صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

“كلكم كيزان”

23

خارطة الطريق
ناصر بابكر

* المشهد الذي يحدث في الساحة الكروية حالياً عبارة عن تراجيديا تجسد درجة الفوضى والعشوائية التي خلفها النظام البائد التي تحتاج لعمل يستمر لسنوات وسنوات لكنس آثارها وصياغة واقع جديد يكون فيه بارقة أمل للتطور والنهوض باللعبة الشعبية التي تأذت أيما أذى من تدخلات المؤتمر الوطني في كل صغيرة وكبيرة، وسياسة التمكين التي طالت مؤسساتها من اتحادات وأندية حينما كانت جل إن لم يكن كل انتخابات تدار من مطابخ دائرة الرياضة لأمانة شباب المؤتمر الوطني التي كانت تفرض كلمتها على وزراء الرياضة أنفسهم لتحديد مصير مجالس الإدارات المختلفة، وتفعل ما يحلو لها، والنتيجة تدمير تام وشلل كلي أصاب مفاصل الرياضة.
* الحقيقة التي لا يختلف حولها اثنان أن اتحاد كرة القدم الحالي جاء محمولاً على ظهر أمانة شباب المؤتمر الوطني شأنه شأن الاتحاد السابق والذي سبقه، لكن محاولة الأندية حالياً امتطاء قطار الثورة ورفع لوائها وشعاراتها لا يعدو سوي متاجرة بالثورة، لأن الأندية نفسها لم تكن استثناء من سيطرة المؤتمر الوطني الذي كان يتدخل في كل صغيرة وكبيرة وفي شئون كل الأندية بلا استثناء، وبالتالي لو كانت القضية الأساسية قضية جهة أو مؤسسة كانت مدعومة من النظام السابق فإن الأندية والاتحاد كلها في (الهم شرق) ويمكن للاتحاد ببساطة أن يرد على الأندية في تلك الجزئية بمقولة (لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك)، وبالتالي من مصلحة الجميع التركيز على القضية الرياضية وإبعادها بعيداً عن أي أجندة، وبعيداً عن متاجرة رخيصة ستخصم من الأندية ولن تضيف لها مع التأكيد أن ملف تطهير الوسط الرياضي ممن دخلوه محمولين على أكتاف المؤتمر الوطني متى ما تم فتحه فإن عدداً ضخماً من الإداريين في الاتحادات والأندية سيجدون أنفسهم في قارعة الطريق، وسيتم إبعادهم عن المشهد الرياضي لأنهم ببساطة شديدة لا يملكون مؤهلات تسمح لهم بالتواجد فيه.
* وبالعودة للأزمة الرياضية، فإن قضية الأندية ومشكلتها الأساسية من وجهة نظري هي (مشكلة اقتصادية) وحتى التلويح بالوضع الأمني ما هي إلا دعوة حق يراد بها باطل، إذ يبدو منطقياً الحديث عن عدم إقامة أي نشاط ما لم يكن هنالك ضمانات كافية بتوافر الأمن وأداء الجهات الأمنية لعملها، وهنا لا بد من التنويه لأنه من الغريب والغريب جداً أن يعلن الاتحاد في وقت سابق استئناف النشاط مبرزاً موافقة لجنة الأمن بولاية الخرطوم على تأمين المباريات، وكأن الحديث عن (الدوري المحلي) وليس (الدوري الممتاز) الذي يتطلب ضمانات بتوفر الأمن في كل الولايات وليس العاصمة فحسب، مع قناعتي أن الأندية تستغل تلك النقطة لخدمة هدفها في إلغاء الدوري الذي يعود بالأساس لمشاكل اقتصادية طاحنة تواجهها مختلف الإدارات وهو ما يعود بنا لنقطة علاقة تلك الأندية بالنظام البائد الذي كان يدعمها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ويتحكم في من يتولون قيادة مجالسها، وهو ما جعل أغلب المجالس في مهب الريح، وجعلها في وضع لا تحسد عليه بعد سقوط النظام البائد، وبالتالي تهديدها المبطن والمعلن للاتحاد ومعايرته بدور المؤتمر الوطني في وصوله للحكم يرتد عليها.
* وهنا لا بد من التأكيد على أن اتحاد الكرة يتحمل نصيباً كبيراً من المسئولية والتنويه إلى أنه أسهم في منح الأندية المبرر لرفض إكمال الموسم بتعامله بلا مبالاة مع ملف التسويق والبث والرعاية وعدم منح الأندية أنصبتها مع العلم أن تلك الأنصبة نفسها لا تغطي ولو20% من حاجة الأندية، لكنها في نهاية المطاف حقوق كان يفترض أن تحصل عليها على الأقل حتى لا تجد ذريعة كافية لتنفيذ مخططها بإلغاء الموسم، سيما وأن هنالك دوافع خاصة غير القضايا الاقتصادية المشتركة، فأندية (التحدي) تسعى لضمان التواجد لموسم إضافي بالممتاز والهروب من خطر الهبوط دون أن تلعب وإلغاء الموسم يحقق لها هدفها ذاك، ومجالس طرفي القمة يسعيان للهروب من المشاكل التي تحيط بهما إحاطة السوار بالمعصم بعد سقوط النظام البائد، وهي المشاكل التي يمكن أن تضع المجلسين في مواجهة احتجاجات جماهيرية حال استئناف النشاط، وبالتالي لا يبدو غريباً أن يقود المجلسين حراك إلغاء الموسم.
* رئيس اتحاد الكرة د.كمال شداد يتحمل نصيباً من المسئولية في إطالة أمد الأزمة بإصراره على رفض مقابلة ممثلي الأندية أكثر من مرة رغم أن إدارة ملف هذه الأزمة كان يتطلب قدراً من الحكمة والمرونة والتعامل بروح القانون بدلاً عن التمسك بتفاصيل التفاصيل حتى يتم التوصل لحلول سيما وأن الاتحاد نفسه كما أشرت شريك في التقصير لأنه لم يمنح الأندية حقوقها، دون أن ننسى فوضى لجنة المسابقات وعشوائيتها ولا مبالاتها وتأجيلاتها وتعديلاتها التي لا تحصى والتي عقدت من مهمة إكمال الموسم ووضعته تحت رحمة مهلة من الكاف سابقا قبل أن تضعه تحت رحمة تمرد الأندية حالياً، وقناعتي أن لجنة المسابقات من جهة ولجنة التسويق والبث من أخرى تتحملان نصيب الأسد من الأزمة الحالية دون إغفال الخيوط المتشابكة مع النظام البائد الذي كان يتدخل في مسائل الرعاية والبث والنتيجة هي ما يحدث حالياً.
* قناعتي بشأن القضية نفسها ذكرتها من قبل وأوضحت أنني ضد إلغاء الموسم ومع إكماله بأي طريقة كانت لأن الكل بلا استثناء سيدفع ثمناً باهظاً حال إلغائه بما فيها الأندية التي تعاني قصر نظر لا يمكنها الرؤية أبعد من تحت أقدامها، ويصور لها أن إلغاء الموسم حل لمشاكلها وهي لا تعلم أنه هروب من المشاكل، وليس حلاً، لكنها عادة الإدارات التي لا تستجيب النصح إلا ضحى الكارثة.
* لم تسقط بعد.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد