صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

كوارتي .. الفقد العجيب

561

راي رياضي
ابراهيم عوض
كوارتي .. الفقد العجيب
عجيب بكل ما تحمل الكلمة من معني.. عجيب في تعامله.. عجيب في لطفه ووده، .عجيب في كرمه وسخائه .. عجيب في حبه للهلال ولكل منتم لهذا الكيان.. وعجيب حتى عندما يختلف مع الآخرين.
رحل محمد حمزة الكوارتي، رحل وترك خلفه حسرة والما ووجعا ، ليس في نفوس افراد اسرته وعائلته فقط، بل وفي نفس كل من عرفه وعاشره أو سمع عنه.
كوراتي .. تاريخ حافل وعطاء باذخ مع الأزرق، مسيرة تجاوزت الـ 40 عاما، كان فيها نجما ساطعا ، وعنصرا فاعلا في اغلب الانجازات التي تحققت ، ورقما صعبا سيبقى ما بقي الهلال.
رحل كوراتي الهاش الباش، أخو الاخوان ، حلال العقد، فكاك الكرب، شيال التقيلة، المبادر دوما لعمل الخير، وترك فينا وفي كل من عرفه ، جرحا غائرا وحزنا عميقا، لا نظنه سيزول قريبا.
ولج العمل الاداري في الهلال صغيرا، وعندما اصبح عضوا بمجلس الادارة في نهاية السبعينات ،لم يكن عمره قد تجاوز الـ 25 عاما، ومع ذلك برز بشكل لافت، وساهم مع رفاقه في قيادة دفة النادي العملاق بنجاح.
كان محمد حمزة الكرواتي يحب ان يعمل في صمت بعيدا عن الشو ووسائل الاعلام، وكان يدفع للهلال بسخاء عن طيب خاطر، وقد ساعدته هذه الخاصية في تحقيق العديد من النجاحات، خاصة ايام التسجيلات.
وبفضل جهود كوارتي الوافرة ومساهماته القيمة ، ونبوغه الذي برز مبكرا، نجح الهلال خلال فترة الثمانينات، في تسجيل العديد من اللاعبين المبرزين، وانتزع آخرين كانوا اقرب للمريخ من الهلال.
اشتد الخلاف في بداية التسعينات ،بين مجلس عبدالمجيد منصور، قائد مجموعة الهلال للجميع، والهلال صدارة التي كان كوراتي أحد اذرعها القوية، ومع ذلك لم يتوقف كوراتي عن دعم الهلال في ذلك الوقت، كما علمت من الراحل عبدالمجيد بنفسه.
ذكر لي عبدالمجيد هذه الحالة، عندما زرته مرة في مكتبه بالبنك الاسلامي السوداني، وأبرز لي شيكا مصدقا بقيمة 200 الف جنيه من محمد حمزة، معنون باسم نادي الهلال.
لم يحجب عنا اخبار الهلال عندما كان سكرتيرا للنادي في منتصف التسعينات، ونحن في جريدة الرأي الآخر المعارضة، رغم الخلاف الشديد، بيننا نحن في مجموعة الهلال للجميع وبينهم في الهلال صدارة، بل وكان يخصنا بالاخبار الطازجة والمميزة.
كان على قناعة بأن الخلافات مهما بلغت شدتها ستزول، وستبقى ذكريات من الماضي، وأن المياه حتما ستعود إلى مجاريها، طالما ان الجميع مشتركين في حبهم للهلال.
صدق حدس أبا مهند عندما دارت الايام ، فطوى الجميع صفحة الخلافات، واصبحت علاقة قادة الهلال للجميع والهلال صدارة اقوى وأمتن، وعلى المستوى الشخصي لم تنقطع علاقتي الشخصية بالكوراتي في أي يوم من الايام.
في عام 1988 اسندت اليه رئاسة بعثة الهلال إلى زامبيا لمواجهة المحاربون وقد كنت من ضمن أعضاء تلك البعثة موفدا من رابطة الاعلاميين الرياضيين.
عرفت الرجل أكثر عن قرب في تلك الرحلة، ، واكتشفت فيه خصالا قل ان تتوفر في شخص واحد، فتوثقت العلاقة بيننا بعد ذلك، واصبحنا أكثر من أشقاء.
لم يخطيء الراحل الطيب عبدالله رئيس الهلال ،عندما اختاره رئيسا لبعثة الهلال إلى زامبيا في ذلك الوقت رغم صغر سنه، ورغم اعتراض البعض على الاختيار.
لم يخيب كوراتي ظن الطيب عبدالله ومن كلفوه بالمهمة، فقاد البعثة بنجاح، وعاد الهلال من هناك بتعادل سلبي ثمين، مهد الطريق لفوزه في ام درمان والتاهل لدور الثمانية في بطولة الاندية الافريقية الأبطال.
لم اشاهد كوارتي وهو في حالة غضب منذ ان عرفته منتصف الثمانينات، كان يملك قلبا كبيرا ، ونفسا طيبة، ودواخل نظيفة، وكان محبا للخير، وحمامة سلام بين المختلفين.
ساهم في اذابة جليد الخلافات بين العديد من المتخاصمين في الهلال، والوسط الرياضي، ونجح في اقناع الكثيرين بشطب عشرات القضايا من أمام المحاكم، بفضل القبول الذي كان يتمتع به من الجميع.
اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، واكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس.
والعزاء لنا جميعا، ولابنه المهندس مهند ووالدته واشقائه.
وداعية:
الموت نقاد يختار الجياد.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد