صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لمَ لا نقول للشرطة السودانية “أحسنتِ”..؟!

65

افياء
أيمن كبوش
لمَ لا نقول للشرطة السودانية “أحسنتِ”..؟!
تابعت بقلق بالغٍ لا يشبه ذلك القلق الذي تعبر عنه الأمم المتحدة وأمينها العام بُعيد كل كارثة، تلك المحاولات المستميتة والمتكررة ل”شيطنة” الشرطة السودانية وجرها جرا إلى مستنقع استخدام حق الرد، أو عليها أن تمشي عارية في الشوارع.. بلا هيبة ولا صولجان ولا قانون.
قد نفهم تلك الكراهية الأزلية التي يحملها بعض الناشطين السياسيين للشرطة.. وهي كراهية ربما ترتدي ثوب التعميم لكل ما هو “عسكري”، جيش.. شرطة.. أمن.. ولكن ما تتلقاه الشرطة الان من طعنات، جاء اغلبها من داخل البيت الشرطي.. حيث حاول بعض رجالها السابقين، مخالفة نواميس الطبيعة والقفز على الأعراف المرعية في احترام المؤسسة.. واحترام القائمين عليها، ويأتي هذا الاحترام والتقدير الموروث من منطلق ذلك الدور الدائر الذي يعرفه الشرطي منذ دخوله لهذه المهنة الصراط التي يفني فيها عمره ثم يغادرها بوفاء المدة أو الوفاة أو الاستغناء.. والأخيرة ممهورة بقاعدة ذهبية لا يتجاوزها من يعرف هذه السنة الماضية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، حيث يكتب “النوبتجي” على دفتر الخدمة الطويلة الممتازة هذه العبارة المستمدة من بيت الحكمة الشرطية “لو دامت لغيرك لما آلت إليك”.. يكتبها ويمضي في طريقه ليظل في هذا السفر الطويل وهو أكثر حبا للشرطة.. وأكثر شوقا لكاكيها وانضباطها وحكاويها.
بالأمس القريب، بتاريخ 30 يونيو المشهود في ضمير السودانيين، جاءت الشرطة السودانية بذات العراقة.. وذات الالق الذي تسنده مائة عام من التجربة، جاءت لتقدم كتابها بيمينها كحارس امين من حراس بوابة القانون في بلد المزاج المتقلب والمليون “عدو لنفسه “كانت كالعهد بها، ترباس الأمان الخارج من بيوتنا الطينية بتلك الهمة، ودراج الطريق العائد إلى بيوتنا بذات الانضباط والنشاط، هذا هو أداء الواجب، حيث لا عداوة شخصية مع احد، ولا ثأر خاص مع احد، شعار المؤسسة التي اختارت أن تكون من الشعب وإليه، قالت كلمتها على كتاب التاريخ وأكدت قدرتها على إبقاء الخرطوم واحدة من أكثر عواصم الدنيا آمانا.. دونكم ما قامت به رئاسة شرطة الولاية التي وضعت “الماكيت” والخطة وجاءت بالشاشات العملاقة التي ترى “دبيب النملة” ثم رفعت تمامها بحضور الوالي والمدير العام الفريق أول عادل بشائر وأركان سلمه وحربه في هيئة الشرطة ليكونوا شهودا على دخول الخرطوم بمحلياتها السبع في “فتيل” الأمن والأمان.
هذه هي الشرطة التي نعرفها، وهذه هي قيادتها التي لم تجد ولن تجد من يقول لها “أحسنت” وهذا هو قدرها في أن تقاتل عدوا مفترضا كان ينبغي أن يكون صديقا.. ولكن الأشد حزنا هو أن بعض الأعداء هم أولئك الذين صمتوا على مبدأ أن تكون قيادة الشرطة السودانية من منطقة جغرافية محددة طوال 30 عاما من عمر الكساح، بعيدا عن أي معايير مهنية أو كفاءة أو مؤهلات، لم ينطقوا بكلمة ولم يقولوا “لا” في وجه النظام السابق، وهاهم يخرجون من مغارات الصمت الطويل ليهدموا ارثا شيدته الأجيال السابقة بالأرواح والدماء.
اخيرا ابعث برسالة إلى بريد المواطن السوداني.. عندما تتطاول صفوف الوقود في السودان عموم، وتطل أزمة الدقيق والخبز لتمد لسانها، ويموت الناس في الشوارع بسبب انعدام الدواء وإغلاق المستشفيات، وتدخل الكهرباء عمدا في سكة “خطوة اتنين مستحيل” ، فلا حرج لدينا في أن نطالب بإقالة مدير الشرطة الفريق أول حقوقي عادل بشائر، نطالب بذلك بحجم تظاهراتنا لأننا نحب مدني عباس مدني، ونستحي من دكتور أكرم علي التوم ولا نعرف حتى اسم وزير الطاقة أو وزير الزراعة، أما مدير الشرطة فهو “حيطتنا القصيرة” والمتاحة التي ينبغي أن تتحمل مسؤولية كل الأخطاء التي تنوء بها فترتنا الانتقالية.
قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد