض بناء المنشآت.
وما أستغربه حقيقة هو أنك كنت أحد أكبر المشككين في كل ذلك، فكيف تريد أن تقنعنا الآن بأنها مجرد مراجعة للنفس!!
لا تقل لنا أنك غلبت مصلحة الكيان.
فقد كنت تصف الرجل بـ ( المُدان) وفاطمة بـ (بت الناظرة) ولم يحدث أن قرأت لك مقالاً ذكرت فيه إسميهما طوال فترة معارضتك له.
فأين كانت مصلحة الكيان وقتذاك!!
وما العلاقة بين معارضتنا لرئيس أو المحيطين به وبين مثل هذه المفردات القاسية!!
ما أستغربه حقيقة، وقد ذكرت ذلك مراراً هو (دناءة) رجال المال الذين يتولون أمر أنديتنا، حيث لا أستطيع أن أفهم كيف لشخص مثل الكاردينال أو غيره أن يقبل في معسكره بمن كانوا يسيئون له بهذا الشكل.
هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشكل – بالنسبة لي على الأقل – أن الأمر غير مرتبط بمصالح كياناتنا إطلاقاً.
فهذه الفئة من رجال المال يريدون (تكبير الكوم) بأي شكل.
ليس هناك نكراناً ولا حجوداً للكاردينال كما ذكرت في مقالك، بل كل ما في الأمر أنه أتى بما لم يسبقه عليه أحد كما أسلفت.
ويكفي أنه إصطفى فاطمة والرشيد ومعتصم فقط في أول أيامه قبل أن يخرج الأخير من الدائر الضيقة، ليترككم ( الكاردينال) جميعاً توظفون أشد عبارات النقد والسب قساوة ربما من أجل لفت النظر في نفوس بعضكم.
إنحطاط بعض الإداريين من إنحطاط الصحفيين للأسف، فهم من يدفعون بعض رجال المال الطامعين في الشهرة والصيت لمثل هذه الممارسات.
رجل مثل الكاردينال أستطيع أن أقسم على أنه عندما دخل هذا الوسط لم يكن يعلم عنه شيئاً، لكنه وجد من زينوا له المساويء وساعدوه في فرض نفسه على الأهلة وجعلوا منه العاشق الولهان للأزرق.
صحيح أن هذا النهج متوارث في صحافتنا الرياضية غير الراشدة ولا النزيهة لكننا لن نشكره على المحافظة على السوء.
هذا فهم أستغربه تماماً من كاتب رأي.
فمن يجد وضعاً سيئاً عليه أن يبدله للأفضل، هذا لو كان يعشق المؤسسة التي انتمى له فعلاً.
أما أن يبقي على الوضع السيء، فهذا ما يستوجب نقده ومعارضته لا الثناء عليه.
قلتها أيضاً مراراً وتكراراً أن هذا النادي العريق ليس فأراً للتجارب ليتولى كل من هب ودب رئاسته ويفعل خلال فترته ما يحلو له وكمان في النهاية نجد أنفسنا مطالبين بشكره على المحافظة على هذا السوء!
ليس صحيحاً أن تسارع التكنولوجيا هو السبب في كثرة النقد الموجه للكاردينال وتصويره كمن فرق شمل الأهلة.
فهو من فرق شمل الأهلة حقيقة.
فقد بدأ بثلاثة صحفيين موالين صارا إثنين وجعل الكثير من كتاب الهلال بين ناقد جاد من أجل تصحيح الأوضاع وآخر لاهث وراء كسب الود.
فكيف تكون الفِرقة في نظرك!!
أما الذين (نفروا) بجلدهم من الإداريين السابقين وأبناء الهلال فأنت سيد العارفين بمن تسببوا في فرارهم.
فقد سعى الرشيد وفاطمة دائماً لإحكام سيطرتهما على الكاردينال وخلقا له عداوات مع كل من سبقوه في الهلال.
ولو كان الرجل يريد الخير للهلال والأهلة لعرف كيف يمنع ذلك.
لكنه لم يفعل، بل سعد فيما يبدو بأن يُساء لكل من ترأس النادي قبله حتى يظهر وكأنه فريد زمانه لأن ذلك يرضي الكثير من الغرور لديه.
لن ينصلح الحال في الهلال، ليس لأن الكاردينال عانى من جحود ونكران، بل لأن صحافتنا الرياضية مستمرة في الإستثمار في الجهل والعاطفة وسذاجة البعض.
لن يتغير هذا الحال ما لم يتحرك كل هلالي واعِ ومستنير للعب دوره وتحجيم هذه الصحافة الهدامة التي لا يعرف جُل رجالها غير مصالحهم الشخصية.
لن يعود هلالنا كما نشتهي إلا عندما تتحرك هذه الجماهير المليونية بإتجاه الفعل بدلاً من الإكتفاء المخجل بالصراخ والعويل وندب الحظ العاثر.
فالتغيير يبدأ من أنفسنا، إلا أن المؤسف أن غالبية الأهلة يضيعون وقتاً ثميناً في القروبات والمناقشات والجدال وتبادل القفشات، لكنهم غير مستعدين لتخصيص القليل من وقتهم للعمل الجاد.
لو فعل الأهلة بمختلف فئاتهم الوظيفية ربع ما يقوم به الشباب الذين قادوا مبادرة العضوية الراشدة لتغير حال الهلال منذ عشرات السنين.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد